منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.binybohair.com/vb/f3/)
-   -   📌🔵 شرح الاربعين النوويه (http://www.binybohair.com/vb/binybohair50650/)

الرهيب 06-06-2020 09:49 PM

📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
📌🔵 إعلان

الحمدلله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ:
فقد ألَّف العلماء كُتُباً كثيرةً في «الأربعين»، أشهرها: «الأربعون النوويَّة»، وهي أربعون حديثاً من أحاديث النبي ﷺ جَمَعَها الإمام النووي ليحفظها طلبة العِلْم وليتفقّهوا في معانيها، وقد يسر الله في هذه المجموعة نشرها مرتين فله الحمد والمنة.
ومن الكُتُب التي جَمَعَتْ أربعين حديثا: كتاب «الأربعين في دلائل التوحيد» للهروي، وكتاب «الأربعين الإلهيَّة»، لابن المُفَضّل، وكتاب «الأربعين البُلْدانيَّة» لابن عساكر، وغيرها كثير.
ومن المؤلفات الحديثة في جمع الأحاديث على غرار هذا:
«الأربعون الوِلْدانيّة»
وقد جمع المؤلف أربعين حديثاً من الأحاديث القِصار، في موضوعاتٍ شرعيَّة متنوِّعة؛ وذلك لكي يحفظها الشباب الصِغار (والكِبارُ أيضًا)، وليتفقَّهوا فيها، وكلُّها من الأحاديث الصحيحة التي اتَّفق على إخراجها الإمامان الكريمان البخاري ومسلم، أو من الأحاديث التي أخرجها واحدٌ منهما، رحمة الله عليهما.
وقد شرح المؤلف كُلَّ حديثٍ من أحاديث «الأربعين الوِلْدانيّة» شَرْحاً يُبَيِّن المُرادَ إجمالاً، مُراعياً في ذلك الاختصار والوضوح قدْرَ الإمكان.
قال المؤلف:
وَلِي أملٌ عظيم، ورجاءٌ كبير، في أن يتقبّلها الله تبارك وتعالى بقبولٍ حَسَن، وأن تَحْظى -بعد ذلك- بقبول الناس وإقبالهم: بالحِفْظ والمُدَارسة، وبالقراءة الشخصيَّة والجماعيَّة، وبإقامة المُسابقات والدورات في المساجد والمدارس والنوادي والبيوت.
أسأل اللهَ الكريمَ ربَّ العرش العظيم أنْ يرزقنا العِلْم النافع، والعمل الصالح، والتوفيق الدائم.
الشيخ: محمد بن سليمان المهنا.

وعليه بإذن الله نبدأ نشر هذه الأحاديث،
في كل يوم ننشر حديثًا واحدًا، وأكرمنا المؤلف بنسخة خاصة لهذه المجموعة من هذه الأحاديث فجزاه الله عنا خير الجزاء.

الرهيب 06-06-2020 09:50 PM

رد: 📌🔵 إعلان
 
��الحديثُ الأوَّل:
عن عبد الله بن عُمَر بن الخطّاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

متفق عليه.


الشرح:
في هذا الحديث، يُبيِّن لنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ هناك أموراً خمسةً هي أهمُّ المُهِمَّاتِ، وأوجبُ الواجباتِ في دين الإسلام، وهذه الأمور تُسمَّى (أركانَ الإسلامِ).
الرُّكن الأول: شهادةُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ. وهذا الركن هو أعظم الأركان، فمن قال: (أشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمداً رسول الله)، قالَها بلسانه، وآمَنَ بها بقلبه؛ فقد دخل في دين الإسلام.
الركن الثاني: إقامة الصلاة؛ فإنَّ الصلاة أعظمُ أركانِ الإسلام (بعد شهادة ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمداً رسول الله)؛ ولذلك ذكرها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعد الشهادتَين مباشرة.
الركن الثالث: الزكاة؛ والزكاة مقدارٌ من المال حدَّدَتْه الشريعةُ، يجب على المُسلم أن يتصدَّقَ به على الفقراء والمساكينِ، وغيرِهم من المستحِقِّين.
الركن الرابع: صومُ رمضانَ؛ فيجب على المسلم أن يصوم شهرَ رمضانَ كاملاً، إلَّا إذا كان من أهل الأعذار.
الركن الخامس: حَجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ، وهو واجبٌ في عُمُر الإنسان مرَّةً واحدةً، لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً.
هذه هي الأركانُ التي بُني عليها دينُ الإسلامِ، وتفاصيلُ أحكامِها وآدابِها مذكورةٌ في كُتُب العقائدِ، وفي كتب الفقه.

الرهيب 06-07-2020 09:38 AM

رد: 📌🔵 إعلان
 
��الحديث الثاني:
عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: سُئِلَ النبيُّ ﷺ عن الكبائر، فقال: «الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ».

متفق عليه.

الشرح:
في الحديث السابق، ذَكَرَ لنا النبي ﷺ خمسةَ أمورٍ هي أهمُّ المُهِمَّاتِ وأوجبُ الواجباتِ في دين الإسلام، وهذه الأمور تُسمَّى أركان الإسلام.
وفي هذا الحديثِ، يُخبِرُنا النبيُّ ﷺ عن أربعةِ أمورٍ هي من كبائرِ الذنوب وعظائمِ الآثام.
وكبائرُ الذنوب: هي الذنوب الكبيرةُ العظيمة؛ لأنَّ الذنوب ليست على درجةٍ واحدة، بل هي على قسمين: صغائر، وكبائر.
والكبائر التي ذكرها النبي ﷺ في هذا الحديثِ أربع:
الأولى: الإشراك بالله؛ لأنَّ الشِّرْكَ بالله يُخرِجُ المسلمَ من الإسلام ويُدخِلُه في الكُفر، ولأنَّه سببٌ للخلود في النار كما قال تعالى: ﴿لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابنُ مَريَمَ وَقالَ المَسيحُ يا بَني إِسرائيلَ اعبُدُوا اللَّهَ رَبّي وَرَبَّكُم إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ﴾ [المائدة: ٧٢].
والآياتُ والأحاديثُ في ذَمِّ الشِّركِ والتحذيرِ منه وبيانِ ضَرَرِه، كثيرةٌ جداً؛ فإنَّه أعظمُ ذنبٍ عُصِيَ اللهُ به.
الثانية: عقوقُ الوالدَين؛ ومن عقوق الوالدين: هَجْرُهما وقطيعتُهما، وإيذاؤهما بالأقوال أو بالأفعال، وعدمُ طاعتِهما، والإساءةُ إليهما بأنواع الإساءة المختلفة، كلُّ ذلك من عقوق الوالدين.
وكما أنَّ عقوقَ الوالدين أمرٌ قبيحٌ مُحرَّم، فإنَّ بِرَّ الوالدين أمرٌ عظيمُ القَدْرِ عند الله، وهو سببٌ لرِضاه ومحبَّتِه، وسببٌ لمغفرته ودخولِ جنَّتِه.
الثالثة: قتلُ النَّفسِ؛ فالقتلُ ذنبٌ عظيم، وهو سببٌ لغضب الله، وسببٌ للخلود في النار، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٩٣].
الرابعة: شهادة الزُّورِ؛ والزُّورُ هو الكذب، فمن شَهِدَ على غيره بشهادةٍ كاذبةٍ، فقد أتى منكَراً من القول، وكبيرةً من الكبائر.
والواجبُ على المسلم أن يكون صادقاً في كلِّ شيء، ومِن ذلك: الصِّدقُ في أداء الشهادة، فإذا طُلِبَ منه أن يشهد على شيء، سواءٌ في المحاكم أو في غيرها، فلْيشهد بالحق والصدق، ولْيجتنب الزُّورَ والكذبَ؛ لكي لا يقعَ في ذنبٍ من كبائر الذنوب.

الرهيب 06-08-2020 07:43 AM

رد: 📌🔵 إعلان
 
��الحديث الثالث:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «الْمُسْلِمُ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».

متفق عليه.


