التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا
تهنئة …للإستاذ الدكتور " محمد حامد البحيري" بمناسبة تعيينه وكيلاً للشؤون الإدارية في جامعة الملك خالد
بقلم : علي بن قحمان القرني
الرهيب
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ❖ فضفضة حافظ ..💜☁️ (آخر رد :الرهيب)       :: تهنئة …للإستاذ الدكتور " محمد حامد البحيري" بمناسبة تعيينه وكيلاً للشؤون الإدارية في جامعة الملك خالد (آخر رد :علي بن قحمان القرني)       :: ✍ خواطر جميله (آخر رد :الرهيب)       :: ضبط الانوثة (آخر رد :الرهيب)       :: *💫 #علمتني_آية 💫* (آخر رد :الرهيب)       :: اجرى الأستاذ " محمد احمد محمد بركات الـ سعيد " عملية جراحية بمستشفى الباحة (آخر رد :علي بن قحمان القرني)       :: تهنئة تخرج " إياد مبارك احمد جمعان " من جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تخصص ( طب طوارئ) (آخر رد :علي بن قحمان القرني)       :: حكم ذهبية مميزة لن تمل من قراءتها* (آخر رد :الرهيب)       :: كن مع الله يكن معك (آخر رد :الرهيب)       :: 【لا تكـن إمَّعـة】 (آخر رد :الرهيب)       :: إلى رحمة الله " مهدي بن بلغيث ال سعيد القرني" والصلاة عليه عصر اليوم في مسجد العباس بالطائف (آخر رد :الرهيب)       :: دورة اصحاب السبت الاشتراك بها مجانا (آخر رد :الرهيب)      



الخيمة الرمضانية 1444هـ قال تعالى / شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ

الإهداءات
الرهيب من الرياض : ‏لا تقلق و ربك الله، ولا تحزن وأمرك بِيد الله، ولا تيأس والأمل كله في الله."    

الصيام ودورة المراقبة

الصيام ودورة المراقبة أولًا: تعريف المراقبة: إخوة الإسلام، المراقبة معناها: دوامُ علمِك بأن الله لا يَخفى عليه شيءٌ من أمرك؛ قال ابن المبارك لرجل: راقِب الله تعالى، فسأله

إضافة رد

 
LinkBack أدوات الموضوع

قديم 06-07-2017, 03:19 PM   #1
 
الصورة الرمزية مناار
 

مناار سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي الصيام ودورة المراقبة

الصيام ودورة المراقبة


أولًا: تعريف المراقبة:
إخوة الإسلام، المراقبة معناها: دوامُ علمِك بأن الله لا يَخفى عليه شيءٌ من أمرك؛ قال ابن المبارك لرجل: راقِب الله تعالى، فسأله عن تفسيرها، فقال: كن أبدًا كأنك ترى الله عز وجل[1].

يصوِّر الله تعالى لنا المراقبة الكاشفة لجميع الأحوال والأعمال في آية من كتابه العزيز، فيقول جل شأنه: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
وسُئِل الحارث المحاسبي عن المراقبة، فقال: عِلم القلب بقُرب الله تعالى[2].

ثانيًا: الصيام دورة للمراقبة:
الصيام هو دورة مكثَّفة لتحقيق منزلة المراقبة، فالصوم يُعلِّم الصائم كيف يكون مراقبًا لله تعالى في جميع أحواله وأفعاله، فهو يَغرِس المراقبة ويُنميها في نفس الصائم، وإذا أردنا أن نَنظُرَ إلى ذلك عن كَثَبٍ، فتأمَّلوا عباد الله:
الامتناع عن الطعام والشراب الذي به قِوام البدن: كيف جعل الصومُ الصائمَ يَمتنع عنه وهو يستطيع أن يتناوله، فلو دخل الصائم حجرته وأغلَق عليه بابه، ثم أكل وشرِب، ثم خرج للناس يَتزيَّا بزي الصُّوَّام، ما كذَّبه أحد، ولا شكَّ في صيامه أحد، بل إنه ربما يكون وحْده، فينسى فيشرب أو يأكل، فتجده يتألَّم من ذلك، ويأتي المشايخ والعلماءَ؛ ليسألهم عن صحة صيامه، وهل عليه قضاء ذلك اليوم أم لا؟! ما الذي جعله يتألَّم ويتحرَّج من ذلك؟ إنها مراقبة الله تعالى في السرِّ والعلانية.

