منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   قصص الانبياء و سيرة الصحابة والتابعين (http://www.binybohair.com/vb/f69/)
-   -   🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴 (http://www.binybohair.com/vb/binybohair54178/)

الرهيب 10-28-2023 02:48 PM

🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏



الحلقة 49
قبل الأخيرة


🪴 عدد الأحاديث التي رواها عمر بن الخطاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم

ان عمر بن الخطاب ومنذ ان اعلن للاسلام اصبح ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلم منه أمور الدين والحياة ويسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يقوله.
وقد اتفق على أن عمر بن الخطاب روي عن الرسول ما يقرب من الخمسمائة وتسعاً وثلاثين حديث. (539)
وقد جاء في صحيح مسلم والبخاري عدد ستة وعشرين حديث وقد انفرد فيها الإمام البخاري بأربعٍ وثلاثين حديثاً، و انفرد الإمام مسلم بإحدى وعشرين حديثاً.

عرف عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب أنه كان حازما في أمر رواية الحديث وانه كان لا ينطق بكلمة لم يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ما ورد في صحيح الإمام البخاري ومسلم حيث ان عمر كان شديد العدل حتى في نطقه للكلمات.
عندما نوى عمر بن الخطاب أن يكتب السنن رجع إلى أصحاب رسول الله يستشيرهم في الامر، فاشاروا عليه بإجماع ان يكتبها الا انه ظل يستخير الله شهرا أن يكتبها .

أن عمر بن الخطاب كان قريبا وملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد من المواقف في حياته اليومية وكان يسمع كل ما يقوله رسول الله بدقة شديدة

ومن أشهر الأحاديث التي رواها عمر عن رسول الله ما يلي :

عن عمر بن الخطاب ،ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(أنما الأعْمالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لكل اِمْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسولِهِ، ومَن كانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيا يُصِيبُها أوِ امْرَأَةٍ يَنكحها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ).

عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ).

عن عمر بن الخطاب ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(لَا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا: عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ).

🪴عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعمل على توسعة المسجد الحرام في مكة

بعد أن أعادت قريش بناء الكعبة،بقيت على حالها ،وكان المسجد الحرام بلا جدران أو أبواب وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في سنة 17هـ بدأت أعمال التوسعة الأولى للمسجد الحرام، بعدما أفسد سيل "أم نهشل" نسبة إلى أمرأة جرفها السيل مباني المسجد الحرام، فقد انحدر السيل من جانب المسعى، كما أقنلع السيل مقام أبراهيم من موضعه فقام عمر برده الى مكانه ٠
ونظرا لضيق المسجد بالمصلين رغب عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد، فاشترى البيوت الملاصقة للمسجد الحرام وهدمها وعمل على زيادة مساحة المسجد الحرام بمقدار 560 م 2
وأقام جدارا حوله، وجعل له أبوابا، ووضع عليه مصابيح كي تضيء خلال الليل وعمل سدا لحجز ماء السيول عن الكعبة وتحويلها إلى وادي إبراهيم المجاور، وتعد أعمال عمر بن الخطاب، هي أول توسعة للمسجد الحرام في العصر الإسلامي.

🪴عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعمل على توسعة المسجد النبوي في المدينة

لمَّا عاد النبي ( صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم ) من غزوة خيبر ، قام بأول توسعة لمسجده الشريف ؛ وذلك نظراً لزيادة عدد المسلمين ، وقد تم ذلك في المحرم سنة 7هـ ، فزاد 20م في 15م تقريبا ، حتى صار المسجد مربعاً
50 م × 49.5 م2 ، ومساحته الكلية 2475 م2 ،
بزيادة قدرها : 1415 م2 . وبلغ ارتفاع الجدران 3.50 م ، وعدد الأبواب : 3 أبواب ، وعدد الأعمدة 35 عمود . وأصبحت الإنارة بعد القرن التاسع الهجري ، تتم بواسطة أسرجة ( جمع سراج ) توقد بالزيت ، موزعة في أنحاء المسجد ( 3 ) .

التوسعة الثانية للمسجد النبوي في عهد عمر بن الخطَّاب ( سنة 17 هـ ) :

كثر عدد المسلمين في عهد عمر بن الخطَّاب ، وظهر تصدُّع ونخر في بعض أعمدة المسجد ، فقرر عمر عام 17هـ توسعة المسجد النبوي .

وقد امتدت التوسعة في ثلاث جهات : إلى الجنوب خمسة أمتار ، وإلى الغرب عشرة أمتار ، وإلى الشمال خمسة عشر متر . ولم يزد في الجهة الشرقية ؛ لوجود حجرات أزواج النبي ( صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم ) .

وبعد هذه التوسعة صارت مساحته الكلية : 3575 م2 ، بزيادة قدرها : 1100 م2 ، وارتفاع جدرانه 5.50م وعدد أبوابه : 6 ، ألاروقة 6
عدد الأعمدة 46
، وجعل له ساحة داخلية ( صحن المسجد ) فرشت بالرمل والحصباء من وادي العقيق . وجعل له ساحة أخرى خارجية ، تسمى ” االبطيحاء ” ، وهي ساحة واسعة تقع شمالي المسجد ؛ أُعدت للجلوس لمَن يريد التحدُّث في أي أمر، وذلك حرصاً من عمر على أن يظل للمسجد هيبته ووقاره في قلوب المسلمين . وظلت إنارة المسجد تتم بواسطة الأسرجة التي توقد بالزيت ( 4 ) .

أمير المؤمنين ‏عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصدر قراراً بهدم بيت العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم وتعويضه ببيت بديل عنه فى مكان آخر ‏والسبب هو توسعة المسجد … ماذا كان يحول في ذهن عم النبي صلى الله عليه وسلم..
‏اسمع رد العباس قال لا ياعمر لن تهدم بيتى ..
‏فقال امير المؤمنين عمر ياعباس إنه من أجل بيت الله ..
‏قال العباس لن أسمح لك ياعمر
‏فقال امير المؤمنين عمر فلنلجأ إلى القضاء…
‏فقال عمر اختر لك قاضيا يحكم بيننا ياعباس ..
‏فقال العباس اختار القاضى شريح
‏فقال أمير المؤمنين عمر وأنا موافق ..فرد العباس أحضره لنا يا أمير المؤمنين ؟ فقال امير المؤمنين عمر ‏القاضى لايذهب إلى أحد بل نحن من نذهب إليه
‏فذهبا إلى القاضى وعندما تكلم القاضى وقال لعمر ياأمير المؤمنين !!
‏فرد أمير المؤمنين عمر قائلا لاتنادينى
‏ بأمير المؤمنين لأننا فى دار القضاء !! نادينى بعمر …
‏فقال القاضى ياعمر إن أبعد البيوت عن الحرام هو بيت الله وليس لك أن تهدم بيت العباس وتعوضه مكانه ألا برضاه
‏فماذا كان رد امير المؤمنين عمر ؟
‏قال له ونعم القاضى أنت ياشريح
‏فقام امير المؤمنين عمر بترقية القاضى إلى دار القضاء ببلاد الشام .. ثم قال العباس لعمر…
‏إنى قد تنازلت عن بيتى برضاي ياعمر من أجل الله

تابعونا
.

الرهيب 10-28-2023 02:49 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴

الحلقة. 50 والأخيرة

أستشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قبل أن نأخذ قصة أستشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نأخذ بعض من أشهر أقواله

أأشهر إقوال عمر بن الخطاب

من قال أنا عالم فهو جاهل

إذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة

تعلموا العلم و علموه الناس , و تعلموا الوقار و السكينة , وتواضعوا لمن تعلمتم منه و لمن علمتموه , ولا تكونوا جبارة العلماء فلا يقوم جهلكم بعلمك

من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس.

عليكم بذكر الله تعالى فإنه دواء , و إياكم و ذكر الناس فإنه داء

لا يعجبكم من الرجل طنطنته في الصلاة ، ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس ، فهو الرجل

اللهم اقدرني على من ظلمني لأجعل عفوي عنه شكراً لك على مقدرتي عليه

“لاتنظروا إلى صيام أحد، ولا إلى صلاته، ولكن انظروا من إذا حدّث صدق، وإذا ائتُمِن أدى، وإذا هم بالمعصيةة ورع”

إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء

استعيذوا بالله من شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر

ان الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها،اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر كريم

إن في العزلة راحة من أخلاط السوء ، أو قال من أخلاق السوء .

تعلمو المهنة فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنته

رب أخ لك لم تلده أمك

لا تعتمد على خلق رجل حتى تجربه عند الغضب.

لو كان لي الخيار بان اختار لما كنت غير بائع للازهار فان فاتني الربح لم يفوتني العطر -

ترك الخطيئة خير من معالجة التوبة

لا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك، وهديت لرشدك، أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل

ما ندمت على سكوتي مرة، لكنني ندمت على الكلام مرارا

أحب الناس إليّ من رفع إليّ عيوبي

من كثر ضحكه قلت هيبته

وإذا عرض لك أمران: احدهما لله والآخر للدنيا، فآثر نصيبك من الآخرة على تصيبك من الدنيا، فان الدنيا تنفد والآخرة تبقى

لكل شيء شرف، وشرف المعروف تعجيله.

نحن أُمّة أراد الله لها العِزّة فإن أبتغينا العزة بغير الله أذلنا الله

من عرّض نفسه للتهمة، فلا يلومنّ من أساء الظن به

ثلاث تثبت لك الود في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه

أفضل الزهد إخفاء الزهد

ذكر الله عند أمره و نهيه خير من ذكره باللسان

لا عمل لمن لا نية له.

الرجال ثلاثة: رجل ذو عقل ورأبن ورجل إذا حز به أمر أتى راي فاستشاره، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا

‎ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد المودة والعداء بعد الاخاء

اتقوا من تبغضه قلوبكم

ان الدنيا بقاؤها قليل وعزيزها ذليل وشبابها يهرم وحيها يموت فالمغرور من اغتر بها

لوددت أن أخرج من الدنيا كفافاً لا لي ولا عليَّ!

الخير كلُّه في الرضا فإن استطعت فارضَ وإن لم تستطع فاصبر.

ما وجد أحد فى نفسه كبرا الا من مهانة يجدها فى نفسه

اعرف عدوك، واحذر من صديقك إلا الأمين.

أميتوا الباطل بالسكوت عنه .

من طمع في الجنة اجتهد في طلبها، ومن خاف من النار اجتهد في الهرب منها.

أبخل الناس، الذي يبخل بالسلام .. وأعجز الناس، الذي يعجز عن دعاء الله


أشقى الولاه من شقيت به رعيته.

إذا أسأت فأحسن، فغني لم أر شيئا أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة حديثة لذنب قديم.

الولاية حلوة الرضاع، مرة الفطام

إياك ومؤاخاة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

من كتم سره كان الخيار في يده


ولو أنّ الله كشف لنا حُجب الغيب ، ما اختار إنسان لنفسه غير ما اختاره الله له.

إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ لها رأسك حتى تتخطاك.

ماكانت الدنيا هم أحد قط إلاّ لزِم قلبه أربع خصال: فقرٌ لا يُدرك عناه ، وهمٌّ لا ينقضي مداه ، وشُغل لا ينفد أولاه ، وأملٌ لا يبلغ منتهاه


إذا غاب أحدهم تفقدوه .. وإذا مرض عادوه .. وإذا افتقر أعانوه .. وإذا احتاج ساعدوه .. وإذا أصيب واسوه .. دينهم النصيحة ففيم يختصمون؟

لكل صارم نبوة، ولكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة.
.
عجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء .. عجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون بالأمس جيفة.

نجوع ونحن نعلم متى سنأكل فتذكروا من يجوع ولا يعلم متى يحين طعامه.

العاجز من عجز عن سياسة نفسه , والعاقل من اعتبر يومه بأمسه.

تأدبوا ثم تعلموا.

عاملوا الناس بما يظهرونه لكم والله يتولى ما في صدورهم.

خير لي أن أعزل والياً من أن أبقي ظالماً ساعة من نهار! فإن تبديل الوالي أيسر من تبديل الرعية ..

إذا كان في الإنسان عشر خصال : تسعة منها صالحة وواحدة هي سوء الخلق ، أفسدت هذه الخصلة تلك التسعة.

لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني , وأعلموا أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.

كفى بك عيبا أن يبدو لك من أخيك ما يخفي عليك من نفسه، أو تؤذي جليسك فيما لا يعنيك، أو تعيب شيئا وتأتي بمثله.

لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين.

ما أعطي عبد بعد الإسلام خيرآ من أخٍ صالح، فإذا رأى أحدكم ودآ من أخيه فليتمسك به.

التوبة النصوح أن يتوب من الذنب، ثم لا يعود إليه، كما لا يعود اللبن في الضرع..