الشرح:
المسلم قد يكون قويَّ الإسلام وقد يكون ضعيفَ الإسلام، كما أنَّ المؤمن قد يكون قويَّ الإيمانِ وقد يكون ضعيفَ الإيمانِ.
فالمسلمُ الذي اتَّصف بقوَّةِ الإسلام، وكمالِه وتمامِه، هو المسلم الحقُّ، وإسلامُه هو الإسلام الحقيقيُّ الذي يُحِبُّه الله ويرضاه.
وقد أخبَرَنا النبيُّ ﷺ في هذا الحديث بأنَّ المسلم الحقَّ هو الذي يَحفظُ لسانَه ويدَه؛ فلا يؤذي المسلمين بلسانه ولا بيده، لا يَسُبُّهم ولا يغتابهم ولا يؤذيهم بلسانه، ولا يضربهم ولا يُسيء إليهم ولا يعتدي عليهم بيده.
هذه صفاتُ مَن اكتمل إسلامُه؛ أنْ يَسْلَم المسلمون من لسانه ويده.
وأمَّا مَن آذَى المسلمين بلسانه أو بيده، فهو ناقصُ الإسلام، ضعيفُ الإيمان، غيرُ مرضيٍّ عند الله تبارك وتعالى.

الرهيب 06-09-2020 06:09 AM

رد: 📌🔵 إعلان
 
��الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».

متفق عليه.


الشرح:
المُنافقون من شِرار خَلْق الله، وقد أخبَرَنا الله تعالى عن حالهم في الآخرة فقال: ﴿إِنَّ المُنافِقينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُم نَصيرًا﴾ [النساء: ١٤٥].
وفي هذا الحديثِ، ذَكَرَ لنا النبي ﷺ ثلاثَ آياتٍ؛ أي ثلاثَ علاماتٍ من علامات المنافق؛ وذلك لنجتنبَها ونَحْذَرَ منها.
العلامة الأولى: الكذب.
العلامة الثانية: إخلافُ الوعدِ.
العلامة الثالثة: خيانة الأمانة.
هذه الصفات الثلاثُ هي صفاتُ المنافِقِ.
أمَّا المؤمنُ؛ فإنَّه إذا تكلَّم، تكلَّم بالصِّدق ولم يَكذِبْ، وإذا وعد أحداً بوعدٍ، فإنه لا يُخْلِفَ ذلك الوعدَ، بل يُنجزه ويَفِي به. وإذا وضع أحدٌ عنده أمانة، فإنَّه يؤدِّي إليه تلك الأمانة بلا تردُّدٍ ولا تأخُّرٍ ولا مماطلة.
وكذلك إذا أخبره أحدٌ بخبرٍ من الأخبار، أو سِرٍّ من الأسرار، وطلب منه أن يَكتُم ذلك الخبرَ أو ذلك السِّرَّ، فإنَّه يكتمه ولا يُخبِر به أحداً؛ لأنَّ إفشاء الأسرارِ نوعٌ من أنواع الخيانة. نسألُ الله أن يُعافِيَنا منها.

الرهيب 06-10-2020 06:05 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الخامس:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، تَرْكُ الصَّلَاةِ».

رواه مسلم.


الشرح:
الصلاةُ هي أعظمُ أركانِ الإسلام بعد الشهادتين: (شهادة ألَّا إلهَ إلَّا الله، وأنَّ محمداً رسول الله)؛ ولذلك جاء الأمر بإقامتها والنَّهيُ عن تركها في آياتٍ كثيرة، وفي أحاديثَ عديدةٍ عن النبي ﷺ.
وهذا الحديثُ يدلُّنا على خطورة التساهل في أمر الصلاة؛ فقد بيَّن فيه النبيُّ ﷺ أنَّه ليس بين الإنسان وبين الكفر والشركِ إلَّا أن يترك الصلاةَ، فإنْ تَرَكَها وصل إلى الكُفر والشِّرك بالله. نعوذ بالله من ذلك.
وفي هذا دليلٌ واضح على أنَّ ترك الصلاةِ من أكبر الكبائر وأعظمِ الموبقات، وأنَّه أشدُّ إثماً من المعاصي الكبيرة؛ كالرِّبا، والزِّنا، والسرِقة، وشُرب الخمر؛ مع أنَّ هذه المعاصيَ من كبائر الذنوب.
فيجب على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، أن يحرص على الصلاة أشدَّ الحرصِ، وأن يهتمَّ بها غايةَ الاهتمام؛ فأداؤها سببٌ للخير والبركة والرزق، ووسيلةٌ للجنَّة والمغفرة والرِّضا من الله.

عبق الورد 06-10-2020 06:57 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 


بارك الله بكم وبجهودكم

لاحرمكم الله اجر ماقمتم بنشره في هذا المتصفح

وفقكم الله لكل خير

الرهيب 06-11-2020 07:52 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبق الورد (المشاركة 312425)


بارك الله بكم وبجهودكم

لاحرمكم الله اجر ماقمتم بنشره في هذا المتصفح

وفقكم الله لكل خير


"عبق الورد"
اللهم امييين ويااااكم ..
شكرا لعبق مروركم بين سطوري ..
وتبتهج صفحاتي بعطر تواجدكم ...
دمتم بسعادة لا تنتهي ..

الرهيب 06-11-2020 07:53 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السادس:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ........ إلى آخر الحديث ».

متفق عليه.



الشرح:
كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبيَّ ﷺ عن الأعمال الصالحةِ التي يُحبُّها الله ويرضاها؛ وذلك ليتقرَّبوا إليه بها.
وفي هذا الحديث، ذَكَرَ لنا الصحابيُّ الجليلُ أنَّه سأل النبيَّ ﷺ عن الأعمال الصالحة التي يُحبُّها الله، فأجابه النبي ﷺ وذَكَرَ أنَّ أهمَّ الأعمالِ وأحبَّها إلى الله تعالى: أداءُ الصلاةِ على وقتها. ومعنى «الصلاة على وقتها»؛ أي: في أوَّلِ وقتِها، فالمبادرةُ بالصلاة في أول وقتها، دليلٌ على الرغبة فيها والحب لها، ومَن أحبَّ طاعةَ اللهِ أحبَّه الله.
فعلى المسلمين والمسلمات أن يَحرِصوا أشدَّ الحرصِ على الصلاة، الرجالُ يُصلُّونَها في المساجد مع جماعةِ المسلمين، والنساءُ يصلِّينَها في البيوت، في أوَّلِ الوقتِ.
وممَّا ينبغي التنبيهُ إليه: أنَّه يجب على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ أن يعرف أوقاتَ الصلاةِ، فأمرُ أوقاتِ الصلاة أمرٌ عظيم، ومَنْ تَرَكَ الصلاةَ متعمِّداً فلم يُصَلِّها حتى خرج وقتُها، فقد أتى معصيةً من عظائمِ المعاصي، وكبيرةً من أكبر كبائر الذنوب.
ثُمَّ ذَكَرَ النبيُّ ﷺ في هذا الحديثِ عملاً صالحاً آخَرَ يُحبُّه الله تعالى، وهو بِرُّ الوالدَين. وبِرُّ الوالدين من أهمِّ القُرُبات وأعظمِ الطاعات وأحبِّها إلى الله تبارك وتعالى.
وهو أن يُحْسِنَ الولدُ -سواءٌ كان ذَكَراً أو أُنثى- إلى والدَيْه بأقواله وأفعاله؛ وذلك بطاعتهما، وإكرامِهما، والاهتمام بهما، وعدم الإساءة إليهما بأيِّ قولٍ أو عمل؛ فإنَّ ذلك من عقوق الوالدين، وعقوقُ الوالدَين من كبائر الذنوب.

الرهيب 06-13-2020 07:47 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السابع :
عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَصَلَّاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ».

رواه مسلم.