الامتناع عن الشهوة: ربما يكون الصائم في فراشه بجوار زوجِه الحسناء في أبهى صور الجمال، وعلى الرغم مِن تزيين الأمر له، وإثارة شهوته، فإنه يَعتصم بالله ويَضبط شهوته! ما الذي جعله يَمتنع عن شهوته؟ إنها المراقبة!

حفظ اللسان وسائر الأعضاء عن الذنوب والمعاصي؛ أي: صيام الجوارح:
من كان يقع في الغيبة أمسَك لسانه، ومن كان يشاهد المحرَّمات غضَّ طَرْفَه، ومن كان يستمع إلى الغناء والمُكاء، صان سمعَه.
ما الذي جعل منه إنسانًا تقيًّا؟ إنها المراقبة!

انظر إلى الفتيات وإلى النساء عامة، من كانت متبرجة غطَّت مفاتنها وكفَّت نفسها، ولم تخرج إلا وهي على قدم الحياء، ما الذي جعلها تتحوَّل إلى ذلك؟ إنها المراقبة!
حقًّا إن رمضان دورة مكثفة لتحقيق المراقبة لله تعالى، حتى أصبح الصائم يعبد الله تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، وتلك قمة الإحسان التي خبَّر بها النبيُّ العدنان صلى الله عليه وسلم.

الموظف والعامل الذي كان يتعامل بالرِّشوة والمحسوبية، تراه في نهار رمضان قد خاف ربَّه ونزَّه يديه عن تلك المحرَّمات.
ما الذي جعله يكفُّ عن عادته؟ إنها المراقبة!
فالصوم هو دورة مكثفة؛ ليتخرج المسلم والمسلمة بعدها وقد حقَّق الإسلامَ والإيمان والإحسان.
فكم من تائبٍ قد كان ميلاده في رمضان! وكم من عاصٍ كانت بداية طاعته في رمضان!
وكم مِن مُفرِّط في الفرائض كانت بداية مواظبته عليها في رمضان!

ثالثًا: فضائل المراقبة:
واعلموا - عباد الله - أن للمراقبة ثمراتٍ وخيرات؛ فهي رافعة للدرجات، ماحية للسيئات، مُقرِّبة من ربِّ الأرض والسماوات، عاصمة من لُجَّة المعاصي والشهوات، وإليكم بيان ذلك:
1 - تُبعد العبد عن المعاصي، وتُقرِّبه من ظل عرش الله تعالى:
وهذه من أعظم الفضائل والثمرات؛ حيث إن المرقبة ما هي إلا جُنَّة تَحمي صاحبها من الوقوع في معصية الله، وهي حِصن يَلوذ به المسلم من عدوِّه، فتكون النتيجةُ العصمةَ الربانيَّة والمظلة الرحمانية؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((سبعة يُظلهم الله في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبُه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمَعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دعتْه امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله))[3].

فالباعث لهؤلاء السبعة هو الخوف والخشية من الله تعالى.
قال حميدٌ الطويل لسليمان بن علي: عِظني، فقال: لئن كنت إذا عصيتَ خاليًا، ظننتَ أنَّه يراك، لقد اجترأتَ على أمر عظيمٍ، ولئن كنتَ تظنُّ أنه لا يراك، فلقد كفَرتَ[4].