.🪴أستشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴

🌴نهاية خلافة عمر بن الخطاب
دعاء عمر وطلبه للشهادة في آخر حجة له سنة 23هـ
عن سعيد بن المسيب رحمه الله: أن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح فكوم كومة من بطحاء، فألقى عليها طرف ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء فقال:
“اللهم كُبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيّتي، فأقبضني غير مضيِّع، ولا مفرط، اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد نبيك”، فسمعته ابنته حفصة أم المؤمنين وزوج رسول الله ﷺ: فقالت: أنى يكون هذا؟ قال: يأتي به الله إذا شاء.
فلم تمض سنة بعد ذلك، إلا وعمر يسقط شهيدًا في مدينة رسول الله ﷺ.
🌴كيفية دخول أبو لؤلؤة المجوسي الى المدينة :

منع الفاروق للسبايا من الإقامة في المدينة
كان من سياسة عمر أنه لا يسمح للسبي بدخول المدينة المنورة، عاصمة دولة الإسلام، فكان يمنع مجوس العراق وفارس، ونصارى الشام ومصر من الإقامة في المدينة إلا إذا أسلموا ودخلوا في هذا الدين، وهذا الموقف يدل على حكمته وبعد نظره؛
لأن هؤلاء القوم المغلوبين المنهزمين يضمرون الحقد على الإسلام وأهله بعد الهزائم التي تلقوها على أيدي المسلمين ،، فكانت قلوبهم مبغضة، كثيروا التآمر والكيد ضد الإسلام والمسلمين، ولذلك منعهم من الإقامة فيها لدفع الشرِّ عن المسلمين، إلا أنّ بعض الصحابة رضي الله عنهم كان لهم رقيق من هؤلاء السبايا، وكان الفاروق يكره بقائهم.
كان المُغِيرَة بنُ شُعْبَة واليًا على الكوفة، فكتب إلى عمر يذكر له غلامًا عنده صانعًا، ويستأذنه في أن يدخله المدينة، ويقول: “إن عنده أعمالاً تنفع النَّاس، إنه حدَّادٌ نقَّاشٌ نجَّارٌ”؛وهو أبو لؤلؤة المجوسي وكان يكنى ياابو لؤلؤة نسبة آلى أبنته
فأَذِنَ له عمر بدخول المدينة ، وكان المغيرة يأخذ منه كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل عليَّ غلتي، فكلِّمه أن يخفف عني.
فقال عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك، ونية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف عنه، فغضب العبد، وقال: وسع كلهم عدله غيري؟‍‍! فأضمر على قتله، فاصطنع خنجرًا له رأسان، وشحذه، وسمّه، ثم أتى به الهُرْمُزان، فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى أنك لا تضرب به أحدًا إلا قتلته.

🌴مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال عمرو بن ميمون: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس، غداة أصيب، وكان إذا مرّ بين الصفين، قال استووا، فإذا استووا، تقدّم فكبّر، قرأ سورة يوسف في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبَّر، فسمعته يقول:
(قتلني -أو أكلني- الكلب)، حين طعنه، فطار العلج (القاتل) بسكين ذات طرفين، لا يمرُّ على أحد يمينًا ولا شمالًا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلًا، مات منهم تسعة وفي رواية أخرى سنة، فلما رأى ذلك عبد الرحمن بن عوف طرح عليه بُرْنسًا، فلما ظنّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه.فمات ٠
فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرُون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله، فحمل الفاروق إلى داره، ثم قال: (يا ابن عباس، انظر من قتلني)، فجال ساعة، ثم جاء، فقال: غلام المغيرة بن شعبة ، قال: الصَّنَع (يشير إلى غلام المغيرة بن شعبة، وهو أبو لؤلؤة المجوسي فيروز)، قال: نعم.
قال عمر: (قاتله الله لقد أمرت به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل منيّتي بيد رجل يدّعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك -يريد العباس وابنه عبد الله- تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة)، وكان العباس أكثرهم رقيقًا،

🌴اللحظات الأخيرة:
يقول ابن عباس: دخلت على عمر حين طُعنْ، فقلت: “أبشر بالجنة، يا أمير المؤمنين: أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله ﷺ حين خذله الناس، وقبض رسول الله ﷺ وهو عنك راضٍ، ولم يختلف في خلافتك اثنان، وقُتلت شهيدًا”.
فقال عمر: أعد عليَّ، فأعدت عليه، فقال: (والله الذي لا إله إلا هو، لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع).

🌴وصية عمر بن الخطاب قبل وفاته
الجانب الديني
قال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا،

🌴أختيار الخليفة من بعده

اهتمَّ عمر بوحدة الأمة ومستقبلها حتى في اللحظات الأخيرة من حياته، وقد ابتكر طريقة جديدة لم يسبق إليها في اختيار الخليفة الجديد، وكانت دليلا على فقهه في سياسة الدولة الإسلامية:
مضى قبله الرسول ﷺ ولم يستخلف بعده أحدًا بنص صريح، ومضى أبو بكر الصديق واستخلف الفاروق بعد مشاورة كبار الصحابة، فلما طُلب من الفاروق أن يستخلف وهو على فراش الموت، فكر في الأمر مليًا، وقرر أن يسلك مسلكًا آخر يتناسب مع المقام، جمع فيه بين تصرف رسول الله ﷺ وتصرف أبو بكر.
طريقة عمر في أختيار أمير المؤمنين
تعتمد على جعل الشورى في عدد محصور من الصحابة، وقد أختار ( 6 )من صحابة رسول الله ﷺ كلهم يصلحون لتولي الأمر، وهم: (علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله) رضي الله عنهم جميعًا. ولم يختار أبن عمه سعيد بن زيد أو أبنه عبدالله بن عمر
وحدد لهم طريقة الاختيار وان تتم خلال (3 أيام)، وعدد الأصوات الكافية لاختيار الخليفة، وعدد الحكم في المجلس، والمرجح إن تعادلت الأصوات، وأمر بقتل من يريد أن يخالف هؤلاء، ويشق عصا المسلمين، ويفرق بينهم بقوله ﷺ:
(من أتاكم وأمركم جمع على رجل منكم، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)، وأمر صهيب الرومي يصلي بالناس في أثناء التشاور، حتى لا يولي إمامة الصلاة أحدًا من الستة، فيصبح هذا ترشيحًا من عمر له بالخلافة.

🌴دين عمر
قال عمر لأبنه : ياعبد الله بن عمر انظر ما عليّ من الدَّين، فحسبوه فوجدوه (86) ألفًا أو نحوه، قال: إن وفى له مال آل عمر، فأدّه من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم، فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدّ عني هذا المال، فلما مات نقل ابنه عبد الله ما كان على أبيه ووضعه في ذمته.
“فظنَّ عمر أن له ذنبًا إلى النَّاس لا يعلمه، فدعا ابن عباس، وكان يحبُّه فقال: أحبُّ أن تعلم عن مَلاءٍ منَ النَّاس كـان هذا؟ فخـرج، لا يمرُّ بمَلاءٍ من النَّاس إلا وهم يبكون، فكأنما فقدوا أبكارَ أولادهم، فأخبره، قال ابن عباسَّ: فرأيت البِشْرَ في وجهه.
حتى إنَّ القوم قالوا: “لوددنا أن الله زاد في عمركَ من أعمارنا، من محبَّتهم له “.

🌴تيقن الموت🌴
عرف عمر ( رضي الله عنه ) أنه ميت لامحاله بسبب هذه الطعنات التي تلقاها من أبو لؤلؤة المجوسي وذلك عندما جيء له بالحليب فشربه فخرج الحليب من خاصرته .. فقال له الطبيب : أوصِ يا أمير المؤمنين فإنك لن تعيش ...!!
فنادى ابنه عبدالله وقال له :
ائتني بحذيفة بن اليمان ...
وجاء حذيفة وهو الصحابي الذي أعطاه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) جدولا بأسماء المنافقين ولا يعرفهم إلا الله ورسوله وحذيفة
وقال عمر و #الدماء تجري من خاصرته : يا حذيفة بن اليمان اناشدك الله هل قال الرسول اسمي بين المنافقين ...؟
فسكت حذيفة ودمعت عيناه وقال : ائتمنني على سر لااستطيع أن أقوله يا عمر
قال : بالله عليك قل لي هل قال رسول الله اسمي بينهم ...؟؟
فبكى حذيفة فقال :
اقول لك ولا اقولها لغيرك والله ما ذكر اسمك عندي ...
فقال عمر لإبنه عبدالله :
بقي لي من الدنيا أمر واحد ؟؟
فقال له : ما هو يا ابتاه ؟
قال :
أن ادفن بجوار رسول الله
يا بني اذهب الى عائشة أم المؤمنين .. ولا تقل أمير المؤمنين بل قل عمر يستأذنك انتي صاحبة البيت إن إذنت أن يدفن عمر تحت قدمي صاحبيه ...
فقالت : نعم قد كنت أعددت هذا القبر لي واليوم اتركه لعمر ...
فعاد عبدالله فرحأ وقال :
يا ابتاه قد إذنت ثم رأى خد عمر على التراب فجلس عبدالله ووضع خده على فخده فنظر إلى ابنه وقال له : لم تمنع خدي من التراب ؟
قال : يا ابتاه
قال : ضع خد ابيك على التراب ليمرغ به وجهه فويل عمر أن لم يغفر له ربه غدا
ومات عمر بعد أن أوصى ابنه فقال :ان حملتني وصليت عليّ في مسجد رسول الله فأنظر إلى حذيفة فقد يكون راعني في القول فإن صلى عليّ حذيفة فاحملني باتجاه بيت رسول الله
ثم قف على الباب فقل يا أماه ولدك عمر ولا تقل أمير المؤمنين فقد تكون استحييت مني فأذنت لي فإن لم تأذن فادفني في مقابر المسلمين
فحمله ونظر في المسجد فجاء حذيفة وصلى عليه ...!!
فاستبشر بن عمر
وبعد أن صلى عليه المسلمين حملوه إلى بيت عائشة ، فقال عبدالله بن عمر يا أمنا ولدك عمر في الباب هل تأذنين له ؟
فقالت : ادخلوه
فدفن عمر رضي الله عنه بجانب صاحبيه...في الحجرة النبوية
وكان أستشهاده يوم الأربعاء 27 من ذي الحجة سنة 23 هجرية وعمره 63 سنة ٠
وقيل أنه عاش بعد ما طعن 3 أيام ،وفي رواية أخرى 7 أيام ثم مات ٠
بكى عليه المسلمين رجالا ونساء ،كبيرهم وصغيرهم ،لما وجدوه من العدل والمساواة وقلة الفتن في عهده ٠
رحم الله الفاروق عمر بن الخطاب :
الذي ملأ الأرض عدلا وفتحا وخاف الله خوفا شديدا ،أراد الأخرة ولم يرد الدنيا مع ان الرسول صل الله عليه وسلم بشره بالجنة .. فما بالنا نحن اليوم لايدري احدنا أربُّه راضٍ عنه ام لا ؟ ومع ذلك نلهو ونضحك ولانخاف ولا نخشى ولانفكر بمصيرنا بعد الموت...!!
اللهم احسن خاتمتنا وثبتنا عند الموت
اللهم اهدننا وذرياتنا..هداية لانشقى ولانضل بعدها أبداً يارب العالمين

الرهيب 10-28-2023 02:49 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴 الخليفه الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة. 1

عُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ

هو ثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين بالجنه ومن السابقين الأولين في الآسلام ، وأفضل الناس بعد ابي بكر وعمر بعد الأنبياء والرسل ،بذل ماله في سبيل الله وكان أحد عوامل نجاح الدعوة الآسلامية
وهو نموذج خاص من نماذج الشخصيات الناجحة التي قدمها الآسلام للأمة جمعت فيه صفات عظيمة وأخلاق رفيعة ومكانه عالية وعقل راجح خولته لأن يكون صاحب سابقة في الآسلام ,, وهو صهر رسول الله صلى الله عليه ٠

🌴أسمه و مولده :

هو: «عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان».

يلتقي نسبه بنسب الرسول محمد في عبد مناف.

🌴النسب :
أبوه هو عفان بن أبي العاص بن أمية ( أي أنه ينتسب آلى بني أمية)
أمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب
وهي ابنة عمة النبي محمد، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب.
أشقأؤه هم/ أمنة بنت عفان
أخوته لأمه / الوليد بن عقبة وخالد بن عقبة وعمرو بن عقبة

🌴مولده
ولد عثمان بن عفان في مدينة الطائف وقيل في مكة سنة 47 قبل الهجرة الموافق سنة 576 م وذلك بعد عام الفيل بست سنين. أي أنه أصغر من رسول الله بست سنوات وهو من بطن بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهم من كبار سادات قريش، وأبوه عفان ابن عم أبي سفيان بن حرب. أنجبته أمه أروى بنت كريز وأنجبت كذلك شقيقته آمنة بنت عفان، وبعد وفاة والده عفان، تزوجت أمه من عقبة بن أبي معيط الأموي القرشي وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبنت، هم الوليد بن عقبة وخالد بن عقبة وعمارة بن عقبة وأم كلثوم بنت عقبة فهم إخوة عثمان لأمه. وقد أسلمت أم عثمان وماتت في خلافته، وكان أحد اللذين حملوها إلى قبرها، وأما أبوه فمات في الجاهلية.