الشرح:
في هذا الحديث، أخبَرَنا النبي ﷺ عن عملٍ عظيمٍ مَنْ عَمِلَ به أكرَمَه الله بثوابٍ كريم، وهذا الثواب الكريم: هو أنْ يغفرَ الله له ذنوبه.
وهذا العملُ يتعلَّقُ بالصلاة، ويتكوَّن من ثلاثة أمورٍ يفعلُها المسلمُ؛ تقرُّباً إلى الله عزَّ وجلَّ:
الأول: أن يُسبِغ الوضوء، وإسباغُ الوضوء هو إكمالُه وإتمامُه، بحيث يَصِلُ الماءُ إلى كلِّ عضوٍ من أعضاء الوضوءِ وصولاً مؤكَّداً.
الثاني: أن يمشي إلى المسجد قاصداً أداءَ الصلاةِ المكتوبةِ، وهي الصلاة المفروضة.
الثالث: أن يُصلي الصلاةَ المكتوبةَ مع جماعةِ المسلمين.
فمَن فعل ذلك؛ بأنْ توضَّأ وضوءاً كاملاً، ثم مشى إلى المسجد، ثم صلَّى مع الجماعة، حصل على هذا الثوابِ الكريم: وهو أن يغفر الله ذنوبَه، ومَنْ غفر الله ذنوبه فهو مِن المُفلِحين في الدنيا والآخرة.

الرهيب 06-13-2020 07:48 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثامن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

متفق عليه.


الشرح:
الكذب في حديث النبي ﷺ من كبائر الذنوب وعظائم الآثام؛ فمن اخترع كلاماً وادَّعى أنَّه من كلام النبي ﷺ، فقد افترى إثماً عظيماً.
ومَنْ نَقَل حديثاً مكذوباً على رسول الله ﷺ (دون أن يُبيِّن أنَّه مكذوب)، فقد تعدَّى وظَلَمَ، وأساء أعظمَ الإساءةِ.
وممَّا يؤسَف له: انتشارُ الأحاديثِ المكذوبةِ على النبي ﷺ، ومن المؤسِف أيضاً أنَّ بعض الأخيار يقومون -بحُسنِ قصد- بنشر هذه الأحاديثِ، وهذا منكَرٌ عظيمٌ يجب علينا أن نتواصى على التحذير منه.
قال ﷺ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ؛ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
وقال ﷺ: «مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ». رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
فالواجبُ علينا: أن نتأكد من صحة الأحاديث قبل أن نَنسُبَها إلى النبيِّ ﷺ.
ومِن فضلِ اللهِ علينا: أنْ يَسَّرَ لنا في هذا الزمانِ أمرَ التثبُّتِ من الأحاديث، وذلك عبرَ مراجعة الكُتُبِ والمواقع الموثوقة.
ومن أشهر الكُتُب في هذا المجال: كُتُب الشيخ الألباني رحمه الله.
ومن أشهر المواقع على شبكة الإنترنت: قسم الموسوعة الحديثية من موقع (الدُّرَر السَّنِيَّة).

الرهيب 06-14-2020 06:38 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث التاسع:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ».

رواه مسلم.


الشرح:
دينُ الإسلامِ دينُ الأخلاق الفاضلةِ، والشمائلِ الكريمة؛ ولذا أَمَرَ بالرِّفق والتواضع ولِينِ الجانبِ، ونَهَى عن الغرور والكِبْر والتعاظم.
وفي هذا الحديث تحذيرٌ من النبي ﷺ للمتكبِّرين الذين يحتقرون الناسَ ويتعاظمون عليهم؛ فالمتكبِّرُ لا يدخل الجنة. نسأل الله السلامةَ والعافية.
ومعنى قوله ﷺ: «لا يدخل الجَنَّة من كان في قلبه مثقالُ ذَرَّةٍ من كِبْر»، أنَّ الكِبْرَ أمرٌ خطيرٌ جداً حتى لو كان قليلاً كأنَّه مثقالُ ذَرَّةٍ، وهو مقدارٌ قليلٌ جداً.
وممَّا يدل على تحريم الكِبْر وذَمِّه: قول النبي ﷺ: «مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ، أَوِ اخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». رواه البخاري في «الأدب المفرد» بسند جيِّد.
فإذا عَلِمْنا أنَّ الكِبْر ذنبٌ عظيم، وخُلُقٌ ذَمِيم، وجب علينا أن نجتنبه، وأن نعمل الأعمال الطيِّبةَ التي تُبعِدُنا عنه؛ كمحبَّةِ الفقراءِ والضُّعَفاءِ والمحتاجين، والخَدَمِ ونحوِهم، وملاطفتِهم، والاهتمام بهم، والتواضع لهم؛ فإنَّ ذلك ممَّا يُطَهِّرُ القلب، ويُبرِّئ النَّفْس من الغرور والتعاظم والكِبْر.

الرهيب 06-15-2020 02:33 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث العاشر:
عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».

رواه البخاري.



الشرح:
هذا الحديث يدلُّ على أهمية تعلُّمِ القرآنِ الكريم وتعليمِه؛ فالنبيُّ ﷺ يُخبِرنا أنَّ الذين يتعلَّمون القرآنَ والذين يُعلِّمونه، هم خيرُ الناسِ وأفضلُهم وأَطيَبُهم.
وبناءً على ذلك؛ فإنه ينبغي على كلِّ مسلم ومسلمة، أن يهتمَّ بالقرآن اهتماماً عظيماً، فيحرص على تعلّمه وضبطِه وإتقانِه، ثُمَّ يشارك بعد ذلك في تعليمه لغيره.
ومِن أنفعِ الأمور وأحسنِها: الالتحاقُ بحَلَقات تحفيظِ القرآنِ في المساجد والمدارس والمعاهد من أجْل التعلّم؛ فمَن فعل ذلك فهو على خيرٍ ونورٍ وهُدًى.

الرهيب 06-16-2020 05:27 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الحادي عشر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ‏:‏ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ».

متفق عليه.


الشرح:
مِنْ أفضلِ الأعمالِ وأجلِّها وأعظمِها أجرًا: ذِكْرُ الله تبارك تعالى؛ وقد أخبَرَنا الله في كتابه في آياتٍ كثيرة، وأخبرنا النبيُّ ﷺ في أحاديثَ عديدة، أنَّ ذِكْرَ الله سببٌ للمغفرة والأجر العظيم، كما قال عزَّ وجلَّ: (...وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٣٥].
وحثَّنا النبيُّ ﷺ في أحاديثَ كثيرةٍ على الإكثار من ذِكْر الله، وبيَّن لنا فضْلَ الذِّكر وأهميتَه، وشَرَع لنا أذكاراً للصباح والمساء، وأذكاراً للنوم، وأذكاراً عند الاستيقاظ؛ وهذا كلُّه وأمثالُه مذكورٌ في كُتُب الأذكار؛ ككتاب (الأذكار) للنووي، و(تُحفة الأخيار) لابن باز، و(حصن المسلم) للقحطاني، وغيرُها كثير.
وهناك أذكارٌ مُطْلَقة يُستَحَبُّ أن يقولَها المسلم في كل الأوقات، وأن يُكثِر منها دون تحديدٍ بوقتٍ أو عدد؛ ومن ذلك قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.
ومن ذلك: هذا الذِّكْرُ العظيم الذي أخبرنا به النبي ﷺ في هذا الحديث، فقال: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ‏:‏ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ».
وذَكَرَ لنا النبيُّ ﷺ أنَّ هاتين الكلمتين: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ» تتميزان بثلاث ميزات:
1- أنَّهما خفيفتانِ على اللِّسان، فمِنَ السهل جداً على الإنسان أن يُرَدِّدَهما بدون مشقَّة.
2- أنَّهما ثقيلتانِ في الميزان، ومعنى ذلك: أنَّ مَنْ قالهما، فله أجرٌ عظيم يملأ اللهُ به ميزانَ حسناتِه.
٣- أنَّهما حبيبتانِ إلى الرحمن؛ أي أنَّ الله تبارك وتعالى يُحِبُّهُما، وهذا يدلُّ على أنَّهما كلمتانِ في غاية الأهمية والعَظَمَةِ.
ولِأجْل هذا كلِّه، ينبغي علينا أن نهتمَّ بهاتين الكلمتين العظيمتين، وبغيرهما من الأذكار المُطْلَقة، وأن نحرص على ذلك ونُكثِرَ منه في كلِّ الأوقاتِ وعلى كلِّ الأحوال؛ لِنَنَالَ الأجرَ العظيمَ من الله تبارك وتعالى.

الرهيب 06-17-2020 07:03 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثانيَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أَوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ».

متفق عليه.



