قصة هتلر

‏
‏أدولف هتلر مستشار ألماني أنتخب بطريقة شرعية ولم يستول على السلطة، وصل عبر صناديق الاقتراع والبرلمان الذي وعد سابقا بإلغاءه وإقامة نظام حكم غير برلماني، وقد ذكر أسباب ذلك في كتابه (كفاحي) فقرة : النظام البرلماني، والذي نشره عام 1925 قبل توليه السلطة بثمانية أعوام.
‏انتهت الحرب العالمية الأولى بإذلال الأمة الألمانية في اتفاقية فيرساي، والتي قال عنها السيناتور الأمريكي فيلاندر سي نوكس في خطابه للرئيس الأمريكي ويلسون:
‏"سيدي الرئيس: أنا مقتنع بعد تفكير معمق جدا أن هذه الاتفاقية لا تعني السلام بل الحرب! حربا أفظع وأكثر دمارا من التي انتهت الآن"

‏سبب الحرب العالمية الأولى باختصار هو:
‏صعود ألمانيا كقوة عظمى، لم تقبل بذلك بريطانيا العظمى ولا فرنسا ولا روسيا (تماما كما يحدث الآن في صعود الصين وروسيا وعدم قبول الأمريكان والاوروبيين بهم)
فاحتدم التنافس بينهم ثم استحال التنافس تحالفات فحربا طحنتهم أجمعين.
‏في الحرب الأولى كانت ألمانيا تقاتل على جبهتين (شرقية وغربية) وبعد انتصارها الساحق على روسيا في الشرق، سحبت ملايين الجنود إلى الجبهة الغربية بهدف حسم الحرب لصالحها خلال شهور، ولكن بأمر لا يخلو من ريبة حصل العكس، واستسلمت ألمانيا للحلفاء! فاعتقد الألمان أن جيشهم طعن من قبل سياسييهم
‏بعد الحرب الأولى قرر الجميع تقسيم أوروبا حسب القوميات، فحصل البولنديون على دولة مستقلة بدلا من العيش كأقليات تحت حكم الروس أو الألمان، ولكن عند توزيع الكعكة ورسم الخريطة والحدود تركوا كثيرا من الألمان والمتحدثيين بالألمانية تحت رحمة دول أخرى كأقليات فيها (في بولندا وتشيكسلوفاكيا)
‏قضت معاهدة فرساي:
- ألمانيا تدفع فواتير الحرب، مبالغ هائلة جدا أدخلتها فقرا شديدا
‏- يمنع أن يزيد جيشها عن 100 ألف أو صناعة السفن والدبابات والطائرات
‏- الراين لاند مع حدود فرنسا منزوعة السلاح
‏- بولندا تقسم ألمانيا شطرين لتصل إلى البحر عبر ممر دانزينغ.
‏- يمنع توحد النمسا وألمانيا.
‏من 1918 حتى تولي هتلر السلطة 1933 انهارت ألمانيا اقتصاديا، وشعر الألمان بتعرضهم للسرقة من فرنسا وبريطانيا، فصوتوا لانتخاب هتلر الذي وعد علنا بتدمير معاهدة فرساي والتي كان يسميها Diktate أي الإملاءات
‏1$ = 48 مارك ألماني بعد الحرب
‏ 1$ = 4 ترليون مارك بعد دفع أقساط لتعويضات الحرب!
‏تولى هتلر السلطة عام 1933 وبدأ بالاصلاح الاقتصادي والقضاء على البطالة ونهضة الأمة الألمانية، وقام بدمج مكتب المستشار مع مكتب الرئيس ليصبح منصبا جديدا واحدا اسمه الفوهرر وهو القائد الأعلى ولم يحصل عليه إلا هتلر.
‏كان هتلر يرى أن اليهود.هم سبب الحروب
‏والتحريش بين الأنجلو***ون.
‏مع وصوله للسلطة لم يدفع فلسا واحدا للحلفاء، وتوقف نظام التعويضات، ثم شرع بإعادة تسليح ألمانيا (تماما كما قرر شولتز قبل أسابيع) وكانت مقامرة، هل ستدخل فرنسا الحرب لأجل ذلك؟ جرأة هتلر أعطت دوما الأولوية للأمة الألمانية، وبدأ (العقل الألماني) بصناعة الدبابات والطائرات والسفن الحربية ‏
بعد الحرب الأولى سيطرت فرنسا على أراضي سار
‏ووفق معاهدة فيرساي ستبقى تحت حكم الفرنسيين 15 عاما، ثم يجرى فيها استفتاء شعبي والحكم فيها للشعب إن شاؤا تحكمهم فرنسا أو ألمانيا أو الاستقلال، كانت الانتخابات حرة ونزيهة وبإشراف الأمم المتحدة... والنتيجة:
‏98% من شعب سار اختار هتلر
‏7/3/1936
‏الجيش الألماني يدخل إقليم راينلاند والذي قضت معاهدة فيرساي بأنه منطقة منزوعة السلاح، ومرة أخرى... شجاعة وجرأة الفوهرر انتصرت في مقامرة جديدة، فلم يجرؤ أحد على دخول دوامة الحرب من جديد، وقال الحلفاء بلسان حالهم: ألمان يستعيدون مناطقهم الألمانية...
‏18 يوليو 1936