🌴كنينه :
كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما جاء له ولد أسماه عبد الله من رقية بنت النبي محمد، كناه المسلمون أبا عبد الله. وكان يلقب بذي النورين لزواجه من رقية ومن ثم أم كلثوم بنتي النبي محمد. صلى اللّه عليه وسلم

🌴صفته :
كان عثمان جميل الوجه ليس بالقصير ولا بالطويل، أسمر رقيق البشرة، كبير اللحية، كثير الشعر، عظيم الكراديس (جمع كردوس، وهو كل عظمين التقيا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، جُمَّته (مجتمع شعر الرأس) أسفل من أذنيه، جذل الساقين، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه. أقنى (بيِّن القنا)، ، يصفِّر لحيته ويشد أسنانه بالذهب.،وكان حسن المظهر ٠

وقال الزهري: «كان عثمان رجلا مربوعا، حسن الشعر، حسن الوجه، أصلع، أروح الرجلين (منفرج ما بينهما)، وأقنى (طويل الأنف مع دقة أرنبته، وحدب في وسطه)، خدل الساقين (ضخم الساقين)، طويل الذراعين، قد كسا ذراعيه جعد الشعر، أحسن الناس ثغرا، جُمَّته (مجتمع شعر الرأس) أسفل من أذنيه. والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل:أسمر اللون..

أما ما جاء في لباسه فقد رئي وهو على بغلة عليه ثوبان أصفران له غديرتان، ورئي وهو يبني الزوراء (الزوراء: دار عثمان بالمدينة). على بغلة شهباء مصفِّرًا لحيته، وخطب وعليه خميصة (وهي كساء أسود له علمان). سوداء وهو مخضوب بحناء، ولبس ملاءة صفراء وثوبين ممصرين، وبردًا يمانيًا ثمنه مائة درهم، وتختم في اليسار، وكان ينام في المسجد متوسدًا رداءه.
كان رضي الله عنه شديد الحياء ،كريما ،سخيا ،وسمح النفس ،محبوبا بين قومه ،وكان زاهدا وكثير العباده لله ٠

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:50 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عمهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 2


زوجات عثمان وذريته

تزوج عثمان بن عفان ثمان زوجات، أنجبن له ستةعشر من الإبناء ،تسعة ذكور وسبع أناث

زوجاته

أم عمرو بنت جندب الدوسية،

فاطمة بنت الوليد المخزومية القرشية،

رقية بنت محمد الهاشمية القرشية ابنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

أم كلثوم بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الهاشمية القرشية ثاني بنات الرسول، ولم تنجب لعثمان، تزوجها بعد وفاة رقية.

فاختة بنت غزوان بن جابر المازنية،

أم البنين بنت عُيينة بن حصن بن حذيفة الفزارية الغطفانية،

رملة بنت شيبة بن ربيعة العبشمية القرشية،

نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية،


زواجه من رقية بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
هي رقيّة بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلّى الله عليه وسلّم، وكنيتها أمّ عبد الله أو ذات الهجرتين؛ لأنّها هاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وأمّها السيدة خديجة رضي الله عنها، وقد أسلمت -رضي الله عنها- وهي في السابعة من عمرها، وذلك عندما أسلمت أمّها خديجة بنت خويلد، وبايعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين بايعته النساء، وقد زوّج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ابنته رقيّة لعتبة بن أبي لهب، وهي في العاشرة من عمرها، ولكنّه فارقها قبل أن يدخل بها، وذلك بعد أن أمره أبوه أبو لهب وأمّه أمّ جميل بذلك بعد أن نزلت سورة تبّت يدا أبي لهب، وبعد صبرها أبدلها الله تعالى بفتى من أعطر وأجمل فتيان قريش، وأكثرهم مالاً، وعزاً، وأكرمهم أخلاقاً، ومن السابقين إلى الإسلام، ومن العشرة المبشرين بالجنّة، إنّه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان زواجها به بعد أن استشارها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفهم منها الموافقة عليه، ثمّ انتقلت رقيّة -رضي الله عنها- إلى بيت عثمان، وهي تدرك أنّها ستشاركه صبره ودعوته إلى الله تعالى، فهاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وأنجبت منه عبد الله الذي تكنّى باسمه، ويوم معركة بدر استأذن عثمان -رضي الله عنه- رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للبقاء مع زوجته بسبب مرضها، فأذن له، فبقي بجوارها إلى أن توفّيت -رحمها الله- وقد بلغت من العمر اثنتين وعشرين سنةً، ودفنت في البقيع.

زواجه من أمّ كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
هي أم كلثوم بنت محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمّها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وقد أسلمت أمّ كلثوم يوم أسلمت أمّها، وبايعت رسول الله يوم بايعته النساء، زوّجها رسول الله لعتيبة بن أبي لهب، ولكنّه فارقها قبل أن يدخل بها، وذلك عندما نزلت سورة تبت يدا أبي لهبٍ، فقال له أبو لهب: (رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته)، فطلّقها، وعاشت مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكّة المكرّمة، وهاجرت معه إلى المدينة المنوّرة، وتزوّجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعد وفاة أختها رقيّة في العام الثالث للهجرة، وقد روت أمّ عيّاش أنّها سمعت رسول الله يقول: (ما زوَّجْتُ عثمانَ أمَّ كلثومٍ إلَّا بوحيٍ من السَّماءِ)، وتوفّيت -رضي الله عنها- في العام التاسع للهجرة، وعند غسلها قالت أم عطية: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسدرٍ، واجعلنَ في الآخرةِ كافورًا، أو شيئًا من كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي، قالت: فلمَّا فرغنا آذَنَّاهُ، فأَلْقَى إلينا حِقْوَهُ، فقال: أَشْعِرْنَهَا إياهُ، وقالت: إنَّهُ قال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو أكثرَ من ذلك إن رأيتُنَّ)،ثمّ دفنها النبيّ عليه الصّلاة والسّلام،

زواجه من نائلة بنت الفرافصة
هي نائلة بنت الفرافصة الكلبيّة، وتتميّز قبيلتها بني كلب بفصاحة اللسان، وعندما خطبها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حملها أهلها إليه، فلمّا اجتمع بها رفع القبعة عن رأسه وظهرت صلعته فقال لها: (يا بنت الفرافصة لا يهولنك ما ترين من صلعي فإن تحته ما تحبين)، فسكتت، فقال لها: (إما أن تقومي إلي، أو أقوم إليك)، فقالت: (أمّا ما ذكرت عن الصلع فإنّي من النساء أحبّ بعولتهنّ لهنّ السادة الصلع، وأمّا قولك إمّا أن تقومي إليّ وإمّا أن أقوم إليك، فوالله إنّ ما تجشمته من قطع الصحراء الواسعة، والسفر الطويل، لأبعد ممّا بيني وبينك، بل أقوم إليك)، ثمّ قامت وجلست إلى جواره، ثمّ مسح على رأسها ودعا لها بالبركة، فعاشت في بيت زوجها محبّةً ومطيعةً، وغمرها بكرمه وحبّه، وتجدر الإشارة إلى أنّها كانت حاضرةً يوم مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد حفظ التاريخ لنائلة موقفاً من أروع مواقف الحبّ والفداء، فعندما دخل قتلة عثمان إلى بيت عثمان -رضي الله عنه- ليقتلوه، دفعها حبّها له لأن تقف أمام سيوفهم؛ لتدافع عن زوجها، وتفديه بروحها، فحاولت أن تمسك السيف بيدها فقُطعت أصابعها، ووصل السيف إلى ذي النورين فقُتل٠


ذرية عثمان بن عفان
ذريته
أبناؤه الذكور تسعة وهم :
عبد الله: ولد قبل الهجرة بعامين، وأمه رقية بنت رسول الله محمد، مات في السنة الرابعة للهجرة، وكان عمره ست سنوات.
عبد الله الأصغر: أمه فاختة بنت غزوان.
عمرو: وأمه أم عمرو بنت جندب، توفي سنة ثمانين للهجرة.
خالد: وأمه أم عمرو بنت جندب.
أبان: وأمه أم عمرو بنت جندب كان إمامًا في الفقه يكنى أبا سعيد، تولى إمارة المدينة سبع سنين في عهد عبد الملك بن مروان،
عمر: وأمه أم عمرو بنت جندب.
الوليد: وأمه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية.
سعيد: وأمه فاطمة بنت الوليد المخزومية، تولى أمر خراسان عام 56 هـ، في عهد معاوية بن أبي سفيان.
عبد الملك: وأمه أم البنين بنت عينية بن حصن، ومات صغيرًا.

بناته
سبع بنات وهن :
مريم: وأمها أم عمرو بنت جندب.الأزدية
أم سعيد: وأمها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزومية.
عائشة وأم أبان وأم عمرو: وأمهم رملة بنت شيبة بن ربيعة.
مريم الصغرى: وأمها نائلة بنت الفرافصة.
أم البنين وأمها عيينه بنت حصن الفزاري

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:50 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه 🪴

الحلقة 3

كان عثمان بن عفان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، فكان مثل صاحبه أبي بكر آذ أنه لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.

يقول عن نفسه رضي الله عنه: "مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ".

وكان رضي الله عنه على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها: الأنساب والأمثال ، وساح في الأرض، فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقواما غير العرب، فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره. واهتم بتجارته التي ورثها عن والده، ونمت ثروته وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش، فقد كان المجتمع المكي الجاهلي الذي عاش فيه عثمان يقدر الرجال حسب أموالهم، ويُهاب فيه الرجال حسب أولادهم وإخوتهم وعشيرتهم وقومهم، فنال عثمان مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة.

أسلام عثمان بن عفان على يد أبي بكر الصديق

يروي ابن إسحاق: لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مؤلفًا لقومه محببًا سهلاً، وكان أنسب قريش، وكان رجلاً تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فانطلقوا ومعهم أبو بكر، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام وبما وعدهم الله من الكرامة، فآمنوا وأصبحوا مقرين بحق الإسلام، فكان هؤلاء النفر الثمانية -يعني مع علي وزيد بن حارثة- الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى.

كان عثمان رضي الله عنه في سن الرابعة والثلاثين من عمره حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤًا أو تلعثمًا بل كان سبَّاقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين، فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال،

قال أبو أسحاق (كان عثمان أول الناس آسلاما بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة ،فهو رابع من أسلم من الرجال )

ولعل هذا السبق إلى الإسلام كان نتيجة لما حدث له عند عودته من الشام، وقد قصه رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه هو وطلحة بن عبيد الله، فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام، ووعدهما الكرامة من الله، فآمنا وصدقا، فقال عثمان: "يا رسول الله، قدمت حديثًا من الشام، فلما كان بين معان والزرقاء، فنحن كالنيام فإذا منادٍ ينادينا: أيها النيام هبُّوا، فإن أحمد قد خرج بمكة. فقدمنا فسمعنا بك".

لا شك أن هذه الحادثة تترك في نفس صاحبها أثرًا عجيبًا لا يستطيع أن يتخلى عنه عندما يرى الحقيقة ماثلة بين عينيه، فمن ذا الذي يسمح بخروج النبي قبل أن يصلي إلى البلد الذي يعيش فيه، حتى إذا نزله ووجد الأحداث والحقائق تنطق كلها بصدق ما سمع به، ثم يتردد في إجابة الدعوة؟ فقد تأمل في هذه الدعوة الجديدة بهدوء كعادته في معالجة الأمور، فوجد أنها دعوة إلى الفضيلة ونبذ الرذيلة، دعوة إلى التوحيد وتحذير من الشرك، دعوة إلى العبادة وترهيب من الغفلة، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة وترهيب من الأخلاق السيئة، ثم نظر إلى قومه فإذا هم يعبدون الأوثان ويأكلون الميتة، ويسيئون الجوار، ويستحلون المحارم، وإذا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم صادق أمين يعرف عنه كل خير ولا يعرف عنه شر قط، فلم تُعهد عليه كذبة، ولم تحسب عليه خيانة.

أسلم رضي الله عنه على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومضى في إيمانه قدمًا، قويًّا هاديًا، وديعًا صابرًا عظيمًا راضيًا، عفوًّا كريمًا محسنًا رحيمًا سخيًّا باذلاً، يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين، حتى اشتدت الدعوة الإسلامية ٠

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:50 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث: عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 4

حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه

ورد في حياء عثمان بن عفان -رضي الله عنه- العديد من الآثار والأحاديث، ومنها ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا في بَيْتِي، كَاشِفًا عن فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فأذِنَ له، وَهو علَى تِلكَ الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فأذِنَ له، وَهو كَذلكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذلكَ في يَومٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ) فاتّصاف عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بخلق الحياء العظيم الذي جعل منه مثلاً حتّى أمام الملائكة.