الشرح:
أبو هريرة رضي الله عنه، صحابيٌّ جليل، مُقَرَّبٌ من رسول الله ﷺ.
يُخْبِرنا أبو هريرة رضي الله عنه بوصيَّةِ النبي ﷺ له، فيقول: أوصاني خليلي؛ وكلمة (خليلي) ككلمة (حبيبي)، لكنَّها تدلُّ على محبَّةٍ عظيمةٍ جداً؛ فهي أبلغُ وأقوى من كلمة حبيبي.
يقول: أوصاني خليلي بثلاثِ وصايا:
الوصية الأولى: صيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر سُنّةٌ عظيمة، كما جاء في الصحيحين أنَّ النبي ﷺ قال: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، كَصِيَامِ الدَّهْرِ كُلِّهِ».
والمقصود بذلك صومُ التطوُّعِ؛ وذلك بأن يصوم الإنسان ثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهر، سواءٌ كانت ثلاثة أيام متتابعةٍ أو متفرِّقةٍ.
الوصية الثانية: الوصية بصلاة الضُّحى، وصلاةُ الضحى ركعتان أو أكثر تكون في وقت الضحى وهو وسط الصباح، فيُستحب للمُسلم أن يُصلِّيَ ركعتين أو أربعَ أو أكثر من ذلك في وقت الضحى؛ فإنَّ أجرَ ذلك كبيرٌ، وفضلَه عظيمٌ.
الوصية الثالثة: الوصية بالوتر، والوتر هو أفضلُ نوافلِ الصلاةِ، يبدأ وقتُه من بعد صلاة العِشاء إلى أذان الفجر؛ وذلك بأن يُصلِّيَ المسلمُ تطوُّعاً لله: ركعةً، أو ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك، المهمُّ أن يكون عددُها فرديّاً، وهذا هو المقصود بكلمة الوتر.
هذه وصيةُ النبي ﷺ لأبي هريرة رضي الله عنه، وهي وصيّةٌ لنا جميعاً من رسولنا وحبيبِنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام.

الرهيب 06-18-2020 07:02 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثالثَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ».

رواه مسلم.


الشرح:
أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ عبادَه بأن يتقرَّبوا إليه بأنواع القُرُبات، وأصنافِ الطاعات.
ومن أعظم ما يُقَرِّبُ إلى الله: الصلاةُ بفرائضها ونوافلها، فإذا دخل المسلم في صلاته، كان قريباً من الله تعالى.
ومع أنَّ الصلاة كلَّها تُقَرِّبُ العبد المؤمنَ إلى الله، إلَّا أنَّه في أثناء السجود يكون في حالةٍ هي أعظمُ الحالات قُرْباَ؛ فإنَّ العبد يخضع لله في سجوده، ويُسبِّحُه ويُقدِّسُه، ويدعوه وهو في حالٍ من الخشوع والذُّلِّ والافتقار.
ولذلك، فإنَّ السجود من مواطنِ استجابةِ الدُّعاء، كما قال النبي ﷺ في الحديثِ الآخَرِ الذي رواه مسلم: «وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ». ومعنى قَمِن؛ أي: حَرِيٌّ، أي أنَّه يُرجى فيه استجابةُ الدعاء.
ولذلك، فإنَّه يُستحب للإنسان أن يُطيل السجودَ، ويُكثِر الدعاء؛ فإنَّ السجود والدعاء من أعظمِ أسبابِ الخيرِ والفلاح في الدنيا والآخرة.

الرهيب 06-19-2020 09:29 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الرابعَ عشرَ:
عن ثابت بن الضَّحَّاكِ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ».

متفق عليه.



الشرح:
اللَّعنُ ذنبٌ عظيم، ومعصيةٌ كبيرة. وقد حذَّرنا نبيُّنا ﷺ من اللَّعنِ ونَهَانا عنه في أحاديثَ كثيرةٍ، منها هذا الحديث، وهو قوله ﷺ: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ». متفق عليه.
ومنها قوله ﷺ: «لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلَا بِغَضَبِهِ». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وأخبر النبي ﷺ -كما في سنن أبي داود بسند حسن-: (أنَّ الرجل إذا لعن شيئاً بغير حق، فإن اللعنة ترجع إليه). أي أنَّ اللعنة ترجع إلى قائلها.
وروى الطبراني بإسنادٍ جيِّدٍ عن سلمةَ بن الأكوع رضي الله عنه، قال: (كنَّا إذا رأينا الرجلَ يلعن أخاه، رأينا أنَّه قد أتى باباً من الكبائر).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (لعنُ المسلمِ كبيرةٌ من كبائر الذنوب).
وممَّا يؤسى له ويؤسف: انتشارُ اللَّعنِ بين كثيرٍ من المسلمين. والله المستعان.
فالواجب علينا جميعاً: أنْ نُنْكِرَه وأن نَحْذَرَه، وأنْ نُحَذِّر منه أشدَّ التحذير.

الرهيب 06-20-2020 06:00 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثالثَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ».

رواه مسلم.


الشرح:
أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ عبادَه بأن يتقرَّبوا إليه بأنواع القُرُبات، وأصنافِ الطاعات.
ومن أعظم ما يُقَرِّبُ إلى الله: الصلاةُ بفرائضها ونوافلها، فإذا دخل المسلم في صلاته، كان قريباً من الله تعالى.
ومع أنَّ الصلاة كلَّها تُقَرِّبُ العبد المؤمنَ إلى الله، إلَّا أنَّه في أثناء السجود يكون في حالةٍ هي أعظمُ الحالات قُرْباَ؛ فإنَّ العبد يخضع لله في سجوده، ويُسبِّحُه ويُقدِّسُه، ويدعوه وهو في حالٍ من الخشوع والذُّلِّ والافتقار.
ولذلك، فإنَّ السجود من مواطنِ استجابةِ الدُّعاء، كما قال النبي ﷺ في الحديثِ الآخَرِ الذي رواه مسلم: «وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ». ومعنى قَمِن؛ أي: حَرِيٌّ، أي أنَّه يُرجى فيه استجابةُ الدعاء.
ولذلك، فإنَّه يُستحب للإنسان أن يُطيل السجودَ، ويُكثِر الدعاء؛ فإنَّ السجود والدعاء من أعظمِ أسبابِ الخيرِ والفلاح في الدنيا والآخرة.

الرهيب 06-21-2020 06:11 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الرابعَ عشرَ:
عن ثابت بن الضَّحَّاكِ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ».

متفق عليه.



الشرح:
اللَّعنُ ذنبٌ عظيم، ومعصيةٌ كبيرة. وقد حذَّرنا نبيُّنا ﷺ من اللَّعنِ ونَهَانا عنه في أحاديثَ كثيرةٍ، منها هذا الحديث، وهو قوله ﷺ: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ». متفق عليه.
ومنها قوله ﷺ: «لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلَا بِغَضَبِهِ». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وأخبر النبي ﷺ -كما في سنن أبي داود بسند حسن-: (أنَّ الرجل إذا لعن شيئاً بغير حق، فإن اللعنة ترجع إليه). أي أنَّ اللعنة ترجع إلى قائلها.
وروى الطبراني بإسنادٍ جيِّدٍ عن سلمةَ بن الأكوع رضي الله عنه، قال: (كنَّا إذا رأينا الرجلَ يلعن أخاه، رأينا أنَّه قد أتى باباً من الكبائر).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (لعنُ المسلمِ كبيرةٌ من كبائر الذنوب).
وممَّا يؤسى له ويؤسف: انتشارُ اللَّعنِ بين كثيرٍ من المسلمين. والله المستعان.
فالواجب علينا جميعاً: أنْ نُنْكِرَه وأن نَحْذَرَه، وأنْ نُحَذِّر منه أشدَّ التحذير.

الرهيب 06-22-2020 04:36 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الخامسَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ».

متفق عليه.