‏فازت في اسبانيا حكومة اشتراكية شيوعية منتخبة، فانقلب عليها العسكر (المحافظين) وبدات حرب أهلية في اسبانيا بين
‏الحكومة الشيوعية vs المتمردون من الجيش (الثوار بقيادة فرانسيسكو فرانكو)
‏روسيا بدات تدعم الشيوعيين
‏ألمانيا وايطاليا يدعمون الثوار بقيادة فرانكو
‏7 يوليو 1937
‏اندلعت حرب شاملة بين الصين واليابان (تعتبر بداية الحرب العالمية الثانية عمليا)
‏قتل فيها ثلث مليون صيني وانتصرت فيها اليابان ودخلت بكين بعد عام.
‏تحالفت اليابان مع ألمانيا وإيطاليا لتحمي نفسها من الشيوعيين في روسيا.
‏قامت فرنسا بإنشاء خط تحصينات دفاعية قوية امتدت على طول الحدود مع ألمانيا وسمي الخط على اسم وزير دفاعها آنذاك (خط ماجينو) كما تحالفت مع تشيكسلوفاكيا وبولندا.
‏كانت بولندا تحتل أراض ألمانية وتضطهد الألمان بداخلها، وكذلك تشيكسلوفاكيا أيضا، وكان هتلر عازما على حماية حقوق الألمان...
‏12 مارس 1938
‏اتحدت ألمانيا مع النمسا، حيث قام هتلر بالضغط على الحكومة النمساوية وارتفعت الأصوات المؤيدة للاتحاد مع ألمانيا (كانت النمسا تعامل كولاية ألمانية مثل تايوان اليوم جزء من الصين في السياسات الخارجية) وهكذا توسع الرايخ ليشمل أراضي النمسا بالكامل والتي أيدت هتلر بغالبيتها
‏خريف 1938 فتح هتلر قضية الألمان السوديتن المضطهدين في تشيكوسلوفاكيا، فاجتمع قادة أوروبا في ألمانيا - ميونخ وقرروا تسليم أراضي السوديتن لهتلر، تفاديا لاندلاع الحرب الشاملة، ورضخت تشيكوسلوفاكيا للأمر الواقع ثم تفككت بعد ذلك، وهكذا توسع الرايخ ليشمل أراضي السوديتن.
‏كانت وجهة نظر هتلر حول الألمان السوديتن في تشيكوسلوفاكيا مطابقة لوجهة نظر بوتين الآن حول الروس بدونباس، إذ كان يرى هتلر أن الألمان السوديتن وهم 3 مليون ألماني يعيشون على حدود ألمانيا يتعرضون للاضطهاد والتطهير العرقي من قبل التشيكيين، وأنهم سيكونون أفضل حالا إذاانضموا لدولتهم الأم
‏خرج رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين بتصريح للصحفيين من ميونخ قائلا:
‏"عندما سأعود... سأجد لدي الإمكانية لأقول إن مآسي الحرب القاتمة انتهت، وإن الخطر قد زال، شكرا لكم... ستنمو الوردة بسلام"
‏كان هذا التصريح قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بأقل من سنة....
‏اعتقد العالم حينها أن الحرب أصبحت من الماضي، وسميت اتفاقية ميونخ اتفاقية فيرساي الجديدة العادلة، وعاد تشامبرلين إلى لندن ملوحا بورقة الاتفاقية، وقال:
‏"اتفقت مع هتلر أن الحوار هو الحل لمعالجة كل المشاكل والخلافات وضمان السلام في أوروبا"
‏بعد تفكك وضم تشيكوسلوفاكيا للرايخ طالب الألمان بمدينة أخرى هي دانزينغ، مدينة ألمانية، يسكنها ألمان، تفصل بين اقليمين ألمانيين، ولكنها كانت من نصيب بولندا عند تقسيم الكعكة الجيوساسية بعد الحرب العالمية الأولى، أقامت بريطانيا وفرنسا تحالفا مع بولندا كاشارة انذار إلى هتلر...
‏15/3/1939
‏القائد الإيطالي موسوليني يدخل ألبانيا بهدف السيطرة على البحر المتوسط الذي كان يسميه "بحرنا"