وقال ابن القيم رحمه الله: "وأرباب الطريق مُجمِعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر، سببٌ لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقَب الله في سرِّه، حَفِظه الله في حركاته في سرِّه وعلانيته"[5].
وقيل لبعضهم: متى يَهُشُّ الراعي غنمَه بعصاه عن مَراتع الهَلَكة؟ فقال: إذا علِم أنَّ عليه رقيبًا[6].
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمةٍ الصيام ودورة المراقبة space.gif
والنفسُ داعيةٌ إلى الطُّغيانِ الصيام ودورة المراقبة space.gif

فاسْتَحْيِ مِن نظرِ الإلهِ وقلْ لها: الصيام ودورة المراقبة space.gif
إن الذي خلَق الظلامَ يَراني الصيام ودورة المراقبة space.gif


وقال آخر:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تَقُلْ الصيام ودورة المراقبة space.gif
خلوتُ ولكن قلْ عليَّ رقيبُ الصيام ودورة المراقبة space.gif

ولا تَحسبنَّ الله يَغفُل ساعةً الصيام ودورة المراقبة space.gif
ولا أنَّ ما تُخفيه عنه يَغيبُ الصيام ودورة المراقبة space.gif

ألم ترَ أنَّ اليوم أسرعُ ذاهبٍ الصيام ودورة المراقبة space.gif
وأنَّ غدًا للناظرين قريبُ الصيام ودورة المراقبة space.gif


إن شابًّا وقع أسيرًا لشهوته، رأى فتاة فراوَدها عن نفسها، وقال لها: لا يرانا أحد؛ ومَن يرانا في ظلام كهذا غيرُ الكواكب؟! فقالت: وأين مُكوكِبُها؟ فقام وترَكها.
قال رجل للجنيد: بِمَ أستعين على غضِّ البصر؟ فقال: بعِلمك أن نظر الناظر إليك أسبقُ من نظرك إلى المنظور إليه[7].
وقال رجل لوُهَيب بن الوَرْد رحمه الله: عِظني! قال: اتَّقِ أن يكون الله أهونَ الناظرين إليك[8].

أتى رجل إبراهيمَ بن أدهم رضي الله عنه، فقال: يا أبا إسحاق، إني مُسرف على نفسي، فاعرِض عليَّ ما يكون لها زاجرًا ومُستنقذًا، فقال إبراهيم: إن قبِلت خمس خِصالٍ، وقدَرْتَ عليها، لم تَضرَّك المعصية، قال: هاتِ يا أبا إسحاق، قال: أما الأولى: فإذا أردت أن تعصيَ الله تعالى فلا تأكل من رزقة! قال: فمِن أين آكل وكلُّ ما في الأرض رزقه؟ قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رِزقه وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثانية، قال: وإذا أردتَ أن تَعصيه فلا تسكن شيئًا من بلاده! قال: هذه أعظم! فأين أسكن؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه؟! قال: لا، هاتِ الثالثة، قال: وإذا أردت أن تَعصيه وأنت تأكل رزقه وتسكن بلاده، فانظر موضعًا لا يراك فيه، فاعْصِه فيه! قال: يا إبراهيم، ما هذا وهو يَطَّلِع على ما في السرائر؟! قال: يا هذا، أَفَيَحْسُنُ بك أن تأكُلَ رزقه وتسكن بلاده وتَعصيه، وهو يراك ويعلم ما تُجاهر به وما تَكتمه؟! قال: لا، هاتِ الرابعة، قال: فإذا جاءك مَلكُ الموت ليَقبِض رُوحَك، فقل له: أخِّرني حتى أتوب توبة نصوحًا، وأعمَل لله صالحًا، قال: لا يَقبل مني! قال: يا هذا، فأنت إذا لم تَقدِر أن تَدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه إذا جاءك لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟! قال: هاتِ الخامسة، قال: إذا جاءك الزَّبانِيَة يوم القيامة ليأخذوك إلى النار، فلا تذهب معهم! قال: إنهم لا يدعونني ولا يَقبلون مني، قال: فكيف ترجو النجاةَ إذًا؟! قال: يا إبراهيم، حَسْبي، حَسْبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه!