الشرح:
مِن أعظمِ الصفات التي مدح الله بها عبادَه المؤمنين: الإنفاقُ في سبيل الله، وفي ذلك يقول الله تعالى كما في سورة البقرة: ﴿الم•ذلِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِلمُتَّقينَ•الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ﴾
[البقرة: 1-3].
والإنفاق يشمل أموراً عديدة، منها إنفاق الرجل على زوجته وأولاده، ومنها إنفاقه على الفقراء والمساكين، ومنها الإنفاق في وجوه الخير؛ كنَشْر المصاحف، وتوزيع الكتب النافعة، وعلاج المرضى، وغير ذلك من المشاريع الخيرية.
وفي هذا الحديث وعدٌ من الله تعالى لمن أنفق ماله في وجوه الخير، أن يُنْفِق الله عليه ويرزقه من فضله، ويُخلِف عليه من واسع عطائه، كما قال عزّ وجلّ: ﴿قُل إِنَّ رَبّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَيَقدِرُ لَهُ وَما أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرّازِقينَ﴾ [سبأ: 39].
فمَنْ أنفق على أُسْرته، أو على والِدَيه، أو على أقربائه، أو على الفقراء والمحتاجين، أو أنفق في وجوه الخير المختلفة، كَتَبَ الله له الأجرَ والثواب، ورَزَقَه رزقاً يعوِّضُه عمَّا أنفقه، وذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

الرهيب 06-23-2020 05:51 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السادسَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ، وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».

متفق عليه.



الشرح:
الإنسان في هذه الدنيا مُعَرَّضٌ للمتاعب والمصاعب، والهموم والأحزان. وفي هذا الحديث يُخبِرُنا النبيُّ ﷺ بأمرٍ عظيمٍ، ينبغي أن نتذكَّرَه في كلِّ أحوالنا؛ فإنَّه أمرٌ يَسُرُّ القلبَ ويجلبُ الاطمئنانَ.
هذا الأمرُ هو أنَّ الإنسان لا يحصل له نَصَبٌ (وهو التَعَب)، ولا وَصَبٌ (وهو المرض)، ولا هَمٌّ ولا غمٌّ ولا حَزَن ولا أذًى، إلَّا كفَّر الله بها من خطاياه، فتكون هذه المصائبُ سبباً لمغفرة الذنوب ومَحْوِها وإزالتها، فيخرج الإنسان من المصيبة وهو طاهرٌ من ذنوبه وخطاياه، قريبٌ من ربِّه ومولاه.
وفي قوله ﷺ: «حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا» دليلٌ على أنَّ الأذى الذي يُصيب الإنسانَ يكون كفَّارةً له، حتى لو كان أذًى يسيراً كأذى الشوكة.
إذا عَلِمَ الإنسان ذلك، فلْيفرح بفضل الله، وليحرِص على أن يكون دائمَ الصبرِ والاحتسابِ والرِّضا عن الله، فمَن رَضِيَ عن الله، رضي الله عنه وأرضاه، وأكرمه ونَعَّمَهُ وأعطاه.

الرهيب 06-25-2020 06:35 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السابعَ عشرَ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».

رواه مسلم.



الشرح:
هذا الحديث يَحُثُّنا على أمرٍ في غاية الأهمية: ألَا وهو أن نكونَ متحابِّينَ فيما بيننا.
فالنبيُّ ﷺ يُخبِرُنا بأنَّنا لن ندخل الجنَّةَ حتى نكون مؤمنين، وأنَّنا لا نكون مؤمنين حقّاً حتى يُحِبَّ بعضُنا بعضاً.
ولكي نكون متحابِّين فيما بيننا، هناك أمرٌ سهلٌ يسير، إذا فعلناه عمَّت المحبَّةُ فيما بيننا.
هذا الأمر السهل اليسير: هو إفشاءُ السلامِ، وإفشاءُ السلامِ هو نَشْرُه وإذاعتُه.
فَعَلِمْنا من هذا الحديث: أنَّ السلام بين المسلمين سببٌ لحصول المحبَّةِ بينهم، وأنَّ حصولَ المحبَّةِ سببٌ لزيادة الإيمان، وزيادةُ الإيمانِ سببٌ لدخول الجنَّةِ.
وأفضل أنواع السلام: أن يقول الإنسان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأفضل أنواع الرد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن قال الإنسان: السلام عليكم ورحمة الله، أو قال: السلام عليكم فقط، فهذا كافٍ إن شاء الله، لكنَّ السلام الكاملَ أفضلُ، وهو قول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فينبغي على المسلم أن يحرِصَ على إفشاء السلام، وأن يهتمَّ به، ولا يخجل منه، فهو سببٌ للأجر، وسببٌ لزيادة الإيمان، وسببٌ لدخول الجنَّة.

الرهيب 06-25-2020 06:36 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثامنَ عشرَ:
عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ».

رواه مسلم.



الشرح:
هذا الحديث يدلّ على أمرٍ مهمّ جداً يجب علينا أن نَعْلَمه وأن نعمل به.
فالإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، له عورة يجب عليه أنْ يسترها، ويجب على غيره أنْ يَغُضَّ البصر عنها.
وعورةُ الرجلِ مع الرجل، وكذلك المرأة مع المرأة، من السرّة إلى الركبة، لا يجوز للإنسان كشفُها، ولا يجوز لغيره النظرُ إليها، ولا لمسها.
إذا علِمنا ذلك، وجب علينا أن نحفظ عوراتِنا، وأن نسترها؛ لكي لا يراها الناس، وألَّا نتساهلَ في ذلك أبداً، لا بالنظر ولا باللمس، وأن نَعْلَمَ أنَّ هذا الأمرَ لا يَصلُحُ فيه التسامحُ والتَّساهل والمزاحُ بأيِّ حالٍ من الأحوال.

الرهيب 06-26-2020 04:55 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث التاسعَ عشرَ:
عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه: أنه أَهْدَى لرسول الله ﷺ صيداً، فردَّه النبي ﷺ عليه ولم يَقْبَلْه منه، فحَزِنَ الصَّعْبُ بنُ جثَّامةَ من ذلك، فلمَّا رأى النبيُّ ﷺ ما في وجهه من الحُزْن، قال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ».

متفق عليه.



الشرح:
كان الصحابة الكِرامُ يُحبُّون أن يُتحِفوا رسولَ اللهِ ﷺ بالهدايا، وكان من عادة النبيِّ ﷺ أنَّه يَقبل الهدايا ويُثِيبُ عليها.
وفي رحلة الحج، جاء إلى النبيِّ ﷺ رجلٌ اسمُه الصَّعْبُ بنُ جَثَّامةَ، وكان معه صيدٌ قد صاده لرسول الله ﷺ ليأكل منه، فلم يقبل النبيُّ ﷺ تلك الهديةَ؛ لأنه مُحْرِمٌ، والصيدُ من محظورات الإحرام.
فلمَّا رَدَّ النبيُّ ﷺ هديةَ الرجلِ، حَزِنَ الرجلُ وتأثَّرَ، فبادَرَ النبيُّ إلى ذِكْر العُذْرِ وبيان السبب، وقال -كما في الصحيحين-: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أنَّا حُرُمٌ». فقرَّتْ بذلك عينُ الرجلِ، وأخذ يحدِّثُ بهذا الخبرِ أصحابَه وتلاميذَه.
ومن هذا نستفيد: أهمية المبادرة إلى تَبْيِينِ الأسباب وبيان الأعذار؛ لنقطع الطريق على الشيطان، عملاً بقول الله تعالى: ﴿وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا﴾ [الإسراء: 53].
وقد أورد الإمام النووي هذا الحديث: حديث الصعب بن جثَّامة، في باب حُسْن الخُلُق من كتاب «رياض الصالحين»؛ ليُبيِّنَ أن جَبْرَ الخواطرِ وتَطْيِيبَ النُّفوسِ وبيان الأعذار، من محاسن الأخلاق.

الرهيب 06-27-2020 11:41 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث العشرون:
عن حذيفة بن اليَمَانِ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ».

متفق عليه.



الشرح:
هذا الحديث يُحذِّرُنا من خُلُقٍ ذميم، وذنبٍ عظيم يُعَدُّ من كبائر الذنوب، ألَا وهو النميمة.
والقتَّات: هو النَّمَّام، وقد أخبر النبيُّ ﷺ أن القَتّات (النَّمَّام) لا يدخل الجنَّة.
والنميمة: هي نقلُ الكلامِ بين الناس على وجه الإفساد بينهم، وهذا سببٌ من أسباب حصولِ المشكلاتِ والنزاعات والعداوات.
فيجب على كل مسلمٍ ومسلمة، أنْ يَحْذَرَ من النميمة أشَدَّ الحذر، وأنْ يُحَذِّر منها؛ لأنَّها سببٌ من أسباب الحِرْمان من الجَنّة، وسببٌ من أسباب عذاب القبر، نعوذ بالله من ذلك.

