التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا
اختبار في سورة البقرة كاملة
بقلم : الرهيب
الرهيب
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ضبط الانوثة (آخر رد :الرهيب)       :: كن مع الله يكن معك (آخر رد :الرهيب)       :: اختبار في سورة البقرة كاملة (آخر رد :الرهيب)       :: رضيت برب الورى خالقي ، إنشاد سعيد البحري (آخر رد :الرهيب)       :: فضل صيام ستة أيام من شوال: (آخر رد :الرهيب)       :: المشروع عبارة عن ٣٨ صفة لنبي ﷺ للنساء فقط (آخر رد :الرهيب)       :: ❖ فضفضة حافظ ..💜☁️ (آخر رد :الرهيب)       :: 📚 رحيق القراءه (آخر رد :الرهيب)       :: آية في القرآن كررها كثيراً لأنها تحتاج إلي تدبر (آخر رد :الرهيب)       :: إذاعه القرآن الكريم من السعودية في جوالك على مدى 24ساعة* (آخر رد :الرهيب)       :: 🍃*خاطرة..* (آخر رد :الرهيب)       :: ‏قصة : الصحابي كلاب بن أمية (آخر رد :الرهيب)      



الخيمة الرمضانية 1444هـ قال تعالى / شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ

الإهداءات
الرهيب من الرياض : ‏قال الشيخ عبدالكريم الخضير - حفظه الله - الذّنب إذا تِيبَ منه لا يكونُ له أثرٌ، بل قد يكون صاحبه بعده خيرًا منه قبله .    

وأقبل شهر رمضان شهر القرآن

وأقبل شهر رمضان شهر القرآن ها هو ذا قد أقبل شهر رمضان يستقبله المؤمنون بالسعة والترحاب، ويُعرض عنه المنافقون بالجحود والعناد، تتهلَّلُ وجوه المؤمنين بِشرًا وسرورًا، وتعبَس وجوه المنافقين

Like Tree1Likes
  • 1 Post By مناار

إضافة رد

 
LinkBack أدوات الموضوع

قديم 05-31-2017, 01:10 PM   #1
 
الصورة الرمزية مناار
 

مناار سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي وأقبل شهر رمضان شهر القرآن

وأقبل شهر رمضان شهر القرآن

ها هو ذا قد أقبل شهر رمضان يستقبله المؤمنون بالسعة والترحاب، ويُعرض عنه المنافقون بالجحود والعناد، تتهلَّلُ وجوه المؤمنين بِشرًا وسرورًا، وتعبَس وجوه المنافقين كرهًا ونفورًا.

هذا هو شهر رمضان، شهر الصفح والرحمة والغُفران، شهر العفو والروح والرضوان، شهر الفَوز بالجنان، والعتق من النيران، شهر المساواة والمواساة والمُجازاة والمُعافاة، شهر الجود والكرم والسخاء، شهر البَهجة والفرحة والهناء، شهر تُشرِق فيه وجوه المؤمنين، وتُظلم وجوه الفاسقين، شهر تَنزل فيه الرحمات تتْرى تُنبت في قلوب المؤمنين الإيمان، وتَزيدهم هدى، وتزوِّدهم تُقى، وترفعهم درجات عُلا.

إذا كان المسلم يجد في قلبه شوقًا وحنينًا إلى شهر رمضان، يروم أن يُكثر فيه مِن الطاعات، ويَجتهد في العبادات، ويستجلب الرحمات، ويقوم بالدعوات، ويتمنَّى أن يرجع من الذنوب والخطايا كيوم ولدته أمه، فهذا دليل على صدق إيمانه، وسلامة صدره، وحسْن سريرته وطويته، ويُناديه ملَك من السماء: يا باغي الخير أقبل، فرمضان فرصة سانحة، ومناسبة غالية لتزكيَة النفوس وتطهير القلوب من صدأ المعاصي والذنوب، وميدان فسيح للتنافس والتسابق والتسارع إلى الخيرات والباقيات الصالحات، وفيه تدريب وتمرين وتعويد على اجتِناب المعاصي والسيئات، والسيطرة على اللذات والشهوات، والابتِعاد من الخوض في الموبقات والمُلْهيات، هذا ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، وبه يَهتدي الضالُّ والحَيران، ويتَّقي الحِرمانَ والخسران، ويَجتنب البغي والعدوان، وينأى عن الجُحود والنُّكران، ويسلك طريق الرشد والرضوان، ويَسير على درب الخير حتى يدخل الجنان دار السلام والقرار.