عن الأصمعي قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيتُ أعرابيًّا يطوف، فذكر قصة أعرابية، قال: قلت: فبينك وبين مَن تهوى شيء؟ قال: لا، إلا ليلة فإني رُمْتُ منها شيئًا، فقالت: أما تَستحيي؟!
قلت: وممن أستحيي فلا يَرانا إلا الكواكب؟!
قالت: فأين مُكوكبُها؟![9].

2- تحسين العبادة وأداؤها على أكمل وجه:
ومن فضائل المراقبة تحسين الطاعة لله تعالى؛ لعِلم العبد بعِظَم الربِّ، وأن العظيم سبحانه جميل لا يَقبل إلا الجمال، ومن العمل إلا ما له وَصْفُ الكمال والجمال، وهذا ما نراه في مدرسة رمضان، فقد زيَّنوا الصيام بحفظ الجوارح، وزينوا الصيام بقراءة القرآن؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن تَعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))؛ متفق عليه[10].

فالمرتبة الأولى عبادة شوق وطلب، فإن تعذَّر عبدتَ عبادة خوف وهربٍ، فالحديث صريح في أن مراقبة الله تدعو إلى تحسين العبادة؛ قال ابن منظور رحمه الله: "مَن راقَب الله أحسَن عمله"[11].
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يُحب إذا عمِل أحدكم عملًا أن يُتقنه))[12].

عن معاذ رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أَوصني، قال: ((اعْبُد الله كأنَّك تراه، واعدُد نفسَك في الموتى، وإن شئتَ أنبأتُك بما هو أملكُ بكَ من هذا كلِّه))، قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: ((هذا))، وأشار بيده إلى لسانه؛ رواه ابن أبي الدنيا.

3 - سبيل إلى جنة عالية:
من أعظم ثمرات المراقبة الجنة وما فيها من نعيم مقيم، فالله تعالى وصف لنا سكناها، فقال جل جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].
وقال الله تعالى في وصف حال أهل الجنة: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 25 - 28].
وأعدَّ لهم جنتينِ، فقال سبحانه: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 46، 47].

4 - إجابة الدعاء:
لأننا بحاجة إلى الله، وليس منا أحد يستغني عن الله لحظةً واحدة، فحاجتنا إلى الله دائمةٌ، ومِن ثَمَّ فنحن نحتاج إلى إجابة الدعاء، وقضاء الحاجة، ونحتاج إلى المدد من الله، وإجابة الدعوات لا تكون إلا لمن راقَب ربه مراقبةً صادقةً، ولا أدل على إجابة الدعاء من قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت أول المطر إلى الغار، دخلوا الغار وانحدَرت صخرة بأمر الله، فسدَّت عليهم الغار، فأصبحوا داخل صخرة مُصلتة، توسلوا إلى الله بمراقبتهم له.

الأول: راقَب الله في والديه، فانفرج ثُلُثها.
الثاني: راقَب الله في عِرض بنت عمِّه، فانفرَج ثُلُثها الثاني.
الثالث: راقب الله في الأمانة فحفِظها ونمَّاها، فانفرج ثُلُثها الثالث.
ففرَّج الله عنهم كربهم بمراقبتهم له، راقبوه حال الرخاء، فأجاب دعاءَهم حال الشدة.

رابعًا: عقوبات من لم يراقب رب الأرض والسماوات:
1 - الجُرأة وعدم المراقبة صفة من صفات المنافقين:
قال تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 107، 108].

والمعنى: "يَستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله تعالى ولا يَستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعِلمه، مُطلع عليهم حين يُدبِّرون ليلًا ما لا يَرضى من القول، وكان الله تعالى محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يَخفى عليه منها شيء"[13].

2 - الإفلاس يوم القيامة:
عن ثَوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتُون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تِهامة بيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا))، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفهم لنا، جَلِّهم لنا أنْ لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: ((أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خَلَوْا بمحارم الله انتهكوها))[14].