الرهيب 06-28-2020 06:21 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الحادي والعشرون:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَزْرَعُ زَرْعاً فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ، أَوْ طَيْرٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

متفق عليه.



الشرح:
الزراعة من النشاطات الزراعيَّة التي عَرَفَها الإنسان من قديم الزمان؛ فهي سببٌ للحصول على القُوتِ، وقد تكون سبباً للغِنى والثراء.
ومِنْ فضْل اللهِ على عباده: أنَّ الإنسان إذا زرع زرعاً فأكل منه إنسانٌ أو طيرٌ أو بهيمة، فإن الله يكتب ذلك صدقةً للزارع، مع أنَّ هذا الزارع في الأصل لم يزرع لأجل الصدقة، وإنَّما زرع لأجل القُوتِ أو التجارة.
وليس الأمر مُقْتصِراً على الزَّرْع، فكلُّ عملٍ طيِّبٍ يعمله الإنسان، يؤجَرُ عليه إذا استفاد منه غيرُه، فمَن حفر بئراً فشَرِب منه إنسانٌ أو طيرٌ أو بهيمة، أو وضع مظلَّةً فاستظلَّ بها إنسانٌ أو طيرٌ أو بهيمة، فله بذلك أجرٌ وثواب، إلى غير ذلك من الأعمال الطيِّبة المفيدةِ، والمهمُّ في ذلك أن يحتسِبَ الإنسانُ الأجرَ وهو يقوم بتلك الأعمال.

الرهيب 06-29-2020 03:13 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثاني والعشرون:
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: كان لرجلٍ على رسول الله ﷺ حقٌّ، فأَغلظَ له، فَهَمَّ به أصحابُ النبيِّ ﷺ: فقال النبيُّ ﷺ: «دَعُوْهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً».

متفق عليه.



الشرح:
اشترى النبيُّ ﷺ بعيراً من رَجُلٍ، واتَّفق معه على أن يُعطِيَه الثمنَ بعد مدَّةٍ من الزمن.
فلمَّا مَضَت المدَّةُ الزمنيَّة، جاء الرجل ليأخذ المالَ من النبيِّ ﷺ فدخل عليه وطلب منه المالَ بغضبٍ ورَفْعِ صوتٍ.
فلمَّا سَمِعَ الصحابةُ كلامَه، غَضِبُوا منه وكادوا أن يضْربوه؛ لأنَّه لم يتأدَّب بالأدب الكامل مع رسول الله ﷺ، فقال لهم النبي ﷺ: «دَعُوهُ»؛ أي: اتركوه، «فَإِنّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً»؛ أي: ما دام يُطالِبُ بحقّه، فإنَّ له الحقَّ في أن يتكلَّم على راحته.
ومن هذا الحديث نستفيد فائدةً مُهِمّةً تنفعنا في تعاملنا مع الناس، ألَا وهي: أنَّ الإنسان إذا كان يُطالِبُ بحقِّه، فإنَّ علينا أنْ نستمع إليه، وأنْ نهتمَّ بكلامه، وألَّا نؤاخذه إنْ رفع صوتَه أو تكلَّم بشيءٍ من الغضب، وبالتزامنا بالأدب النبوي، تَصِلُ الحقوقُ إلى أهلها، وتقلُّ بيننا المشكلاتُ والخلافات والخصومات.

الرهيب 06-30-2020 10:47 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثالث والعشرون:
عن أبي قتادةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ».

رواه مسلم.



الشرح:
يومُ القيامة هو اليوم الذي يُحاسب الله فيه العِبادَ، ويُناقشهم على أعمالهم، ويجازيهم بما قدَّموا من خيرٍ وشرٍّ، ويُحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، ويُؤمَر بهم إلى الجنَّة أو إلى النار.
في هذا اليومِ العظيم يشتدُّ الكَرْبُ على الناس؛ لِمَا يكون فيه من الأحوال العجيبة، والأهوال العظيمة.
فمَن أراد أن يُنجيَه الله من تلك الأهوال والكُرُبات يومَ القيامة، فليُنَفِّسْ عن المُعْسرين، أو يضع عنهم.
والتنفيسُ عن المُعسرين عملٌ صالح جليل، وهو من الأمور المستحبَّةِ وليس من الأمور الواجبة؛ وذلك بأن يتنازل الإنسانُ عن حقِّه، أو بعض حقِّه.
فإذا اقترض منك أحدٌ قَرْضاً ثم حَلَّ الأَجَلُ وعلمتَ أنَّه مُعْسِرٌ لا يستطيع التسديد، فسامِحْه وتنازَلْ عن حقِّك كلِّه أو بعضِه من أجلِه، فإن فعلتَ ذلك فأنت على خيرٍ عظيم، ويُرجى لك النَّجاةُ من كُرُبات القيامة، والفوز بالجنة، والرِّضا من الله.

الرهيب 07-01-2020 06:30 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الرابع والعشرون:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».

رواه مسلم.



الشرح:
دينُ الإسلام هو دين الحق والصدق، والأمانة والعَدْل.
وأعظم الناس صِدقاً وأمانة، هو النبي ﷺ.
ولذلك؛ فإنَّه يجب على أتباع النبيِّ ﷺ أنْ يكونوا صادقين عادلين أُمناء، فمَن كان كذلك فهو من أتباع النبي ﷺ، ومن لم يكن كذلك، لم يكن من أتباعه حقًّا.
وفي هذا الحديث نَهْيٌ شديدٌ عن ذنبٍ دنيء وخصلة ذميمة، ألَا وهي الغِشُّ، فلا يجوز للمسلم أن يغشَّ في تجارته، ولا في عمله، ولا في نصيحته، ولا في اختباراته، ولا في غير ذلك من الأمور، فالغِشُّ حرامٌ بجميع صُوَرِه وأشكاله.

الرهيب 07-03-2020 09:27 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الخامس والعشرون:
عن أبي أُمَامَةَ الباهِلِيِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةِ»، فقال رجل: يا رسولَ الله، وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: «وَإِنْ قَضِيباً مِنْ أَرَاكٍ».

رواه مسلم.



الشرح:
حقوق الناس، من الأمور التي اهتمَّت بها شريعةُ الإسلام أشدَّ الاهتمام.
فلا يجوز لنا أن نأخذ من أحدٍ أيَّ حقٍّ من حقوقه؛ سواءٌ كان ذلك مالاً أو غيرَه.
وفي هذا الحديث يُحذِّرُنا النبيُّ ﷺ مِن أَخْذِ حقوقِ الناس، ويُخبرنا بأنَّ مَن أَخَذَ حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينٍ كاذبةٍ، فإنَّ جزاءه يكون بإدخاله النارَ، وحِرمانِه من دخول الجنّة.
ولمَّا سَمِع أصحابُ النبيِّ ﷺ هذا الكلامَ، سألوا النبيَّ ﷺ فقالوا: يا رسولَ الله، وإن كان شيئاً يسيراً؟ أي: هل هذه العقوبة تشمل مَن أَخَذَ حقّاً من حقوق الناس ولو كان شيئاً يسيراً قليلاً؟ فقال النبيُّ ﷺ: وإن كان قضيباً مِن أراكٍ؛ يعني أنَّ أَخْذَ أموالِ الناسِ وحقوقِهم، أمرٌ عظيمٌ جداً، حتى ولو كان المأخوذُ شيئاً يسيراً؛ كقضيب الأراك، وهو عود السواك. نسأل الله العفو والعافية.

الرهيب 07-06-2020 06:52 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السادس والعشرون:
عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ ﷺ بَعَثَه ومعاذاً إلى اليمن، وقال لهما: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وبَشِّرَا ولا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا».

متفق عليه.