لقد عرَّف الله عز وجلَّ شهر رمضان بشهر القُرآن، وبه امتاز رمضان عن سائر العصور والأزمان، وفاق دونه من الشهور الأقران، وبه يتحقَّق للأمة الإسلامية عزُّها وكرامتها، ويعود لها مَجدُها وسعادتها، وبه يعلو قدرها، ويُرفَع شأنُها، ويسمو مكانها؛ ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16]، هذا هو القرآن الذي فضَّل الله رمضان بإنزاله فيه على غيره من الأزمان؛ يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: "يَمدح الله شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره مِن بينهنَّ لإنزال القرآن العظيم فيه؛ "تفسير ابن كثير" (1 / 501)، وجاء هذا القرآن هدًى للمتقين، والتقوى تنبت في القلوب، وتتحلى بها النفوس في شهر رمضان كما يقول الرب عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، والقرآن جلاء للقلوب من صدأ المعاصي والذنوب، لذا ورَد في الحديث النبوي الشريف ذِكرُ القرآن والصيام مقرونًا؛ ((القرآن والصيام يَشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي ربِّ، منعتُه الطعام والشهوات بالنهار فشفعِّني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفعِّني فيه))، قال: ((فيَشفَعان))؛ مسند أحمد: (11 / 199)، فالمؤمن الذي يشغل نفسه بالقرآن تلاوةً وتدبُّرًا وفهمًا وتذكُّرًا، ويسعى في القرآن عملاً به، ودعوة إليه، عملاً بأمره، واجتنابًا لنهيه يعيش هادئ البال، مرتاح النفْس، مُطمئن القلب، عزيزًا، كريمًا، سعيدًا، ومِن ترَك القرآن وأعرض عنه واتخذه وراءه ظهريًّا كان مُضطربَ القلب، مُشوَّش الأمر، مُفرَّق البال: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124].

هذا القرآن الكتاب الحق المبين، كتابٌ مُبارك، فالمُتمسِك به، والعاضُّ عليه مهما كان غنيًّا أو فقيرًا، حاكمًا أو محكومًا، يرى بركاتٍ ورحمات في حياته، وفي بيته وأهله، وبيعه وشرائه، بل في جميع أمور حياته، ويجد راحةً وطمأنينةً وهدوءًا في جميع الظروف والأحوال مهما كانت عصيبة وشديدة، ومهما كانت قاسية وشائكة؛ ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155] فالقرآن كتابٌ مبارك، وشهرُ رمضان شهرٌ مُباركٌ، والليلة التي أُنزل فيها القرآن ليلة مُباركة، لذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لله فيه ليلة خير مِن ألف شهر، مَن حُرم خيرَها فقد حُرم))، ويقول الرب عز وجل: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]، فالذي تعلم القرآن نالَ حظًّا وافرًا من رحمة الله عزَّ وجلَّ، والذي أعرض عنه ولم يُبالِ به واتَّخذه مَهجورًا فقد حُرم رحمة الله حرمانًا كبيرًا، وخَسر خسرانًا عظيمًا في الدنيا والآخرة؛ ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 121]، هذه الآية الكريمة تدلُّ دلالة واضحة على أنَّ المؤمنين الصادقين يتْلون كتاب الله حقًّا وصدقًا، والذين لا يتلونه لا يؤمنون به حق إيمانه، وترْك تلاوةِ كتاب الله يجرُّهم إلى الحرمان والخسران، هذا هو القرآن الذي لو جعله المسلمون شغلهم الشاغل ودستورهم الدائم لقادهم إلى العزِّ الشامخ والمجْد الباذخ؛ ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9] أي: يهدي لأقوم الطرُق وأوضَح السبُل في جميع مناحي الحياة البشرية الفردية والأسرية والسياسية والاقتصادية.