3 - الانتكاس عن الطاعة:
لَخَّص أحد علماء السلف رحمهم الله نتيجة ذنوب الخلوات في جملة وكأنها معادلة حسابية، فقال رحمه الله: (ذنوب الخلوات انتكاسات، وطاعات الخَلوات ثبات، فلو رأيت أحدًا ممن كان مشهورًا بالالتزام، معروفًا عند أهل الخير والإقدام، لو رأيته على حال أخرى، لو رأيته وقد تبدَّل حاله وانتكس، فاعلم أن الأمر لم يكن صدفة، ولم يأت بَغتةً، فإنه بارَز الله بالمعاصي في الخَلوات، حتى تكاثَرت على قلبه، فظهرت في العلَن).

وكان السلف رحمهم الله يعرفون صاحب معصية الخلوة، فإن لها شؤمًا يظهر في الوجه، ويظهر في ضَعف إقباله على الطاعات؛ قال أبو الدرداء لسالم بن أبي الجعد:
ليَحذر امرؤ أن تُبغضَه قلوبُ المؤمنين من حيث لا يشعر، قال: أتدري ما هذا؟! قلت: لا، قال: العبد يَخلو بمعاصي الله عز وجل، فيُلقي الله بُغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر![15].

خامسًا: الطريق إلى المراقبة:
أخي المسلم، فإن سألت عن الطريق الموصِّل إلى مراقبة الله تعالى، وكيف يكون العبد من أهلها؟ فإليك الطريق الذي سار عليه العارفون فوصلوا إلى قمة المراقبة والخوف من الله تعالى:
1- تعرَّف على الله تعالى بأسمائه وصفاته:
فالإيمان بأسماء الله تعالى: الرقيب، والحفيظ، والعليم، والسميع، والبصير، والتعبُّدُ لله تعالى بمقتضاها يورث مراقبة الله تعالى، فالرقيب الذي يَرصُد أعمال عباده، والحفيظ الذي يحفظ عباده المؤمنين، ويُحصي أعمال العباد، والعليم الذي لا تخفى عليه خافيةٌ من أمور عباده، والسميع المدرِك للأصوات، والبصير الذي يرى كل شيء؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]، وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، وقال: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

والإيمانُ بأنَّ الله تعالى سميع - يَمنع من أن يَصدُر عن المسلم كلامٌ يُسخط الله؛ إنَّ عائشة رضي الله عنها لَمَّا جاءت المجادِلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفتها تشكو زوجها، غاب عن سمعها كثيرٌ من كلامها، فلما نزلت السورة قالت: "الحمد لله الذي وَسِعَ سمعُه الأصواتَ، لقد جاءت المجادِلةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فَأَنْزَلَ الله عز وجل: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾ [المجادلة: 1]"[16].

قال ابن الجوزي رحمه الله: (الحقُّ عز وجل أقربُ إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامَل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد بيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهَّال تستشعر البعد؛ ولذلك تقع منهم المعاصي؛ إذ لو تحقَّقت مراقبتهم للحاضر الناظر لَكَفُّوا الأكفَّ عن الخطايا، والمتيقِّظون علِموا قُربه، فحضرتهم المراقبة، وكفَّتْهم عن الانبساط)[17].

2 - شهادة الجوارح يوم الفضائح:
قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت: 20 - 24].
وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].
أنا من خوفِ الوعيدِ الصيام ودورة المراقبة space.gif
في قيامٍ وقعودي الصيام ودورة المراقبة space.gif

كيف لا أزداد خوفًا الصيام ودورة المراقبة space.gif
وعلى النار وُرودي الصيام ودورة المراقبة space.gif

كيف جَحدي ما تجرَّأْ الصيام ودورة المراقبة space.gif
تُ وأعضائي شُهودي الصيام ودورة المراقبة space.gif

كيف إنكاري ذنوبي الصيام ودورة المراقبة space.gif
أم تُرى كيف جُحودي الصيام ودورة المراقبة space.gif

وعليَّ القول يُحصى الصيام ودورة المراقبة space.gif
برقيبٍ وعتيدِ الصيام ودورة المراقبة space.gif