نماذج من حياء عثمان بن عفان
إنَّ الحياء صفة حميدة اتّصف بها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وقد اتّصف الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- بالحياء اقتداءً بالأنبياء، ومن الذين تميّزوا بالحياء عثمان -رضي الله عنه-، ومن ذلك مجموعة من المواقف التي مرّ بها -رضي الله عنه-، وفي الآتي بيانها

كان يستحي من نفسه عندما يستحم لأنَّه يزيل عن نفسه الثوب؛ فقد كان يستحي حتّى في خلوته من نفسه، قال الحسن -رضي الله عنه- واصفاً ذلك: (إن كان ليكونُ في البيتِ والبابُ عليهِ مغلقٌ فمايضعُ عنهُ الثوبَ ليُفيضَ عليهِ الماءَ يمنعُهُ الحياءُ أن يُقيمَ صُلْبَهُ)
فقد كان شديد الحياء.
شهد له النبي محمّد -صلى الله عليه وسلّم- بحيائه؛ عندما قام واعتدل في جلسته وغطّى ساقيه عندما استأذن عثمان -رضي الله عنه- ليدخل عليه، مع أنّه عندما دخل عليه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- لم يعدّل رسول الله جلسته أو يغطّي ساقيه؛ فقالت عائشة -رضي الله عنها- في ذلك الموقف للنبي -صلى الله عليه وسلّم- تسأله عن السبب: (دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكة



لماذا تستحي الملائكة من عثمان؟

خلق الحياء
لا بدَّ للمسلم أن يكون عفيفًا حييّاً، فالحياء من الإيمان، وهذه عقيدة المسلم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ)، والسّر في أنَّ الحياء من الإيمان هو أنَّ كلاهما يدعو إلى الخير، وكلاهما يصرف عن الشر، فالإيمان باعث للمؤمن على فعل الطاعة وعلى وترك المعصية، والحياء مانع لصاحبه عن التقصير في شكر النّعم أو التفريط في الحقوق، وبما أنَّ الحياء مانع للأفعال القبيحة فكان كله خير ولا يأتي إلا بالخير، وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ).
لماذا تستحي الملائكة من عثمان ؟
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه حسن الخُلق، شديد الحياء، فكانت الملائكة تستحيي منه لعِظم هذه الخصلة فيه، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ)، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يستحيي من عثمان لحياء الملائكة منه، وفي هذا دلالة على مكانة عثمان -رضي الله عنه- عند الله تعالى، فما استحيت الملائكة منه إلا لذلك، فإنَّ الجزاء يكون من جنس العمل،وفي رواية عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم قال: (إنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ).

ويقول المناوي رحمه الله: " كان يستحي حتى من حلائله، وفي خلوته، ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن".

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:51 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 5


كان عثمان بن عفان رضي الله عنه من أحب الناس آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومن دليل محبة النبي لعثمان أنه زوجه بأبنتيه رقية وأم كلثوم ،فعندما توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأختها أم كلثوم ولما توفيت أم كلثوم
في شهر شعبان سنة تسع من الهجرة تأثر عثمان وحزن حزنا شديدا على فراقها ،وراى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرا وفي وجهه الكأبه لما أصابه من موت زوجته ،فدنى النبي منه وقال له :( لو كان عندنا ثالثة لزوجناكها ياعثمان ) وفي هذا دليل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان ودليل على وفاء عثمان لنبيه ،وفيه أيضا دليل على نفي مااعتاد عليه الناس من التشاؤم في مثل هذه الإمور لأن قدر الله ماض وأمره نافذ على كل نفس ٠

من أحاديث رسول الله في عثمان بن عفان رضي الله عنه

أولاً: الأحاديث التي وردت في فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه

1- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له، وبشره بالجنة" ففتحت له فإذا هو أبو بكر فبشرته بما قال رسول الله، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشره بالجنة" ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم استفتح رجل فقال لي: "افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه" فإذا هو عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان )
هذا الحديث تضمن فضيلة هؤلاء الثلاثة المذكورين؛ وهم أبو بكر وعمر وعثمان، وأنهم من أهل الجنة كما تضمن فضيلة لأبي موسى، وفيه دلالة على جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا أمنت عليه الإعجاب ونحوه، وفيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لإخباره بقصة عثمان والبلوى، وأن الثلاثة يستمرون على الإيمان والهدى

2- عن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: "اسكن أحد -أظنه ضربه برجله- فليس عليك إلا نبي وصدِّيق وشهيدان"

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اهدأ، فما عليك إلا نبي أو صدِّيق أو شهيد"

4- حياء عثمان رضي الله عنه:
عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وآله وعثمان حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابسٌ مِرْط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال لعائشة: "اجمعي عليك ثيابك"، فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عثمان رجل حييّ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إليَّ في حاجته" .

5- استحياء الملائكة من عثمان:
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنه قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوَّى ثيابه. قال محمد -أحد رواة الحديث، ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتشَّ له ولم تُبَالِه، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة؟! قال المناوي: مقام عثمان مقام الحياء، والحياء فرع يتولد من إجلال من يشاهده ويعظم قدره، مع نقص يجده في النفس، فكأنه غلب عليه إجلال الحق تعالى، ورأى نفسه بعين النقص والتقصير، وهما من جليل خصال العباد المقربين، فعلت رتبة عثمان كذلك، فاستحيت منه خلاصة الله من خلقه، كما أن من أحب الله أحب أولياءه، ومن خاف الله خاف منه كل شيء

6- أخرج الترمذي عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. "


تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:51 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عمهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 6

ثانيًا: إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة التي يقتل فيها عثمان


1- من نجا من ثلاث فقد نجا:
عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نجا من ثلاث فقد نجا -ثلاث مرات-: موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه"

ومعلوم أن الخليفة الذي قتل مصطبرا بالحق هو عثمان، فالقرائن تدل على أن الخليفة المقصود بهذا الحديث هو عثمان بن عفان رضي الله عنه. وفي الحديث -والله أعلم- لفتة عظيمة إلى أهمية السلامة من الخوض في هذه الفتنة حسيًّا ومعنويًا، أما حسيًّا فذلك يكون في الفتنة من تحريض وتأليب وقتل وغير ذلك، وأما معنويًّا فبعد الفتنة من خوض فيها بالباطل، وكلام فيها بغير حق، وبهذا يكون الحديث عاما للأمة، وليس خاصا بمن أدرك الفتنة

2- يقتل فيها هذا المقنع يومئذ:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل فقال: "يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما" قال: فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان

3- هذا يومئذ على الهدى:
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنع رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا يومئذ على الهدى". فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: "هذا" .

4- تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق:
عن مرة البهزي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بهز -من رواة الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهيج فتنة كالصياصى، فهذا ومن معه على الحق". قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه

5- هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى:
عن أبي الأشعث قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية رضي الله عنه، فتكلموا وكان آخر من تكلم مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها، فمر رجل مقنع فقال: "هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى"، فقلت: "هذا يا رسول الله؟" وأقبلت بوجهه إليه، فقال: "هذا"، فإذا هو عثمان رضي الله عنه .

6- عليكم بالأمين وأصحابه:
عن أبي حبيبة أنه دخل الدار وعثمان محصور فيها، وأنه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام، فأذن له، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنكم تلقون بعدي فتنة واختلافا" أو قال "اختلافا وفتنة"، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ قال: "عليكم بالأمين وأصحابه"، وهو يشير إلى عثمان بذلك

7- فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه:
عن عبد الله بن عامر عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى, فكان آخر كلام كلَّمه أن ضرب منكبه وقال: "يا عثمان، إن الله عز وجل عسى أن يلبسك قميصا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني. يا عثمان، إن الله عسى أن يلبسك قميصا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" ثلاثا. فقلت لها: يا أم المؤمنين، فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله فما ذكرته. قال: فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرضَ بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليَّ به، فكتبت إليه به كتابا .

8- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا وإني صابر نفسي عليه:
عن أبي سهلة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا لي بعض أصحابي" قلت: أبو بكر؟ قال: "لا"، قلت: عثمان؟ قال: " نعم"، فلما جاء قال: "تنحَّ"، فجعل يساره (من السر أي المناجاة) , ولون عثمان يتغير، فلما كان يوم الدار وحصر قلنا: يا أمير المؤمنين، ألا تقاتل؟ قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا وإني صابر نفسي عليه.

وهذا الحديث يبين شدة محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه وحرصه على مصالح الأمة بعده، فقد أخبره بأشياء تتعلق بهذه الفتنة التي ستنتهي بقتله، وحرص عليه الصلاة والسلام على سريتها، حتى إنه لم يصل إلينا منها إلا ما صرح به عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة لما قيل له: ألا تقاتل؟ فقد قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا، وإني صابر عليه . ويظهر من قوله هذا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشده إلى الموقف الصحيح عند اشتعال الفتنة، وذلك أخذا منه صلى الله عليه وسلم بحجز الفتنة أن تنطلق، وفي بعض الروايات زيادة تكشف عن بعض مكنون هذه المسارَّة، فقد جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمَّصك الله عز وجل فلا تفعل" . ومضمون هذا العهد الذي ذكره عثمان رضي الله عنه يتعلق بالفتنة والوصية بالصبر فيها وعدم الخلع، وإن كان يفهم من هذه الأحاديث بأنه سيكون خليفة يومًا ما.

ويبدو أن هناك وصايا وإرشادات تتعلق بهذه الفتنة، انفرد بمعرفتها عثمان رضي الله عنه محافظة من النبي صلى الله عليه وسلم على السرية فيها، ومما يبين ذلك أنه أمر عائشة رضي الله عنها بالانصراف ، عندما أراد الإسرار بها لعثمان رضي الله عنه، كما أسر إليه إسرارا رغم خلو المكان من غيرهما حتى تغير لونه، مما يدل على عظم المسرِّ به. وربط عائشة رضي الله عنها الإسرار بالفتنة دليل واضح على أن هذه المسارة كانت حول الفتنة التي قتل فيها، كما أن الإسرار تضمن توجيهات منه صلى الله عليه وسلم إلى عثمان ليقف الموقف الصحيح عند عرض الخلع، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على الإخبار بوقوع الفتنة، فقد أخبر بذلك في أحاديث كثيرة كما تقدم، فإسراره يدل على أن الأسرار تضمن أشياء أخرى زيادة على الإخبار عن وقوعها، ورغب عليه الصلاة والسلام بالمحافظة على سريتها لحكمة اقتضت ذلك, الله أعلم بها.

وهذا الحديث يفسر لنا جليا سبب إصرار عثمان رضي الله عنه على رفض القتال أثناء الحصار، كما يفسر أيضا سبب رفضه للتنازل عن الخلافة وخلعها عندما عرض القوم عليه ذلك، وهما موقفان طالما تساءل الباحثون والمؤرخون عن السبب الذي أدى عثمان إليهما واستشكلوهما. وحدث فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه من ضمن حوادث كثيرة أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته بأنها ستقع بالغيب، فإن علم الغيب صفة من صفات الله عز وجل، ليست لأحد من خلقه وإنما ذلك علم أطلعه الله عليه وأمره أن يبينه للناس , قال تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السّوء آن أنا آلا نذير وبشير لقوم يؤمنون )
الأعراف 188

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:51 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه 🪴

الحلقة 7

هجرة عثمان بن عفان رضي الله عنه آلى الحبشة

الهجرة الأولى آلى الحبشة

لما جاءت رسالة الإسلام وقف مشركوا قريش في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وعذبتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق، فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجؤون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.
في ظل تلك الظروف التي يعاني منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم مَلكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم، كان في هذه القصة إرشاد للمؤمنين إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه وهو للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان في النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} (الكهف:16).

لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحدث فقالت: ( لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله عليه وسلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها جماعات - حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً ) رواه البيهقي بسند حسن .

قال الله تعالى { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ( النحل:41) قال قتادة – رحمه الله - " المراد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله تعالى دار الهجرة، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين " .

وكان من أسباب هجرة المسلمين آلى الحبشة أيضا هو نشر الدعوة خارج مكة المكرمة، وتكوين قاعدة تحمي العقيدة سبباً رئيساً آخر لتلك الهجرة.

وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة ، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً و أربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وقد كانت هجرتهم في رجب من السنة الخامسة من البعثة ٠
وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت في إثرهم، وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه في طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشي الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان ممن هاجر مع عثمان وزوجته رقية ،الزبير بن العوام ،ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن مظعون وعبدالله بن مسعود وجعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس وأبو حذيفة بن عتبة وزوجته سهلة بنت سهيل وأبو سلمة بن عبدالأسد وزوجته أم سلمة بنت أبي أمية ،وعامر بن ربيعة العنزي وزوجته ليلى بنت أبي جثمة ،وأبو سبرة ب أبي رهم ،وحاطب بن عمرو ،وسهيل بن بيضاء رضي الله عنهم أجمعين

ومكثوا في الحبشة شهرين هما شعبان ورمضان من السنة 5 من البعثة ،ثم عادوا إلى مكة ٠

ومما يستفاد من أحداث الهجرة إلى الحبشة :

1- الصبر على الشدّة والبلاء في سبيل الله فلقد لاقى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة، من الشدّة والأذى ما يصعب على غيرهم احتمالُه.