لقد شهد بعض القادة من غير المسلمين: أن القرآن "ما دام موجودًا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق"، فمَن جعل القرآن أمامه قادَه إلى كل خير، ومن جعله خلفه ساقه إلى كل شرٍّ، والقرآن أعظم شفيع لأصحابه عند الله عز وجل يوم القيامة؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ هذا القرآن شافع مشفَّع، وماحلٌ مصدَّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)) ويقول صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يوم القيامة شفيعٌ لصاحبه))، فتعلُّم القرآن وتدبُّره من أوجب الواجبات وأعظم الصالحات وأكبر الفرائض في الإسلام، وقد ورَد الأمر بتلاوة القرآن قبل الأمر بإقامة الصلاة في الإسلام إشعارًا بالأهمية والأفضلية المكتوبة للقرآن؛ يقول الرب عز وجل: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]، من هنا ندرك ما لتلاوة القرآن من الأهمية البالغة في الإسلام؛ يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ هذا القرآن مأدبة الله، فتعلَّموا من مأدبته ما استطعتم، إنَّ هذا القرآن هو حبل الله الذي أمر به، وهو النور البيِّن والشفاء النافع، عصمة لمن اعتصَمَ به، ونجاة لمن تمسَّكَ به، لا يَعوج فيقوَّم، ولا يزوغ فيُستعتب، ولا تَنقضي عجائبه، ولا يخلق عن ردٍّ، اتلوه فإن الله عزَّ وجلَّ يأجرُكم بكل حرف منه عشر حسنات، لم أقل لكم: الْم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"؛ المعجم الكبير للطبراني، رقم: (8646)، ويقول عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "عليكم بالقرآن فتعلَّموه وعلِّموه أبناءكم؛ فإنكم عنه ستُسألون، وبه تُجزون، وكفى به واعظًا لمن عقل"؛ فضائل القرآن للقاسم بن سلام، رقم: (10).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في تلاوة القرآن في شهر رمضان اجتهادًا لم يُرَ مثله في غيره؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلَرسولُ الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة"؛ صحيح البخاري، رقم: (6، 1 / 8).

لقد حمد الله نفسه على إنزال الكتاب على عبده إخبارًا أنَّ القرآن نعمة عظيمة ومنَّة جليلة ومِنحة طريفة لا يَسعها حمْد الإنس والجن ولا الملائكة، فأثْنى بنفسه على نفسه بما هو أهله، فالمسلمون عندما جعلوا القرآن نصْب أعينهم، واتخذوه قائدهم ورائدهم، وأخذوا بتعاليمه النيِّرة ووصاياه القيمة في جميع شُعب الحياة في الحكم والسياسة والسلوك والتجارة كانوا على قمة العز والكرامة والمجد والسعادة والحكم والسيادة، وإنَّ حياة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما حازوا مِن فتوحات وانتصارات على أعدائهم مع قلَّة عددهم وعتادهم لأَكبَرُ شاهد عليه؛ ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]، فالغفلة عن القرآن والإعراض عنه وتركه ونسيانه إيذانٌ بالذلِّ والهَزيمة والدمار، وجلب للشر والرذيلة والتبار، وهذا هو القرآن الذي يُخبرنا أن الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة في شُعَب الحياة كلها؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]، ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].

فهذه الآيات البينات تدلُّ دلالةً واضحةً على أن طاعة الرسول واتِّباع سنَّته وامتِثال أمره هي من دعوة القرآن الأساسية؛ ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

فليَنظر المسلمون في تعاملهم مع القرآن الكريم، هل تتلاءم أخلاقهم مع أخلاق القرآن؟ هل تتوافق طبائعهم مع طبيعة القرآن؟ هل ترضى نفوسهم بما جاء به القرآن من الهُدى وما يحميهم من الردى؟ هل يَسع صدورهم قبول ما جاء فيه من عقوبات ناجعة؛ مِن القصاص في القتل، وقطع اليد في السرقة، والجلد والرجم في الزنا والقذف؟ فالمسلم الصادق يتمنَّى ويتطلَّع إلى أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السُّفلى، وقد هيَّأ الله عز وجل للمسلمين اليوم فرصةً قيمةً، وحباهم بلادًا واسعة لتحكيم كتابه وسنَّة نبيِّه، ولكن وا أسفاه، المسلمون لم يَغتنموا هذه الفرصة، ولم يَشكروا هذه النِّعمة، فحكموا في الأرض وَفق أهوائهم ورغباتهم، ولم يأبَهوا بما أنزل الله من الأمر والنهي والرشد والخير، فحقَّ عليهم القول، وكانوا من الخاسرين، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47] نتيجة هذا الإهمال والإغفال أذاقهم الله سوء العذاب في هذه الحياة الدنيا ولعذاب الأخرة أشد وأكبر، ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65]، وكتَب الله لهم الذلَّ والخذلان، وألزمهم الخزْي والخُسران، وأدخلهم في حزب الشيطان؛ ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19].

