منتديات بني بحير بلقرن - وسقط العش ... وطارت الحمامة ...

وسقط العش وطارت الحمامة ...

في ذلك البستان الأخضر ... كان ذلك العش الأكبر بين تلك الأعشاش المتناثرة تارة والمنتظمة تارة ... على رؤوس تلك الأشجار التي استمدت اخضرارها من اهتمام اهل البستان بمالك العش وساكنته ...كان الصباح كالعشي حركة دؤوبة وخروج ودخول .... كانت الحياة طبيعية ... لايعكرها الا ماء السماء ... وعنفوان الهواء ....

وذات صباح استيقظ طيرنا المحظوظ من عشه على ايقاع عشيقته او شريكته في نفس الغصن ...وهو ذلك الطير المهاب الذي لا يداس له جناب ... ولايقبل حتى العتاب .... صحى واستيقظ ... وفي قلبه ايقظ .... مشروعا كبيرا ... لا يحمل هم نفسه او هم شريكة حياته بل هما اكبر واجل لخصه في خطبته بقوله ...

( طير آخر سطى على البستان وتجبر .... وعلى اقرانه تكبر... واضحى لشؤون البستان والطيور يتدبر ... ان المصاب جلل ... وزمن العدل افل ... والحال مثقل بالكلل والملل ...)

فكر صاحبا او طيرنا وفكر ... وتأمل وقدر .... وللأحداث تدبر ... ومن قصص الأوائل تعبر ... فكان لابد من الصراع ... ولامناص من الأوجاع ...
فعقدت الإجتماعات وتكررت اللقاءات ودبرت المؤامرات ... وانشقت الصفوف ... ولمعت السيوف . وخلت الكفوف .. وبانت كؤوس المنايا والحتوف ...
فئة لطيرنا الحزين .. وفئة مع الطير المعتوه ... الفئة الأولى كان همها الحق ورد الملك لأهله ... والفئة الثانية كان شعارها الإصلاح وديدنها التغيير ولكن الحقيقة كانت طمعا في مال او منصب ... هذا الملخص الظاهر من الأحداث ...

ولكي تكون المنافسة عادلة ... كان لابد من طرف محايد يدير المنافسة ويحكم بفوز خصم على منافس ...

فكان لحكيم البستان الكلمة الفصل ... والقول العدل ... والسيف والنصل ....فقرر بعد تفكير ان يكون تقرير المصير بجانب الغدير ... وعلى حبة وقطمير ...
فالتقاء الجمعان هناك ... وفوزك ماكسبت يداك ... وخسارتك شؤم وهلاك ...

رمى الحكيم حبة ذرة ومن بعدها بذرة ومن يلتقط الأولى بمنقاره ... والأخرى بجناحه ... فهو السيد المطاع ... والملك القادم وان فشل الخصمان يبقى الحال على ذاته الى ان يتقرر طريق آخر يفوز سالكه ويتقهقر مخالفه ...
فشل الإثنان ... وسقطت البذرة على صخرة والحبة على قطرة ... والطير الثاني طار والأول حار ... في القصة والقرار ...

فتعقدت المشكلة وزاد الوضع سوء ا ........

قرر الحكيم بعد تأمل ... ان يعقد سباق تحمُل ... ومن بعده سباق تجمُل ...
فجهز الجهاز ... واعد العتاد .... وعقد المزاد ... وابتدأ العدَاد ...
بدأ الطير الأول وانطلق ... والى جزيرة الموت حلَق ... طار وطار ... ولكن في نهاية المطاف وقع على شراع سفينة ..
اما الطير الثاني فقد كان كسولا واناني ... لما رأى الأول فشل ... قرر الا يطير .. ولا يتعب النفس بالمسير .... فطار برهة وعاد للمدينة ...
فكان لابد من الجوء الى مشروع التجمُل ... صبغ الطير الأول نفسه بالألوان ... واكتسى بأجمل الثياب وتطيب بأرق الأطياب .... وصعد للمنصة ...
اما الطير الثاني فقد قص ريشه بعناية ... ولبس قفازا .... وأخذ عكازا ... وصعد المنصة على مهل ...
أتت الحسناء الجميلة ...التي هي ملكة جمال الطيور أتت بعيونها مغرورة ... وبالتنظيم مبهورة ... ولكن من المتسابقين مقهورة ... فحكمت على الإثنين بالحرمان ... وكافئتهم بالإستبعاد ...
ومن بعدها فض الإجتماع بلا حل ولا عقد ... ولا سكوت ولانقد ... بل كانت فوضى عارمة ونارا ضارمة ...

وهنا اسقط في يد الحكيم ... فقرر الضربة القاضية ... والمعركة القاضية بتأهل الفائز ولا سبيل الا الفوز لإحدهما ...

ضربت للحلبة اوتادا ... وحرسا وقوادا .... وخيولا وعتادا ... وبدأ العد التنازلي يقترب صبيحة الغد معركة ... يفوز فيها القوي ويطرد من البستان الغوي ...
وقبل ان يطلع الفجر ...ويتنفس الصبح ... جرت الريح بما لاتشتهي السفن ...

هبت رياح عاتية لم تشهد البلاد مثلها ... ولم يسمع بقوتها قبلها .... كسرت الأشجار والأغصان ... وأتت على كل شئ بلا هوادة ...

فتطاير رذاذ الأعشاش .... ولم يبق للدار بقية ... سقط الغصن والمعشوقة ... وزال الملك وشوقه ....

وسقط العش وطارت الحمامة .... وصاحت اليمامة وجاوبت تهامة ..... بعدا للملامة واهلا بالحق ومقامه ....

كشف الناس الألاعيب ... وتفطنوا .... للدسائس والأكاذيب ... وعلموا ان كل ماحدث هي قصة ولعبة هدفها هز استقرار البستان .... والتفرد بالحكم والسلطان ...وتلميع النفس على حساب النفوس المتنافسة في نفس المنافسة ...
ولاحقيقة للحرب ... ولا داعي للضرب ... والتباكي على الدرب .....
ومن بعد ذلك قبض على الطير الأول في حانة ... مع اعوانه ... يتداورون الكأس والخمور ... ويلعبون القمار بحبور ...

فبعد للطير وعشه ... وبعدا له ولعرشه .... فقد كشفت الرياح ضعف بيت العنكبوت ....

اعذب التحايا ...
انفاس حرف ......