2- ثبات المؤمنين على عقيدتهم ودينهم الحنيف، دون الخضوع لضغوط الأعداء.

3- شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ورحمته بهم، حيث أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة.
وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم ، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا -فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه..

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:52 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴


الحلقة 8

عثمان بن عفان رضي الله عنه يهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة

ذكرنا في الحلقة السابقة أن المهاجرين مكثوا في الحبشة شهري شعبان ورمضان ولما سمع مَن خرج في المرة الأولى بإسلام قريش، بعد أن قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فعاد أغلبهم، وكان عثمان وزوجته رقية ممن عادوا آلى مكة لكنهم وجدوا قريشًا أكثر شراسة وهيجانًا مما كانت عليه، أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة الثانية آلى الحبشة فعاد عثمان بن عفان رضي الله عنه مع من عاد آلى الحبشة مرة ثانية
فقد ثبت في صحيح البخاري، أنّ عثمان بن عفان قال: (هاجَرْتَ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ).

وتبعهم كثيرون بعد أن اطمأنوا إلى أنهم سيأمنون على دينهم وعيشهم في الحبشة، وتتابع عدد المهاجرين حتى وصل إلى ثلاثة وثمانين رجلًا وأربع وعشرين امرأة، وقد أحسن النجاشي جوارهم، فمكثوا آمنين على دِينهم وأنفسهم.

وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا فيها خير جار النجاشي، أمِنَّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئًا نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جَلْدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدمًا - الجلود - كثيرًا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلا أهدَوْا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص، فأمروهما بأمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم، ثم قدِّما إلى النجاشي هدايا، ثم اسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم، قالت: فخرجا حتى قدما على النجاشي، ونحن عنده بخير دار عند خير جار، فلم يبقَ من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: إنه قد ضوى - لجأ - إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى الملك فيهم أشرافُ قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا، ولا يكلمهم؛ فإن قومهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثم إنهما قدما هداياهما إلى الملك، فقبلها منهما، ثم كلماه، فقالا له: أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعَثَنا فيهم أشرافُ قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم، فهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت: ولم يكن أبغض إلى عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم، قالت: فقالت بطارقته حوله: صدقا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم، قالت: فغضب النجاشي ثم قال: الله، إذًا لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإذا كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني، قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذ جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا، كائنًا في ذلك ما هو كائن، فلما جاؤوا - وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله - سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا ديني ولا في دين أحد من هذا الملل؟ فكان الذي تكلم جعفر بن أبي طالب، فقال: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قالت: فعدَّد أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاءنا به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرَّمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك، فقال النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ قال: نعم، فقال النجاشي: فاقرأه علي، فقرأ عليه ماتيسر من سورة (مريم)، قالت: فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكى أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا؛ فلا والله لا أسلمهم إليكما.

قالت: فلما خرجوا من عنده، قال عمرو: والله لآتينه غدًا عنهم بما أستأصل خضراءَهم، فقال عبدالله - وكان أتقى الرجلين فينا -: لا تفعل، فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد، قالت: ثم غدا عليه من الغد، فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيمًا، فأرسِلْ إليهم فسلهم عما يقولون فيه، فأرسل إليهم ليسألهم عنه، قالت: ولم ينزل بنا مثلها قط، فاجتمع القوم، ثم قال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا، كائنًا في ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه، قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟ قال جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، هو عبدُ الله ورسوله ورُوحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثم قال: والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، قالت: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله، فقال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شيوم - آمنون - بأرضي، من سبكم غرم، قالها ثلاثًا، ما أحب أن لي دبرًا - جبلًا - من ذهب، ثم التفت إلى عمرو وعبدالله، وقال: ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد عليَّ ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه، فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءا به، قالت: وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.

ثم قالت: وإنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حزنًا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك، تخوفًا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه، وسار النجاشي إليه وبينهما عرض النيل، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن رجل يأتينا بالخبر؟ فقال الزبير بن العوام: أنا، فقالوا: فأنت - وكان أحدث القوم سنًّا - فنفخوا له قِربة فجعلها في صدره ثم سبَح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت: فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، قالت: فوالله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى فلمع بثوبه وهو يقول: أبشِروا فقد ظفر النجاشي وأهلك الله عدوه.

، ولمّا هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وبلغ ذلك المهاجرين بالحبشة، رأوا ضرورة اللّحاق به إلى الأرض المباركة، وبقي عدد منهم ينتظرون أمر الرجوع، فكان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- مع من قدم إلى المدينة المنورة، وكان ذلك قبل غزوة بدر.

وأما بقية المهاجرين فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمرهم إلى النجاشي ، فحملهم النجاشي على سفينتين، ورجعوا إلى المدينة المنورة يوم غزوة خيبر، ففرح النبي بهم فرحاً شديداً، وأمر أن يكون لهم سهم من غنيمة خيبر.

ولمهاجري الحبشة فضل كبير؛ فقد هاجروا من أرضهم مُكرهين، وأقاموا بأرضٍ غير أرضهم، ولما التقوا بأهليهم كان ذلك على غير أرضهم أيضاً، فكان الحنين يبلغ منهم مبلغاً كبيراً.

ولقد جرى بينهم وبين السابقين بالهجرة إلى المدينة تنافس، أيّ الفريقين أحقّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فتنازعوا، وكان مهاجروا المدينة يقولون بأحقيتهم به؛ لسبقهم إلى الهجرة مع النبي، فاشتكت ذلك أسماء بنت عُميْس -رضي الله عنها- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ليسَ بأَحَقَّ بي مِنكُمْ، وله ولِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ واحِدَةٌ، ولَكُمْ أنتُم -أهْلَ السَّفِينَةِ- هِجْرَتَانِ). "أخرجه البخاري

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:52 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 9

عثمان بن عفان رضي الله عنه في ميادين الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم


إن الرافد القوي الذي أثر في شخصية عثمان بن عفان رضي الله عنه وصقل مواهبه وفجر طاقته، وهذب نفسه هو مصاحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتتلمذه على يديه في مدرسة النبوة، ذلك أن عثمان رضي الله عنه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بعد إسلامه كما لازمه في المدينة بعد هجرته؛ فقد نظم عثمان نفسه، وحرص على التلمذة في حلقات مدرسة النبوة في فروع شتى من المعارف والعلوم على يدي معلم البشرية وهاديها الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه؛ فحرص على تعلم القرآن الكريم والسنة المطهرة من سيد الخلق أجمعين. وهذا عثمان يحدثنا عن ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: "إن الله عز وجل بعث محمدًا بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن، فهاجرت الهجرتين الأوليين، ونلت صهر رسول الله، ورأيت هديه"

لقد حصل لعثمان رضي الله عنه وللصحابة ببركة صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتربيتهم على يديه أحوال إيمانية عالية، ولقد تتلمذ عثمان رضي الله عنه على يدي رسول الله، فتعلم منه القرآن الكريم والسنة النبوية، وأحكام التلاوة وتزكية النفوس، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]. وحرص على التبحر في الهدي النبوي الكريم خلال ملازمته رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته وسِلْمه، وقد أمدته تلك المعايشة بخبرة ودربة ودراية بشئون الحرب ومعرفة بطبائع النفوس وغرائزها، وفي السطور التالية سنبين بإذن الله تعالى بعضًا من مواقفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العهد المدني.

أولاً: عثمان رضي الله عنه في ميادين الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان عثمان رضي الله عنه من أعمدة الدولة الإسلامية، فلم يبخل بمشورة أو مال أو رأي، وشهد المشاهد كلها إلا غزوة بدر.

1- عثمان وغزوة بدر

لما خرج المسلمون لغزوة بدر كانت زوجة عثمان السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مريضة بمرض الحصبة ولزمت الفراش، في الوقت الذي دعا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج لملاقاة القافلة، وسارع عثمان رضي الله عنه للخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا انه تلقى أمرًا بالبقاء إلى جانب رقية رضي الله عنها لتمريضها، وامتثل لهذا الأمر بنفس راضية وبقي إلى جوار زوجته الصابرة الطاهرة رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اشتد بها المرض، وطاف بها شبح الموت، كانت رقية رضي الله عنها تجود بأنفاسها وهي تتلهف لرؤية أبيها الذي خرج إلى بدر، ورؤية أختها زينب في مكة، وجعل عثمان رضي الله عنه يرنو إليها من خلال دموعه، والحزن يعتصر قلبه. ودعت نبض الحياة وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولحقت بالرفيق الأعلى، ولم ترَ أباها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان ببدر مع أصحابه الكرام، يعلون كلمة الله، فلم يشهد دفنها صلى الله عليه وسلم، وجهزت رقية ثم حمل جثمانها الطاهر على الأعناق، وقد سار خلفه زوجها وهو حزين، حتى إذا بلغت الجنازة البقيع، دفنت رقية هناك، وقد انهمرت دموع المشيعين، وسوى التراب على قبر رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيما هم عائدون إذ بزيد بن حارثة قد أقبل على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل المشركين وأسر أبطالهم، وتلقى المسلمون في المدينة هذه الأنباء بوجوه مستبشرة بنصر الله لعباده المؤمنين، وكان من بين المستبشرين وجه عثمان الذي لم يستطع أن يخفي آلامه لفقده رقية رضي الله عنها. وبعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم علم بوفاة رقية رضي الله عنها فخرج إلى البقيع ووقف على قبر ابنته يدعو لها بالغفران.

لم يكن عثمان بن عفان رضي الله عنه ممن تخلفوا عن بدر لتقاعس منه أو هروب ينشده، كما يزعم أصحاب الأهواء ممن طعن عليه بتغيبه عن بدر، فهو لم يقصد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفضل الذي حازه أهل بدر في شهود بدر طاعة الرسول ومتابعته، وعثمان رضي الله عنه خرج فيمن خرج مع رسول الله فردَّه صلى الله عليه وسلم للقيام على ابنته، فكان في أجَلِّ فرض لطاعته لرسول الله وتخليفه، وقد ضرب له بسهمه وأجره فشاركهم في الغنيمة والفضل والأجر لطاعته الله ورسوله وانقياده لهما. فعن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: جاء رجل من مصر حج البيت فقال: يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت، هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ فقال: نعم، ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله فمرضت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه".

وعن أبي وائل، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: أما يوم بدر فقد تخلفت على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لي فيها بسهم. وقال زائدة في حديثه: ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بسهم فقد شهد. وقد عُد عثمان رضي الله عنه من أصحاب بدر بالاتفاق ٠

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:53 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 10

2- عثمان وغزوة أحد
في غزوة أحد منح الله عز وجل النصر للمسلمين في أول المعركة، وأخذت سيوف المسلمين تعمل عملها في رقاب المشركين، وكانت الهزيمة لا شك فيها، وقتل أصحاب لواء المشركين واحدا واحدا، ولم يقدر أحد أن يدنو من اللواء، وانهزم المشركون، وولولت نسوة الكفار بعد أن كن يغنين بحماس ويضربن بالدفوف، فألقين بالدفوف وانصرفن مذعورات ولكن مال ميزان المعركة فجأة، وكان سبب ذلك أن الرماة الذين أوكل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم مكانا على سفح الجبل لا يغادرونه مهما كانت نتيجة المعركة قد تخلوا عن أماكنهم، ونزلوا إلى الساحة يطلبون الغنائم لما نظروا المسلمين يجمعونها،وبقي القليل منهم وانتهز خالد بن الوليد قائد سلاح الفرسان القرشي فرصة خلو الجبل من الرماة، وقلة من به منهم فكرَّ بالخيل ومعه عكرمة بن أبي جهل، فقتلوا بقية الرماة ومعهم أميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه الذي ثبت هو وطائفة قليلة معه، وفي غفلة المسلمين، وأثناء انشغالهم بالغنائم أطبق خالد ومن معه عليهم، فأعملوا فيهم القتل، فاضطرب أمر المسلمين اضطرابا شديدا، وانهزمت طائفة من المسلمين إلى قرب المدينة منهم عثمان بن عفان ولم يرجعوا حتى انفض القتال، وفرقة صاروا حيارى لما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، وفرقة ثبتت مع النبي صلى الله عليه وسلم، أما الفرقة التي انهزمت وفرت فلقد أنزل الله فيها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155]، غير أن أصحاب الأهواء لا يرون إلا ما تهوى أنفسهم، فلم يروا من المتراجعين إلا عثمان رضي الله عنه، فكانوا يتهمونه دون سائر المتراجعين من الصحابة، وهل يبقى وحده؟ ولو فعل لخاطر بنفسه، وبعد أن عفا الله عن المتراجعين فالحكم واضح جليّ، لا لبس فيه ولا غموض، فلا مؤاخذة بعد ذلك على عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيكفي أن الله عفا عنه بنص القرآن الكريم، وحياته الجهادية بمجموعها تشهد له على شجاعته