‏22/8/1939
‏وقع هتلر معاهدة عدم الاعتداء مع ستالين واتفقا سويا على تقاسم بولندا مناصفة.
‏كانت بولندا تثق بوعود الحلفاء كما تثق بهم أوكرانيا اليوم، وظنت أن فرنسا وبريطانيا سيهاجمون ألمانيا إذا اندلعت الحرب، مما دفع بولندا لمزيد من التهور وحشدت قواتها على طول الحدود مع ألمانيا، وبدأت الحرب بين ألمانيا وبولندا بتراشق التهم كل طرف يدعي أن الآخر هو الذي بدأ الهجوم...
‏3/9/1939
‏أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا، بسبب هجوم الأخيرة على بولندا، وتبعها في ذلك فرنسا، لم يعرهم هتلر أي اهتمام، وأكمل مهمته مع ستالين في السيطرة على بولندا، وذهبت الوعود الغربية لبولندا بالدفاع عنها في مهب الريح...
‏في أقل من شهر سيطر الألمان على بولندا مع السوفييت، وقام هتلر بقصف وتسوية وارسو بالأرض وقال كلمته الشهيرة: "هذا ما أعددناه لكم!" أما البريطانيون والفرنسيون فقد اكتفوا بتحشيد قواتهم وجلب الجنود من الهند وافريقيا والمستعمرات الأخرى، ولم يخل الأمر من عمليات هجومية إعلامية...
‏بعد سيطرة هتلر على بولندا صرح بأنه لا يعادي الفرنسيين ولا البريطانيين، وانتقد اعلانهم الحرب على ألمانيا، ودعا إلى مؤتمر سلام أوربي للقوى العظمى، ووصف الحرب في الجبهة الغربية بأنها سفك للدماء وازهاق للأرواح ولكن الحلفاء رفضوا ذلك...
‏ومع اعلان الحرب إلا أن القوى العظمى خافت الولوج في خضم هذه الحرب، وسميت هذه المرحلة من الحرب (9شهور) مرحلة الحرب المضحكة
‏ثم بدأت بعدها مناوشات بحرية...
‏امتلكت بريطانيا: 15 سفينة حربية 50 غواصة
‏أما فرنسا: 9 سفن حربية و70 غواصة
‏وأما ألمانيا: 5 سفن حربية و50 قارب U (غواصة ألمانية)
‏اندلعت الحرب بين السوفييت وفنلندا فهاجم السوفييت بقوة كبيرة، يمكن تلخيص ما حصل حينها بالمشهد الأوكراني اليوم تماما، حيث يكرر بوتين أخطاء ستالين حذو القذة بالقذة، فستالين ظن حينها أن هجوما سريعا على البلاد سيؤدي لسقوط النظام وسيرحب بهم الشعب الفنلندي لتخليصهم من الرأسمالية...
‏وكما شاهدنا العربات الروسية بالأمس مهجورة في الطرقات الأوكرانية تسحبها الجرارات لنقص الوقود والدعم اللوجستي، ترك ستالين جيشه يتجمد في غابات فنلندا الباردة دون أي تنسيق أو تخطط حربي سليم، أخطاء في الحسابات، واستهانة بالعدو، واغترار زائد بالكثرة أدت لكوارث في الجيش السوفييتي...
‏تحول الفنلنديون من الدفاع إلى الهجوم وأذاقوا الجيش السوفيتي الويلات مما أجبر الروس على الجلوس إلى المفاوضات، ولكن الحجم الهائل للجيش السوفييتي وتفوقهم الكبير بالعدد والعتاد آتى أكله بمرور الزمن فرضخت فنلندا للشروط السوفييتية بعد أن خسر السوفييت 200 ألف جندي مقابل 25ألف فنلندي فقط
‏بعد انتهاء الحرب بين فنلندا والسوفييت تحالف الفنلنديون مع هتلر، ورأى هتلر بهذا الحلف فرصة عظيمة في الاستعداد للحرب الكبرى التي يجهز لها ضد السوفييت، لم يكن هتلر يرغب في قتال الأوروبيين حقيقة، بل كان يرغب بقيادتهم للقتال في الشرق ضد الشيوعيين أعدائه اللدودين...

---

rwm ijgv