وقال آخر:
العمرُ يَنقُص والذنوبُ تَزيدُ الصيام ودورة المراقبة space.gif
وتُقال عَثْراتُ الفتى فيَعودُ الصيام ودورة المراقبة space.gif

هل يَستطيع جُحودَ ذنبٍ واحدٍ الصيام ودورة المراقبة space.gif
رجلٌ جوارحُه عليهِ شُهودُ الصيام ودورة المراقبة space.gif

3 - شهادة الأرض:
تذكَّر أخي - إذا دعتْك نفسُك إلى معصية الله تعالى - أن الأرض التي أنت عليها رقيبةٌ شهيدة عليك، ستشهد عليك يوم القيامة؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1 - 5].

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4]، فقال: ((أتدرون ما أخبارُها؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أخبارَها أن تَشهَد على كل عبدٍ وأَمَةٍ بما عمِل على ظهرها، أن تقول: عمِلت كذا وكذا يوم كذا وكذا، قال: فهو أخبارُها))[18].

4 - تذكَّر أنك مراقَب مِن قِبَل ملائكة كِرام يكتُبون كل صغيرة وكبيرة:
يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ *مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 18].

يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "في الرقيب ثلاثة أوجه: أحدها: أنه المتتبِّع للأمور، الثاني: أنه الحافظ؛ قاله السُّدي، الثالث: أنه الشاهد؛ قاله الضَّحَّاك، وفي العتيد وجهان: أحدهما: أنه الحاضر الذي لا يَغيب، الثاني: أنه الحافظ المُعَد؛ إما للحفظ، وإما للشهادة"؛ انتهى[19].

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ﴾ [ق: 17]؛ يعني: الملَكينِ اللذينِ يكتبان عمل الإنسان، ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]؛ أي: مترصد، ﴿ مَا يَلْفِظُ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ابن آدم ﴿ مِنْ قَوْلٍ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ما يتكلَّم بكلمة، ﴿ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ أي: إلا ولها مَن يُراقبها مُعتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]"؛ انتهى[20].

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "﴿ رَقِيبٌ ﴾ [ق: 18]: مراقِب ليلًا ونهارًا، لا يَنفكُّ عن الإنسان، ﴿ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]: حاضر، لا يمكن أن يَغيب ويُوكِّل غيره، فهو قاعد مراقِب حاضر، لا يفوته شيء"؛ انتهى[21].

ويقول جل شانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18].

اللهم ارزقنا البصيرة في آياتك، وزِدنا بك علمًا، ولك حبًّا، ومنك خشيةً، فاللهَ نسأل أن يزيدنا إيمانًا مع إيماننا، وأن يجعلنا من المعتبرين بمواطن العِبر.
اللهم اجعل ما أنزلتَ علينا من الخير عطاءَ بركةٍ ونعمة، لا عطاء استدراجٍ ونِقمة.
اللهم اجعله عونًا لنا على طاعتك، واجعلنا ممن إذا أُعطِي شكر، وإذا أذنَب استغفر، وإذا ابتُلي صبَر.









hgwdhl ,],vm hglvhrfm




مناار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-2017, 07:39 PM   #2
افتراضي رد: الصيام ودورة المراقبة

جزاكم الله خير وبارك الله فيكم



الرهيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فوائد الصيام العشرفوائد الصيام العشر ماجد محمد محمود المواضيع الاسلامية 2 06-05-2017 04:05 PM
كيف تكشف كاميرا المراقبة في غرفة الفندق وغرفة تبديل الملابس حركات المواضيع العامة 7 01-12-2012 08:38 PM
درجات المراقبة أبو عبدالمحسن المواضيع الاسلامية 6 10-30-2010 02:25 PM
فريق الشامل(بني بحير) ودورة قلوة المحترف منتدى الرياضة البحيرية 4 08-25-2009 05:54 AM
درجات المراقبة abuzeed المواضيع الاسلامية 0 08-01-2009 02:52 PM

Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap  دليل المنتديات


الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75