3- في غزوة غطفان (ذي إمر)
ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين وخرج في أربعمائة رجل ومعهم بعض الجياد، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأصابوا رجلا منهم (بذي القُصَّة) يقال له جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره من خبرهم، وقال: لن يلاقوك، لما سمعوا بمسيرك هربوا في رؤوس الجبال وأنا سائر معك، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم، وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال ولم يلاقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا، وكانت غيبته إحدى عشر ليلة

4- في غزوة ذات الرقاع
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعًا من غطفان من ثعلبة وأنمار يريدون غزو المدينة، فخرج في أربعمائة من أصحابه حتى قدم صرارًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف على المدينة قبل خروجه عثمان بن عفان، لقي المسلمون جمعا غفيرا من غطفان، وتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف بالناس، وقد غاب عن المدينة خمسة عشر يوما

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:53 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 11


5- في بيعة الرضوان
عندما نزل رسول الله الحديبية رأى من الضرورة إرسال مبعوث خاص من جانبه إلى قريش يبلغهم فيها نواياه السلمية بعدم الرغبة في القتال، وحرصه على احترام المقدسات، ومن ثم أداء مناسك العمرة، والعودة إلى المدينة، فوقع الاختيار على أن يكون مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش (خراش بن أمية الخزاعي) وحمله على جمل يقال له (الثعلب)، فلما دخل مكة عقرت به قريش، وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابيش، فعاد خراش بن أمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما صنعت قريش، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل سفيرا آخر بتبليغ قريش رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقع الاختيار في بداية الأمر على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاعتذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذهاب إليهم، وأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث عثمان مكانه، وعرض عمر رضي الله عنه رأيه هذا معززًا بالحجة الواضحة، وهي ضرورة توافر الحماية لمن يخالط هؤلاء الأعداء، وحيث إن هذا الأمر لم يكن متحققا بالنسبة لعمر رضي الله عنه، فقد أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بعثمان رضي الله عنه؛ لأن له قبيلة تحميه من أذى المشركين حتى يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخاف قريشا على نفسي، قد عرفت عداوتي لها، وليس بها من بني عدي من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم, فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، قال عمر: ولكن أدلك يا رسول الله على رجل أعز بمكة مني، وأكثر عشيرة وأمنع، عثمان بن عفان، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه فقال: "اذهب إلى قريش فخبرهم أنَّا لم نأتِ لقتال أحد، وإنما جئنا زوارًا لهذا البيت، معظمين لحرمته، معنا الهدي، ننحره وننصرف".

فخرج عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى أتى بلدح (مكان قريب من مكة) فوجد قريشا هناك، فقالوا: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، تدخلون في دين الله كافة، فإن الله مظهر دينه ومعز نبيه، وأخرى تكفون ويَلِي هذا منه غيركم، فإن ظفروا بمحمد فذلك ما أردتم، وإن ظفر محمد كنتم بالخيار أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامون، إن الحرب قد نهكتكم، وأذهبت بالأماثل منكم، فجعل عثمان يكلمهم فيأتيهم بما لا يريدون، ويقولون: قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبدا، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنه لا يصل إلينا، فقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأجاره وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه، فحمل عثمان على السرج وردفه وراءه، فدخل عثمان مكة فأتى أشرافهم رجلا رجلا؛ أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وغيرهما من لقي ببلدح، ومنهم من لقي بمكة، فجعلوا يردون عليه: إن محمدا لا يدخلها علينا أبدا.

وعرض المشركون على عثمان رضي الله عنه أن يطوف بالبيت فأبى، وقام عثمان بتبليغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المستضعفين بمكة وبشرهم بقرب الفرج والمخرج، وأخذ منهم رسالة شفهية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء فيها: اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منا السلام، إن الذي أنزله بالحديبية لقادر على أن يدخله بطن مكة.

وتسربت شائعة إلى المسلمين مفادها أن عثمان قُتل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى مبايعته على قتال المشركين ومناجزتهم، فاستجاب الصحابة وبايعوه على الموت سوى الجد بن قيس وذلك لنفاقه. وفي رواية أن البيعة كانت على الصبر, وفي رواية على عدم الفرار، ولا تعارض في ذلك؛ لأن المبايعة على الموت تعني الصبر وعدم الفرار. وكان أول من بايعه على ذلك أبا سنان عبد الله بن وهب الأسدي، فخرج الناس بعده يبايعون على بيعته, وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات؛ في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: "هذه يد عثمان"، فضرب بها على يده. وكان عدد الصحابة الذين أخذ منهم الرسول صلى الله عليه وسلم المبايعة تحت الشجرة ألف وأربعمائة صحابي. وقد تحدث القرآن الكريم عن أهل بيعة الرضوان، وورد فضلهم في نصوص كثيرة من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، منها: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:

وفي الحديبية ذكر الطبري اختصاص عثمان بعدة أمور، منها: اختصاصه بإقامة يد النبي الكريمة مقام يد عثمان لما بايع الصحابة وعثمان غائب، واختصاصه بتبليغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مَنْ بمكة أسيرا من المسلمين، وذكر شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بموافقته في ترك الطواف لما أرسله في تلك الرسالة، فعن إياس بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لأبي عبد الله الطواف بالبيت آمنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو مكث كذا ما طاف حتى أطوف".

وقد اتهم عثمان ظلما بأنه لم يبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان وكان متغيبا عنها، فهذه من الاتهامات التي ألصقت بعثمان في أحضان فتنة أريد بها تقويض أركان الخلافة خاصة. وعن أنس قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايعه الناس، فقال: إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب بإحدى يديه على الأرض، فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:53 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة. 12


6_في فتح مكة سنة 8 للهجرة

شفاعة عثمان بن عفان رضي الله عنه عن عبدالله بن سعد بن أبي سرح عند النبي صلى الله عليه وسلم



-- عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث العامري القرشي أسلم قبل صلح الحديبية وهاجر وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد مشركاً، فلما كان عام الفتح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، فغيبه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم

روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، اخْتَبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ . فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى . فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : ( أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ ، فَيَقْتُلُهُ ؟ فَقَالُوا : مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ ، أَلا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ) رواه أبو داود (4359) بإسناد صحيح ، وصححه ابن تيمية في " الصارم المسلول " (2/219) ، وابن الملقن في " البدر المنير " (7/450) ، وابن حجر في " التلخيص الحبير " (3/1136) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (4/ 301) .
فإن كان هذا الحديث هو المقصود ، فليس فيه دلالة على عدم قتل المرتد ، فقد استحق عبد الله بن سعد بن أبي سرح القتل من جهتين :
الأولى : من جهة أنه ارتد عن الإسلام ، وحار إلى الكفر بعد الهداية .
والقتل لهذا السبب حق لله تعالى ، يسقط بتوبة المرتد ورجوعه إلى الإسلام .

الثانية : أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويفتري عليه الكذب بقوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدل في القرآن بحسب ما يملي عليه ابن أبي سرح . كما روى ذلك ابن إسحاق في " السير والمغازي " عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم : إنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم ، فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فرجع مشركا ، ولحق بمكة ، فكان يقول لهم : إني لأصرفه كيف شئت ، إنه ليأمرني أن أكتب له الشيء فأقول له : أو كذا أو كذا . فيقول : نعم . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( عليم حليم ) فيقول له : أو أكتب : ( عزيز حكيم ) فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلاهما سواء "
نقلا عن " الصارم المسلول " (ص/111) .

وقال ابن إسحاق أيضا :
" حدثني بعض علمائنا أن ابن أبي سرح رجع إلى قريش ، فقال : والله لو أشاء لقلت كما يقول محمد ، وجئت بمثل ما يأتي به ، إنه ليقول الشيء وأصرفه إلى شيء ، فيقول : أصبت . ففيه أنزل الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله .
وعن ابن أبي نجيح قال : إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه كان أسلم ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فارتد مشركا راجعا إلى قريش ، فقال : والله إني لأصرفه حيث أريد ، إنه ليملي علي فأقول : أو كذا أو كذا . فيقول : نعم . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يملي عليه فيقول : ( عزيز حكيم ) أو ( حكيم حليم ) فكان يكتبها على أحد الحرفين فيقول : كل صواب
نقلا عن كتاب " الصارم المسلول " (ص/112) .
والقتل لهذا السبب حق للنبي عليه الصلاة والسلام ، يسقط بعفوه وصفحه .

فغاية ما وقع في هذه الحادثة :
أن السبب الأول سقط بتوبة عبد الله بن أبي سرح ، ورجوعه إلى الإسلام ، بل وحسُن إسلامه عقب ذلك ، والتائب من الردة لا يقام عليه الحد ، في أصح قولَيْ العلماء .
وأما السبب الثاني فقد سقط بموجب عفو النبي صلى الله عليه وسلم ، بعد شفاعة عثمان بن عفان رضي الله عنه .

والدليل على توبة ابن أبي سرح أمور :
أولا :
خطاب عثمان بن عفان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية بقوله : ( بايع عبد الله ) ، وعلى أي شيء تكون المبايعة إلا على الإسلام والحق والخير !!
ثانيا :
روايات أخرى صريحة بذكر التوبة ، منها ما جاء في " المغازي " (2/ 855) للواقدي قوله : " وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا ، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح ، فلما كان يومئذ جاء ابن أبي سرح إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان أخاه من الرضاعة ، فقال : يا أخي ، إني والله اخترتك فاحتبِسني هاهنا ، واذهب إلى محمد فكلِّمه في ، فإن محمدا إن رآني ضرب الذي فيه عيناي ، إن جرمي أعظم الجرم ، وقد جئت تائبا "
ثالثا :
أقوال العلماء الذين ترجموا لعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كلهم أجمعوا على أنه أسلم في ذلك اليوم ، وحسن إسلامه بعد ذلك .
حتى روى البغوي في معجم الصحابة " بإسناده إلى يزيد بن أبي حبيب قال : لما حضرت عبد الله بن سعد بن أبي سرح الوفاة ، وهو بالرملة ،وقيل بعسقلان وكان خرج إليها فارا من الفتنة ، فجعل يقول لهم من الليل : أصبحتم ؟ فيقولون : لا . فلما كان عند الصبح قال : إني لأجد برد الصبح ، فانظروا . ثم قال : اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح ، فتوضأ ثم صلى ، فقرأ في أول ركعة بأم القرآن والعاديات ، وفي الآخرة بأم القرآن وسورة ، فسلم عن يمينه ، وذهب يسلم عن يساره فقبض الله عز وجل روحه .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" أسلم عبد الله بن سعد بن أبي السرح أيام الفتح ، فحسن إسلامه ، فلم يظهر منه شيء ينكر عليه بعد ذلك " من كتاب " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " ص(3/ 918) .

وقال النووي رحمه الله :
" ثم أسلم ذلك اليوم عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، وحَسن إسلامه ، ولم يظهر منه بعده ما يُنكر ، وهو أحد العقلاء والكرماء من قريش ، ثم ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين ، ففتح الله على يديه إفريقية ، وكان فتحًا عظيمًا بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقالٍ ذهبًا ، وشهد معه هذا الفتح عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وكان عبد الله بن سعد هذا فارس بني عامر بن لؤى ، وغزا بعدَ إفريقية الأساودَ من أرض النوبة ، سنة إحدى وثلاثين ، وغزا غزوة الصواري في البحر إلى الروم .
وحين قُتل عثمان بن عفان اعتزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح الفتنة ، فأقام بعسقلان ، وقيل : بالرملة ، وكان دعا بأن يختم عمره بالصلاة ، فسلَّم من صلاة الصبح التسليمة الأولى ، ثم همَّ بالتسليمة الثانية عن يساره ، فتوفى سنة ست وثلاثين " من الهجرة ( من كتاب تهذيب الأسماء واللغات) " (1/ 270) .

وقد كان أحد السببين كافيا لقتل عبد الله بن أبي سرح :
فلو ارتد ولم يَفْتَرِ على النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك موجبا للقتل ، ولكن التوبة تدرء هذا الحدّ .
ولو سبّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وافترى عليه : كان أيضا ذلك موجبا للقتل ، ولا يسقط الحد في هذه الحالة إلا بعفو خاص من صاحب الحق عليه الصلاة والسلام . فلما عفا سقط عنه الحد ، أي حد إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والافتراء عليه وعلى الوحي ، وليس حد رجوعه عن الإسلام إلى عبادة الأوثان ، فهذا تَكفِي لإسقاطه التوبةُ .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" عبد الله بن سعد بن أبي سرح : كان قد ارتد وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يلقنه الوحي ، ويكتب له ما يريد ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، ونذر رجل من المسلمين ليقتلنه ، ثم حبسه عثمان أياما حتى اطمأن أهل مكة ، ثم جاء تائبا ليبايع النبي عليه الصلاة والسلام ويؤمنه ، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا رجاء أن يقوم إليه الناذر أو غيره فيقتله ويوفي بنذره .
ففي هذا دلالة على أن المفتري على النبي صلى الله عليه وسلم ، الطاعن عليه : قد كان له أن يقتله ، وأن دمه مباح ، وإن جاء تائبا من كفره وفريته ؛ لأن قتله لو كان حراما لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، ولا قال للرجل : هلا وفيت بنذرك بقتله .
ولا خلاف بين المسلمين علمناه أن الكافر إذا جاء تائبا مريدا للإسلام ، مظهرا لذلك ، لم يجز قتله لذلك . ولا فرق في ذلك بين الأصلي والمرتد...
بل لو جاء الكافر طالبا لأن يعرض عليه الإسلام ، ويقرأ عليه القرآن ، لوجب أمانه لذلك . قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) ، وقال تعالى في المشركين : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) .
وعبد الله بن سعد إنما جاء تائبا ملتزما لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، بل جاء بعد أن أسلم .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه كان مريدا لقتله ، وقال للقوم : ( هلا قام بعضكم إليه ليقتله ) و ( هلا وفيت بنذرك في قتله ) ، فعلم أنه قد كان جائزا له أن يقتل من يفتري عليه ، ويؤذيه من الكفار ، وإن جاء مظهرا للإسلام والتوبة بعد القدرة عليه .
وفي ذلك دلالة ظاهرة على أن الافتراء عليه وأذاه : يُجَوِّز له قتل فاعله ، وإن أظهر الإسلام والتوبة " (من كتاب الصارم المسلول) " ص(408-409) .