الشرح:
أرسل النبيُّ ﷺ صحابِيَّيْن جليلَيْن إلى اليمن؛ ليقوما بتبليغ الدِّينِ، وتعليمِ الناسِ.
وقبل أن يُسافِرا، أَوْصاهما النبيُّ ﷺ بوصيَّةٍ قصيرةٍ مختصَرة، لكنَّها عظيمةٌ معبِّرة.
قال لهما: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا»؛ أي: تعاملوا مع الناس وبلِّغوهم الدينَ بدون تشديدٍ ولا تعسير، عامِلوهم برِفقٍ، وأخبروهم أنَّ الدين يُسْرٌ لا شِدَّةَ فيه ولا حَرَج.
وقال لهما أيضاً: «وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا»؛ أي: تحدَّثوا مع الناس بما يُبشِّرُهم بفضل الله، وما يُرغِّبُهم فيما عنده، ولا تحدِّثوهم بطريقةٍ منفِّرة تصدُّهم عن الإيمان، وعن فِعلِ الخيرِ.
ثم أوصاهم بوصيَّةٍ ثالثةٍ مهمة لكلِّ أخوَيْن، أو صديقَيْن، أو صاحبَيْن في سفر؛ فقال ﷺ: «وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا».
ومعنى (تطاوعا ولا تختلفا)؛ أي: ليُطِع كلُّ واحدٍ منكما الآخَرَ، فإذا رأى أحدُكما صاحبَه حريصاً على أمرٍ من الأمور، فَلْيُطِعْهُ؛ ليكون ذلك سبباً لبقاء المحبَّةِ والأُلْفة، واستمرار الصداقة والصُّحبةِ.
ومن هذا نستفيد أمراً مهمّاً: وهو أنَّ الصديق الذي يُطاوع أصحابه ولا يخالفهم قَدْرَ المستطاعِ، قد عَمِلَ بسُنَّة النبيِّ ﷺ.
وأمَّا الذي يُكثِر الخلافَ والجدال والمعارضة؛ فإنَّه -بفِعله هذا- بعيدٌ عن سُنَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.

الرهيب 07-06-2020 06:53 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث السابع والعشرون:
عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا».

متفق عليه.



الشرح:
الأمنُ نعمةٌ عظيمة مِن نِعَمِ اللهِ تعالى، وهو من ضروريات الحياة.
وقد امتنَّ اللهُ على عباده بنعمة الأمن، فقال: ﴿فَليَعبُدوا رَبَّ هذَا البَيتِ ۝ الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ [قريش: ٣-٤]
ولأهمِّيَّة حِفْظِ الأمنِ في المجتمع، حذَّر النبيُّ ﷺ مِن حَمْلِ السلاحِ لتخويف الناس، وإشاعةِ الرُّعبِ بينهم وتهديدِهم بالقتل، وذكر أنَّ مَن حَمَلَ سلاحَه لأجل ذلك، فليس من أتباعِ النبيِّ ﷺ، وهذا يدلُّ على تحريم ذلك، وأنَّه من كبائر الذنوب.

الرهيب 07-09-2020 06:45 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثامن والعشرون:
عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله ﷺ نَهَى عن الخَذْفِ، وقال: «إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْداً، وَلَا تَنْكَأُ عَدُوّاً، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ».

متفق عليه.



الشرح:
نَهَى النبيُّ ﷺ عن الخَذْفِ، وهو رَمْيُ الحَصَى باليد، وبَيَّنَ سَبَبَ النَّهيِ، وهو أنَّ هذا الخَذْف ليس فيه فائدةٌ؛ فلا يقتل الصيد، ولا يهزِم العدوَّ، وإنَّما هو شيءٌ يُسبِّبُ الضَّررَ، فهو يكسر السِّنَّ ويُصيب العينَ فيُتلِفُها.
وهذا النهيُ عامٌّ للناس جميعِهم؛ كبارِهم وصغارِهم، لكنَّ حاجة الصِّغارِ إلى التذكير به أكبرُ؛ فإنَّ الخَذْف يَكثُرُ بينهم، ولذلك ينبغي نُصحُهم، وتوجيهُهُم وتعليمُهم.

الرهيب 07-09-2020 06:46 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث التاسع والعشرين:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ».

متفق عليه.



الشرح:
عندما هاجَرَ النبيُّ ﷺ مِن مكةَ ووصل إلى المدينة، جاءت إليه أُمُّ أنسِ بن مالك، رضي الله عنه وعنها، ومعها أنس (وكان عمره عشر سنين)، فقالت: يا رسول الله، هذا ابني أنس، جئتُ به إليك ليكون في خدمتك، فرَحَّبَ به النبيُّ ﷺ.
ومِن ذلك اليومِ وأنسٌ رضي الله عنه هو خادمُ النبيِّ ﷺ، يقوم بخِدمته، ويقضي كثيراً من حاجاته، ولا يُفارقه إلَّا قليلاً.
وفي هذا الحديث، يُخبِرُنا أنسٌ رضي الله عنه عن أخلاق النبيِّ ﷺ.
فيذكر لنا أنَّ خِدمَتَه للنبيِّ ﷺ استمرَّت عشرَ سنين، وأنَّه في أثناء تلك المدَّةِ الطويلةِ لم يسمع من النبي ﷺ كلمةَ عِتابٍ، أو لَوْمٍ أو تقريعٍ، حتَّى كلمة (أُفٍّ) لم يسمعها من النبي ﷺ ولو مرَّةً واحدة.
وهذا يدلُّ على عظمة أخلاقِ النبيِّ ﷺ مع أصحابه، سواءٌ كانوا من الصغار أو من الشيوخ، وسواء كانوا من الخَدَم أو كبارِ القوم.
ومن هذا الحديثِ نستفيد فائدة مهمَّة، وهي مشروعيَّةُ الرِّفقِ بمن هم تحت أيدينا من الموظَّفين والخدم؛ فهم بَشَرٌ مثلُنا، ومِن واجبِنا تجاهَهم: أن نحترمهم، ونُقَدِّرَهم، ونُعطِيَهم حقوقَهم.

الرهيب 07-14-2020 05:51 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثلاثون:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ».

رواه مسلم.



الشرح:
دينُنا دينٌ كامل، لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً من أمور ديننا ولا دنيانا إلَّا وبيَّنَها وأَوْضَحَها لنا.
ومن ذلك ما بيَّنه لنا في هذا الحديثِ، وهو أدبٌ من آداب المجالس.
هذا الأدب: هو أنَّ الإنسان إذا جلس في مجلسٍ ثمَّ قام منه، ثم رجع إليه، فهو أحقُّ به؛ فلا يجوز لغيره أن يأخذه عنه، فمتى ما رجع فهو أَوْلى الناسِ بمجلسه الذي قام منه.
ويدخل في ذلك: المكان الذي يجلس فيه؛ في المجالس العامَّةِ، أو في المساجد، أو حلقات العِلم، أو في الفصول الدِّراسيَّةِ، أو في غيرها.
فإذا قام الإنسان من المجلس ثم رجع إليه من قريب، فهو أَوْلى به وأحقُّ، أمَّا إذا قام من المجلس ثم رجع إليه بعد مدَّةٍ طويلةٍ فلا يكون أحقَّ به؛ كمن قام من المجلس بعد الظهر ورجع إليه بعد العصر، أو بعد المغرب أو من الغد؛ فهذا ليس أَوْلى بالمجلس ولا أحقَّ به ممن وُجد فيه.
والملاحظ: أنَّ كثيراً من الخصومات (وخاصةً بين الشباب الصغار) تكون بسبب المجالس.
ولو أنَّنا التزمنا بالآداب الشرعية في مجالسنا، لَزادت أُلفتُنا، وقلَّت خلافاتُنا.

الرهيب 07-15-2020 05:59 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الحادي والثلاثون:
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فْاتْبَعْهُ».

رواه مسلم.