فندائي إلى جميع إخوتي المسلمين في مَشارق الأرض ومغاربها أن يَهتبلوا الفرصة في شهر رمضان، ويُعظِّموا قدْر القُرآن ويَرفعوا شأنه، ويُعلوا مكانه في نفوسهم ونفوس أبنائهم وبناتهم وشبابهم وشيوخهم حتى تكون كلمة الله هي العليا، وأن نطَّلع على ما كان عليه السابقون من العناية الشديدة بالقرآن الكريم مدى العام عامة وفي رمضان خاصة؛ هذا قتادة رحمه الله كان يختم القرآن في كل سبع ليالٍ دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأخير منه في كل ليلة، وهذا إبراهيم النخعي رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليال، وفي العشر الأواخر في كل ليلتين، وهذا سفيان الثوري رحمه الله إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وهذا محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة، وهذا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن في ركعة من صلاته ويقول هو: "لو طهرتْ قلوبنا لما شبعت من كلام الله" رحمهم الله جميعًا ورضي عنهم، لمثل هذا فليعمل العاملون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!

وليعلم المسلم أن التدبُّر في القرآن فريضة من فرائض الإسلام وشعيرة من شعائره، وواجب مِن واجباته، وبدونه لا يتمُّ إيمانه ولا يتحقق إسلامه؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، يقول الحسن البصري رحمه الله: "يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن ثم آمنتَ به ليطولنَّ في الدنيا حزنُكَ، وليشتدنَّ في الدنيا خوفك، وليكثرنَّ في الدنيا بكاؤك".

وإنَّ علماء الأمة الإسلامية تتعاظَم مسؤوليتُهم وتتضاعَف في هذا الصدد أكثر من ذي قبل؛ يقول ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره "تفسير القرآن العظيم": "فالواجب على العلماء الكشْف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتعلُّم ذلك وتعليمه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77] فذمَّ الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله، فعلينا - أيها المسلمون - أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به مِن تعلُّم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهُّمه وتفهيمه؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الحديد: 16، 17]، "ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يُحيي الأرض بعد موتها كذلك يُلين القلوب بالإيمان بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمَّل المسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كريم"؛ (مقدمة ابن كثير1 / 6)، وصلى الله تعالى على خير خلقِه وعلى آله وصحبه، وبارك وسلم.





,Hrfg aiv vlqhk hgrvNk

عبق الورد likes this.



مناار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-31-2017, 08:01 PM   #2
 
الصورة الرمزية عبق الورد
افتراضي رد: وأقبل شهر رمضان شهر القرآن

جزاكم الله خير وبارك الله بكم



عبق الورد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-31-2017, 10:26 PM   #3
 
الصورة الرمزية abuzeed
افتراضي رد: وأقبل شهر رمضان شهر القرآن

جزيت خيراً



abuzeed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رمضان واحة الإيمان " شهر القرآن" (3-14 ) نسمة هدوء الخيمة الرمضانية 1444هـ 3 06-16-2016 08:58 PM
برامج تحريف "القرآن الكريم" والترويج الخبيث ينشط في "رمضان" علي بن قحمان القرني المواضيع الاسلامية 1 07-10-2014 08:56 AM
حياة مع القرآن في رمضان عبق الورد الخيمة الرمضانية 1444هـ 3 07-08-2014 11:41 AM
تنظم جمعية تحفيظ القرأن بالعرضية الشمالية في رمضان دورة ربيع القلوب علي بن قحمان القرني مكتب الدعوة بنمرة 4 07-04-2014 03:12 AM
رمضان شهر القرآن mms أبو عماد الهواتف المحمولة و الإتصالات 8 08-17-2011 11:35 PM

Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap  دليل المنتديات


الساعة الآن 12:38 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75