وقال – أيضا - رحمه الله :
" عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما طعن عليه ، وافترى افتراء عابه به ، بعد أن أسلم : أهدر دمه ، وامتنع عن مبايعته ، وقد تقدم تقرير الدلالة منه على أن الساب يقتل وإن أسلم ، وذكرنا أنه كان قد جاءه مسلما تائبا ، قد أسلم قبل أن يجيء إليه ، كما رويناه عن غير واحد . أو قد جاء يريد الإسلام ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جاء يريد الإسلام ، ثم كف عنه انتظار أن يقوم إليه رجل فيقتله .
وهذا نص في أن مثل هذا المرتد الطاعن : لا يجب قبول توبته ، بل يجوز قتله وإن جاء تائبا ، وقد قررنا هذا فيما مضى وهنا من وجوه أخرى ؛ أن الذي عصمَ دمَه : عفوُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، لا مجردُ إسلامه ، وأن بالإسلام والتوبة : انمحى الإثمُ ، وبعفو رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتقن الدمُ ، والعفو بطل بموته صلى الله عليه وسلم ، وليس للأمة أن يعفوا عن حقه . وامتناعه من بيعته حتى يقوم إليه بعض القوم فيقتله : نص في جواز قتله ، وإن جاء تائبا " ( من كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول " (ص/340) .

والخلاصة : أنه لم يسقط في هذا الحديث حد الردة عن الإسلام إلى الكفر ، وإنما سقط حد الافتراء على النبي عليه الصلاة والسلام ، وفرق بين الأمرين .

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:54 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة. 13


7-- في غزوة تبوك ،،عثمان بن عفان رضي الله عنه يجَهَّز جيش العُسرة

في شهر رجب من سنة تِسع قبل حَجَّة الوداع كانت غزوة تبوك، التي سميت بذلك نسبة إلى عين ماء يقال لها تبوك، وللغزوة اسم آخر معروفة ومشهورة به وهو: غزوة العُسْرة
. وسبب تسميتها بغزوة العُسرة فهو نسبةً إلى ما كان به المسلمون في وقتها، فقد افتقر المسلمون إلى ما يكفيهم من الدواب التي يركبون عليها فكان لكل عشرةٍ من الصحابة دابة واحدة يتناوبون عليها، إضافةً إلى قلّة الطعام، فلكلِّ اثنين من الصحابة تمرة واحدة يتقاسمونها، ثمّ إنّ النّاس كانوا في جَدْب وقَحط من شدّة الحرّ، الذيّ أدّى انعدام المياه

وقد ورد اسم العسرة ـ في القرآن الكريم حينما تحدث عن هذه الغزوة في سورة التوبة، قال الله تعالى: {لَقَد تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(التوبة: 117)، وقد روى البخاري بسنده إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله الحُملان لهم إذ هم معه في جيش العُسْرة، وهي غزوة تبوك)، وعنون البخاري لهذه الغزوة بقوله: (باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة).
وهي آخِرُ غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أهمِّها، وكانت مليئة بالأحداث، فيها أخبار الموسرين الذين أنفقوا، والفقراء الذين عجزوا، وفيها أنباء المنافقين الذين فُضِحوا، وحكاية الثلاثة الذين خلفوا، فضلاً عن أخبار المسير والحصار والمشقة التي كانت فيها، والأحداث التي صاحبتها".

الحث على تجهيز الجيش:

لما كانت هذه الغزوة في زمان عُسْرَةٍ من الناس، وجدْبٍ في البلاد، حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على البذل والإنفاق فيها فقال: (من جهز جيش العسرة فله الجنة)
وقد استجاب الصحابة رضوان الله عليهم لنداء النبي صلى الله عليه وسلم، وتسابقوا كعادتهم في البذل، وضربوا أروع الأمثلة في العطاء
ومن الصحابة الذين ساهموا في تجهيز جيش العسرة :
عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-؛ تصدّق بمئتي أوقية، ولم يبقَ من أمواله شيئاً لأهله، فجاء عمر بن الخطّاب إلى رسول الله يخبره أنّ عبد الرحمن لم يُبقِ شيئاً من أمواله لأهل بيته، فدعا رسول الله عبد الرحمن وسأله إن ترك لأهله شيئاً، فأجابه: نعم، تركت أكثر وأطيب مما أنفقته، فسأله رسول الله: كم؟ فقال: ما وعد الله ورسوله من الرزق والخير.
و عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنفق مئة أوقية.
وعاصم الأنصاري -رضي الله عنه- تصدّق بتسعين وَسَقاً من التمر.
.وجاء أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بأربعةِ آلاف درهم، وفي ذلك يروي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: (جِئْتُ بنصفِ مالي، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ما أبقيتَ لأَهْلِكَ؟، قلتُ: مثلَهُ، قالَ: وأتى أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ بِكُلِّ ما عندَهُ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ؟ قالَ: أبقَيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ).
أما عثمان بن عفان فقد أنفق الكثير في هذه الغزوة
يقول ابن شهاب الزهري: «قدم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً، وستين فرساً أتم بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول يقلبها بيده ويقول: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم» و رددها مرتين»..

وذلك استجابة لنداء النبي صلى الله عليه وسلم

قال ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري: "باب مناقب عثمان بن عفان عن أبي عمرو القرشي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:، : (من جهز جيش العسرة فله الجنة) فجهزه عثمان".

لمَّا سارع الصحابة رضوان الله عليهم بصدقاتهم ونفقاتهم لتجهيز جيش العسرة، ورأى فقراء المسلمين ما بذل إخوانهم، اشتاقوا ـ رغم فقرهم ـ إلى أن يبذلوا وينفقوا، ولم يتعللوا ويعتذروا بفقرهم، بل شاركوا الأغنياء بما يستطيعون، حتى أن أبا عقيل رضي الله عنه جاء بنصف صاع من تمر، مشاركاً به في هذه الغزوة، وملبياً لنداء النبي صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش العسرة، قال ابن حجر: "عن أبي مسعود قال: لما أُمِرْنا بالصدقة (في تبوك) كنا نتحامل (يحمل بعضنا لبعض)، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه".. حتى الذي بلغ منهم الفقر غايته ولا يملك شيئاً يتصدق به ـ وهو عُلبة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه ـ يقول: (اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عِرْض، ثم أصبح مع الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين المتصدق بعرضه البارحة؟ فقام عُلبة رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبشر فوالذي نفسي بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة) رواه البيهقي وصححه الألباني، وقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" في حديثه عن علبة بن زيد رضي الله عنه: "عُلبة بن زَيْدٍ الأنصاريّ الحارثيّ أبو مُحمد، لَهُ صُحْبَة، الْمُتَصَدِّقُ بِعِرْضه على الناس".

سارع الصحابة رضوان الله عليهم في تجهيز جيش العسرة، حتى النساء جاءت بما قدرن عليه من صدقات وحليّ، ووضعنه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، طمعاً في موعوده بقوله: (من جهز جيش العسرة فله الجنة)، وكل هذا استجابة لنداء ربهم في قوله سبحانه: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(التوبة:41)، قال السعدي: "أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه - كما يجب الجهاد في النفس - يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك".
ومع ما فعله الصحابة ـ الأغنياء منهم والفقراء ـ من الصور العظيمة في البذل والعطاء في غزوة تبوك (العسرة)، إلا أن المنافقين كعادتهم مع المؤمنين ـ من الاستهزاء والتثبيط ـ، أخذوا يسخرون ويلمزون الصحابة في صدقاتهم ونفقاتهم، ويتضاحكون ويقولون: إن الله لغني عن صاع هذا، وما يفعل صاع تمر في قتال الروم، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(التوبة:79)، قال ابن كثير: "وهذا أيضا من مخازي المنافقين، فكانوا ـ قبَّحَهُم الله ـ لا يَدَعُون شيئاً من أمور الإسلام والمسلمين يرون لهم مقالاً إلا قالوا وطعنوا بغياً وعدوانا، فلما حثَّ الله ورسوله على الصدقة، بادر المسلمون إلى ذلك، وبذلوا من أموالهم كل على حسب حاله، منهم المكثر، ومنهم المقل، فيلمزون المُكْثِر منهم، بأن قصده بنفقته الرياء والسمعة، وقالوا للمقل الفقير: إن الله غني عن صدقة هذا،".

في قصة غزوة تبوك أو العُسْرة وتفاعل الصحابة رضوان الله عليهم مع نداء النبي صلى الله دلالة على حرصهم على البذل والعطاء، ومسارعتهم إلى الصدقة والإنفاق في سبيل الله، كما أن في هذه الغزوة المباركة برهان على أن الإيمان بالله تعالى يفوق كل قوة وزاد، فرغم قلة المال والسلاح، والطعام والشراب، وبُعْد المسافة وشدة الحر إلا أن الصحابة رضوان الله عليهم استطاعوا الوصول إلى تبوك، وحاصروا عدوهم المُقيم على أرضه والمدجج بالأسلحة، وقد انتهت هذه الغزوة بانتصار المسلمين، بلا صدام أو قتال، لأن جيش الروم تشتت وتبدد في البلاد خوفاً من مواجهة المسلمين، مما كان له الأثر الكبير في حدوث تغيرات عسكرية في المنطقة، والتمهيد لفتح الشام، وإسقاط هيبة الدولة العظمى (الروم) في ذلك الوقت.

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:54 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 14

عثمان بن عفان الرجل الغني المبشر بالجنة

كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يعمل في التجارة وكان من أكبر تجار المسلمين وكانت تجارته في المواد الغذائية من بر وقمح وشعير وزبيب وإقط وتمر وغيرها فكان يشتري ويبيع فنمت تجارته ، فكان تاجراً في البر وفي البحر (التجارة البرية والتجارة البحرية).

وقد اشتهر عثمان رضي الله عنه، بأنه كان من أغنى أغنياء المسلمين في صدر الرسالة المحمدية، إذ قُدرت ثروته بنحو 30 مليون درهم، و150 ألف دينار ، و1000 بعير، و25 ألف رأس ماشية ، وصدقات بـ200 ألف دينار، غير الأصول من بيوت ومزارع وغيرها،

أعطاه الله تجارة واسعة وأموال طائلة ،أستخدم هذه الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته ،فصار رضي الله عنه سباقا لكل خير ،فكان ينفق ولا يخشى الفقر ،وهمه الأكبر هو أرضاء الله عز وجل ولا شيء سواه ،كانت تجارته في تزايد مستمر ، وكان الله عز وجل يبارك له في أرباحها بسب ماكان يتعامل به مع الناس من الصدق والأمانة في البيع والشراء ، ولما كان ينفقه من أموال في سبيل الله .

وبالتأكيد كثير من الناس يتمنى لو يصل إلى ما وصل إليه سيدنا عثمان رضي الله عنه، والحقيقة أنه لو استمع أي تاجر لنصيحة ،عثمان وسار على دربه لصار بالفعل مليونيرًا في أسرع وقت.. إذ أن عثمان رضي الله عنه حينما سُئل عن سر غناه قال: ((كنت أعالج، وأنمي، ولا أزدري ربحا، ولا أشتري شيخا، وأجعل الرأس رأسين))
فما معنى هذا الكلام؟،

.. إذ يفسر العلماء،كلام عثمان هذا بأن معنى: (كنت أعالج)، أي أنه كان يستمر في تجارته حتى مع الإخفاقات ، ذلك أن المصائب في التجارة واردة ، فإن جاءت مصيبة (يعالج ويستمر) ، ولا ينقطع عن العمل على المشروع الذي بين يديه، حتى يكتب الله له النجاح والمكسب، وأنه يقف على تجارته بنفسه ويعالج المشكلات التي تواجه تجارته ولايعتمد على من يعملون معه في هذا الأمر ،لانهم مهما كانوا عماله جيدين لن يكونوا بمستوى حرصه على ماله ،وهي فرصه للتاجر أيضا حتى يعرف أذواق زبائنه ويستطيع تقديم الأفضل لهم

وقوله (أنمي)،ويقصد أعادة الأستثمار أي أنه عندما يحصل على الربح ، يستهلك القليل ويستثمر الباقي،وهكذا حتى تزيد تجارته

وقوله (لا أزدري ربحا)، والمعنى أنه حتى لو كان السوق ضعيفًا والشراء ضعيف، فإنه يحرص على تدوير البضاعة وتصريفها ، حتى لو بربح قليل ، لأن تدويرها أنفع من تكدسها انتظارًا للربح الأعلى.