الشرح:
للمسلم على المسلم حقوقٌ كثيرة، مِن أهمِّها هذه الحقوقُ السِّتَّةُ المذكورة في هذا الحديث:
الحق الأول: السَّلَام؛ فإذا لقيتَ أخاك فسلِّمْ عليه، وإذا سلَّم عليك فَرُدَّ عليه السلام.
الحق الثاني: إجابة الدعوة؛ فإذا دعاك فأجِبْ دعوتَه، ولا سيَّما إذا دعاك إلى وليمةِ عُرْسٍ؛ فإنَّ إجابته تكون أهمَّ وأوجبَ.
الحق الثالث: النصيحة؛ فإذا طلب منك أخوك نصيحةً، أو سألك عن شيء، فحدِّثْه عمَّا يريد بنُصْحٍ وصِدقٍ وإخلاص.
الحق الرابع: التشميتُ؛ فإذا عطس أخوك فحمِد الله فشَمِّتْه، أي: قُلْ له: يرحمُك اللهُ، فإذا قلت له: يرحمك الله، فلْيَقُل: يَهدِيكُم الله ويُصلِح بالَكم.
الحق الخامس: العيادة؛ وهي الزيارة، فإذا مَرِضَ أخوك المُسلِمُ فعُدْه (أي زُرْه)، واعلم أنَّ في زيارتك له أعظمَ الأثَرِ في نفسه، وأكرمَ الأجرِ عند ربِّك.
الحق السادس: اتِّباع جنازتِه؛ فإنَّ حقوق المسلم على المسلم مستمرَّة حتى بعد موته، فإذا مات فاتْبَعْ جنازتَه؛ أي اذهب للصلاة عليه، ثم اذهب إلى المقبرة لدفنه، وفي هذا خيرٌ عظيم؛ ففيه الدعاء الصالح للميِّت، والثواب الكبير للحيِّ.

الرهيب 07-15-2020 06:00 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثاني والثلاثون:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «أَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قالوا: وما حقُّه؟ قال: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ».

متفق عليه.



الشرح:
كان الناس في عهد النبيِّ ﷺ يجلسون على جوانبِ الطُّرُقاتِ (الشوارع)، يجتمعون ويتحدَّثون ويأنسون.
فقال لهم النبيُّ ﷺ: لا تجلسوا في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بُدٌّ مِن مجالسنا؛ أي إنَّنا محتاجون لهذه المجالس، فقال ﷺ: إذنْ فأعطوا الطريقَ حقّه، قالوا: وما حقُّ الطريق؟ فأخبرهم بهذه الحقوق الأربعة من حقوق الطريق:
الأوَّل: غَضُّ البصرِ؛ فمَن جلس في الطريق فرأى بيتاً مفتوحاً، فلا ينظر إليه، وكذلك مَن رأى امرأةً في الطريق فلْيَغُضَّ عنها بصرَه؛ لقوله تعالى: ﴿قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضّوا مِن أَبصارِهِم﴾ [النور: 30].
الثاني: كَفُّ الأذى؛ وذلك بألَّا يُضَيِّقَ الطريقَ، ولا يُلقي فيه ما يؤذي الناسَ من المُهملات والقاذورات وغيرها.
الثالث: رَدُّ السلام؛ فإذا ألقى أحدٌ السلامَ، فعلى الجالِسِين أن يردُّوا السلامَ؛ فالسلامُ سُنَّة ورَدُّهُ واجبٌ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِذا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدّوها﴾ [النساء: 86]
الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فقد مدح الله المؤمنين بأنَّهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قال تعالى: ﴿وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾ [التوبة: 71]

الرهيب 07-17-2020 07:10 AM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الثالث والثلاثون:
عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».

متفق عليه.



الشرح:
دلَّ هذا الحديثُ على مشروعيَّةِ الوصيةِ لمن كان له شيءٌ يوصي به.
فإنْ كان على الإنسان دينٌ، أو كان عليه زكاةٌ لم يُخرِجْها، أو كان عنده أمانةٌ أو وديعةٌ أو غيرُها من الحقوق، كانت الوصيةُ واجبةً في حقِّه.
وإن لم يكن عليه حقٌّ لم تكن الوصيَّةُ واجبةً عليه، ولكنَّها تُستحب له استحباباً؛ وذلك بأن يوصيَ بثلث مالِه (أو أقل من الثلث) في مشاريعِ الخيرِ ووجوه الإحسان.
وممَّا يحسن التنبيه إليه هنا: أنَّه ليس للوصية صيغةٌ معيَّنة، وإنَّما على الموصي أن يكتب ما يريد أن يوصيَ به بطريقةٍ واضحةٍ مفهومة، سواءٌ كَتَبَها في ورقة، أو كَتَبَها في رسالةٍ عبر الإيميل أو الرسائل الهاتفية، أو تكلَّم بها بلفظه بدون كتابه؛ فكلُّ ذلك حَسَنٌ، وكلُّ ذلك كافٍ إن شاء الله.

الرهيب 07-18-2020 03:18 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الرابع والثلاثون:
عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».


متّفقٌ عليه.



الشرح:
كان الصحابة رضي الله عنهم في أوَّل إسلامِهم، يحلفون بغير اللهِ على عادتهم أيَّامَ الجاهليَّةِ؛ فيحلفون بآبائهم وبأُمَّهاتِهِم، وبالشَّرَف وبالأمانة، وبغير ذلك.
فنهاهم النبيُّ ﷺ عن الحلف بغير الله، وكان عمر رضي الله عنه ممَّن سَمِعَ هذا النَّهيَ، فامتثل الأمرَ فوراً، فلم يَجْرِ على لسانه حَلِفٌ بغير الله أبداً.
قال عبد الله بن عمر بعدما روى هذا الحديث: قال عمر رضي الله عنه: فواللهِ، ما حلفتُ بها منذ سمعتُ النبيَّ ﷺ يَنهَى عن ذلك.
وهذا هو الواجب على المسلم: أن يمتثل أمرَ اللهِ بحزمٍ وعزم، بلا تردُّدٍ ولا تسويفٍ ولا ضعفٍ.
ومِن صور الحَلِفِ بغير اللهِ في هذا الزمان: قولُ بعضِ الناس: وحياتك، وقولهم: والنبي، وقولهم: والكعبة.
وهذا كلُّه من الحَلِف المحرَّم، بل هو شركٌ بالله.
سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنه رجلاً يقول: لا، والكعبة. فقال له ابن عمر: لا تحلف بغير الله؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشْرَكَ». رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

الرهيب 07-19-2020 06:18 PM

رد: 📌🔵 شرح الاربعين النوويه
 
��الحديث الخامس والثلاثون:
عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه، قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهاً، وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقَا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ».

متفق عليه.



الشرح:
كان النبي ﷺ أحسنَ الناسِ خُلُقاً؛ أي أحسنهم أخلاقاً، وفي ذلك يقول الله تعالى عنه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ﴾ [القلم: 4].
وكان مع جَمَالِ الخُلُق، جميلَ الخَلْق؛ أي جميل الخِلْقة والشَّكْل. وفي ذلك يقول الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ أحسنَ الناسِ وجهاً، وأحسنَهم خَلْقاً.
كان ﷺ متوسِّطَ الطُّولِ، ليس بالطويل البائنِ؛ أي أنَّه ليس طويلاً طولاً مُفرِطاً، ولم يكن قصيراً عليه الصلاة والسلام.
وفي روايةٍ: أنَّ البراء بن عازب قال: (كان ﷺ مربوعاً، بعيدَ ما بين المَنكِبَين، له شعرٌ يبلغ شَحمةَ أُذنَيْهِ، رأيتُه في حُلَّةٍ حمراءَ، لم أَرَ شيئاً أحسنَ منه).
وأخرج البخاري ومسلم عن أنسٍ رضي الله عنه، أنَّه قال: (كان رسولُ اللهِ ﷺ أَزْهَرَ اللونِ)؛ أي أنَّه كان أبيضَ اللَّونِ بياضاً مخلوطاً بحُمْرَةٍ.
وقال أبو هريرة: (كان رسول الله ﷺ أبيضَ كأنَّما صِيْغَ مِنْ فِضَّةٍ).
وعن جابرِ بن سَمُرَةَ، قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ في ليلةٍ إِضْحِيَانٍ -يعني في ليلةٍ مُقمِرَةٍ مضيئة- فجعلتُ أنظر إليه وإلى القمر، فَلَهَو عندي أحسنُ من القمر).
صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليماً كثيراً.


الساعة الآن 10:09 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75