وقوله (لا أشتري شيخا)، أي أنه لا يستثمر في أي بضاعة انتهى وقتها ، وانتهى رواجها من السوق كما أنه لم يكن يستثمر في شيئ قديم متهالك ( شبهه بالشيخ ) .. لأنه لا مستقبل له ؛ بل يركز على الأشياء التي لها مستقبل طويل المدىٰ،والناس يرغبون لها دائما

وقوله (وأجعل الرأس رأسين)، أي أنه عندما يستثمر في بضاعة ما، بدلا أن يشتري شيئًا واحدًا بثمن كبير ، فإنه يشتري شيئين بثمن معتدل ، لينوع المخاطر ، حتى آذا خسر في الشيء الأول ،يمكن أن يكسب في الشيء الثاني.

يقدم عثمان بن عفان رضي الله عنه نصائح ذهبية عاليه جدا لكل تاجر يريد أن يسير على دربه ، وهي فرصة لا تعوض لمن يريد الغنى الحقيقي ،والتوفيق من الله تعالى .

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:54 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللَّه عنهم 🌏

🪴الخليفة الثالث :عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 15


عثمان رضي الله عنه يبذل أمواله في سبيل الله

🌴 عثمان بن عفان رضي الله عنه يشتري بئر رومة العذبة من اليهودي

بعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واجهتهم مشكلة الماء الذي يشربون، وكانت هناك بئر ليهودي تدعى بئر رومة تفيض بالماء العذب وكان اليهودي يبيع ماءها للمسلمين، وفيهم من لا يجد ثمن ذلك، فتمنى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتريها أحد من المسلمين ويجعلها في سبيل الله تفيض على الناس بغير ثمن فقال: "من يشتري رومة فيجعلها للمسلمين، يضرب بدلوه في دلائهم وله بها عين ماء في الجنة؟"
فسارع عثمان لتلبية رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم طمعًا فيما عند الله من الثواب العظيم، وذهب إلى اليهودي وساومه على شرائها، فرفض اليهودي فساومه عثمان على أن يبيع له نصف البئر، فأقتنع اليهودي فاشترى عثمان نصف البئر منه باثناعشر ألف درهم، فجعله للمسلمين على أن يكون البئر لعثمان يومًا ولليهودي يومًا، فكان المسلمون يستقون في يوم عثمان ما يكفيهم ليومين، فلما رأى اليهودي ذلك قال لعثمان: أفسدت عليّ ركيتي،ولما رأى اليهودي أن لأحد يشتري منه الماء قال لعثمان سابيعك النصف الأخر فَقَبِل عثمان ذلك واشتراه منه بثمانية آلاف درهم، وجعل البئر كلها للمسلمين، للغني والفقير وابن السبيل، تفيض بمائها بغير ثمن.


🌴يُحَدّث عبد الله بن سلام رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عثمان رضي الله عنه يقود ناقة تحمل دقيقًا وسمنًا وعسلاً، فقال صلى الله عليه وسلم: أنخ. فأناخ، فدعا ببرمة، فجعل فيها من السمن والعسل والدقيق، ثم أمر، فأوقد تحته حتى نضج، ثم قال: كلوا. فأكل منه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هذا شيء يدعوه أهل فارس الخبيص".

🌴عثمان رضي الله عنه يشتري أرضية ويضمها للمسجد النبوي
ويشتري منزلا لتوسعة المسجد الحرام

بعد أن بني الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده في المدينة وكثر المصلون وضاق بهم المسجد وتمنى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتري أحد أصحابه الأغنياء الأرض المجاورة للمسجد ليضمها إليه، فقال مرغبًا: "من يشتري هذه البقعة من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها في الجنة؟" فأسرع عثمان واشترى تلك الرقعة من الأرض بخمسة وعشرين ألفًا . وضمت هذه البقعة للمسجد النبوي .

وبعد فتح مكة رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يوسع المسجد الحرام، فعرض على أصحاب أحد البيوت الواسعة الملاصقة للمسجد أن يتبرعوا به، فاعتذروا بأنهم لا يملكون سواه وليس عندهم مؤنة ما يستطيعون تشييد بيت غيره، فترامت الأنباء إلى عثمان، فأقبل إليهم واشتراه بعشرة آلاف دينار، وتم هدمه وضم ألأرضيه التي كان عليها هذا المنزل للمسجد الحرام،

🌴أخرج الطبراني عن أبن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عزاة فأصاب الناس جهد وضيق، حتى ظهرت الكآبة في وجوه المسلمين والفرح في وجوه المنافقين، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزق، فعلم عثمان أن الله ورسوله سيصدقان، فاشترى أربع عشرة راحلة بما عليها من الطعام، فوجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتسعة.
فلما رأى ذلك رسول الله قال: "ما هذا؟" قالوا: أهدى إليك عثمان، فعُرف الفرح في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، والكآبة في وجوه المنافقين.

يقول ابن مسعود راوي الحديث: "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلموسلم قد رفع يديه حتى رئي بياض إبطه يدعو لعثمان دعاءً ما سمعته دعا لأحد قبله ولا بعده بمثله: اللهم أعط عثمان، اللهم افعل لعثمان ..".

🌴كما قام رضي الله عنه بتجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك بتسعمائة وأربعين بعير ،وستون فرسا ،كما صب بين يدي رسول الله صلى الله عليه عشرة ألف دينار .

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:55 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 16

السخاء والكرم من عثمان بن عفان رضي الله عنه

لقد بلغ السخاء والكرم من عثمان مبلغه حتى عرف بذلك بين الناس

يقول الحسن البصري رحمه الله: أدركت عثمان على ما نقموا عليه، قلما يأتي على الناس يوم إلا وهم يقتسمون فيه خيرًا، فيقال لهم: يا معشر المسلمين، اغدوا على أعطياتكم. فيأخذونها وافرة، ثم يقال لهم: يا معشر المسلمين، اغدوا على أرزاقكم. فيأخذونها وافرة، ثم يقال لهم: اغدوا على السمن والعسل. الأعطيات جارية، والأرزاق دائرة والعدو منفي، وذات البين حسن، والخير كثير، وما مؤمن يخاف مؤمنًا، من لقيه فهو أخوه من كان، ألفته ونصيحته ومودته، قد عهد إليهم أنها ستكون أثرة، فإذا كانت أن يصبروا... ولو أنهم صبروا حين رأوها لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والرزق والخير الكثير، قالوا: لا والله ما نصابرها. فو الله ما ردوا ولا سلموا، والأخرى كان السيف مغمدًا عن أهل الإسلام ما على الأرض مؤمن يخاف أن يسل مؤمن عليه سيفًا، حتى سلوه على أنفسهم، فوالله ما زال مسلولاً إلى يوم الناس هذا، وأيم الله إني لأراه سيفًا مسلولاً إلى يوم القيامة.

🌴قيل لأبو إسحاق القرشي يومًا: من أكرم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: عثمان بن عفان. قيل : كيف وقعت على عثمان من بين الناس؟ قال: لأني رأيت الكرم في شيئين: في المال والروح .

🌴تقول جدة محمد بن هلال رحمها الله، وكانت تدخل على عثمان وهو محصور، فولدت أبن أسمته هلال، فقعدها يومًا، فقيل لعثمان بن عفان: إنها قد ولدت هذه الليلة غلامًا. قالت: فأرسل إليّ بخمسين درهمًا وشقيقة سنبلانية، وقال هذا عطاء ابنك وكسوته، فإذا مرت به سنة رفعناه إلى مائة.

🌴رُوِي أنه كان له على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفًا درهم ، فقال له طلحة يومًا: قد تهيأ مالك فاقبضه. فقال له عثمان: هو لك معونة على مروءتك.

🌴جاءه رجل فقال له: ذهبتم يا أصحاب الأموال بالخير، تتصدقون، وتعتقون، وتحجون، وتنفقون. فقال عثمان: وإنكم لتغبطوننا؟ قال: إنا لنغبطكم. قال عثمان: "فوالله لدرهم ينفق أحد من جهد خير من عشرة آلاف غيض من يفيض".

🌴كان رضي الله عنه يعتق كل جمعة رقبة في سبيل الله منذ أسلم، فجميع ما أعتقه 2400 رقبة تقريبًا.


تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:55 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏


🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴


الحلقة 17


منزلة عثمان بن عفان في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله
عنهما

، فقد كان عثمان من أهل مشورة الصديق وله مساهمات اقتصادية كبيرة
عثمان بن عفان في خلافة أبي بكر الصديق
1- من أهل الشورى في مسائل الدولة العليا:
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه من الصحابة وأهل الشورى الذين يؤخذ رأيهم في أمهات المسائل في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهو ثاني اثنين في الحظوة عند الصديق؛ عمر بن الخطاب للحزامة والشدائد، وعثمان بن عفان للرفق والأناة. وكان عمر وزير الخلافة الصديقية، وكان عثمان أمينها العام، وناموسها الأعظم وكاتبها الأكبر

وكان رأيه مقدما عند الصديق؛ فبعد أن قضى أبو بكر على حركة الردة، أراد أن يغزو الروم، وينطلق الجيش المجاهد إلى أطراف الأرض، فقام في الناس يستشيرهم، فقال الألباء ما عندهم، ثم استزادهم أبو بكر فقال: ما ترون؟ فقال عثمان: إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين، شفيق عليهم، فإذا رأيت رأيا لعامتهم صلاحا، فاعزم على إمضائه فإنك غير ظنين. فقال طلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة وسعيد بن زيد ومن حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم: صدق عثمان، ما رأيت من رأي فأمْضِه

ولما أراد الصديق أن يبعث واليا إلى البحرين استشار أصحابه، فقال عثمان: ابعث رجلا قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقدم عليه (أي على النبي صلى الله عليه وسلم) بإسلامهم وطاعتهم، وقد عرفوه وعرفهم وعرف بلاده (يعني العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه)، فبعث الصديق العلاء إلى البحرين

ولما اشتد المرض بأبي بكر استشار الناس فيمن يحبون أن يقوم بالأمر من بعده، فأشاروا بعمر، وكان رأي عثمان في عمر: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله. فقال أبو بكر: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدتك

2- أزمة اقتصادية في عهد الصديق:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت, والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر: انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال: فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا -أو قال طعاما- فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا.

فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادني، قالوا: للعشرة خمسة عشر، قال عثمان: قد زادني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال: زادني الله -تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال: "يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوَّجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه"

فهل يفتح الله تعالى آذان عُبَّاد المال، ومحتكري قوت العباد شحًّا وجشعًا إلى صوت هذه العظمة العثمانية حتى تدلف إلى قلوبهم فتهزها هزة الأريحية والعطف، وتوقظ فيها بواعث الرحمة والإحسان بالفقراء والمساكين، والأرامل واليتامى وذوي الحاجات من أهل الفاقة والبؤس، الذين طحنتهم أزمة الحياة واعتصرت دماءهم شرابا لذوي القلوب المتحجرة من الأثرياء؟!

فما أحوج المسلمين في هذه المرحلة من حياتهم إلى نفحة عثمانية في إنفاق الأموال على الفقراء والمساكين والمحتاجين تسري بينهم تعاطفًا ومؤاساة وبرًّا وإحسانًا.

هذا موقف من مواقف الكرم والبر لعثمان رضي الله عنه، فقد كان رضي الله عنه من أرحم الناس بالناس، فهو يقرأ قول رب الناس: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] فيصده ذلك عن الطغيان، ويقرأ قوله تعالى: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44] فيجعله ذلك من أبعد الناس عن النفاق والمنافقين.

ويقرأ قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْس ،أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:55 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 18

مكانة عثمان بن عفان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

، كان عثمان بمنزلة وزير عمر وله في ذلك مواقف عدة
عثمان بن عفان في خلافة عمر بن الخطاب
عثمان بن عفان وزير الخليفة عمر:
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه ذا مكانة عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكانوا إذا أرادوا أن يسألوا عمر رضي الله عنه عن شيء رموه بعثمان، وبعبد الرحمن بن عوف. وكان عثمان يسمى الرديف، والرديف بلسان العرب هو الذي يكون بعد الرجل، والعرب تقول ذلك للرجل الذي يرجونه بعد رئيس، وكانوا إذا لم يقدر هذان على عمل شيء ثلثوا بالعباس

وقد حدث ذات مرة أن خرج عمر رضي الله عنه بالناس وعسكر بهم بما يُدْعى (صرارا)، فجاء عثمان فسأله: ما بلغك؟ ما الذي تريد؟ فنادى عمر (الصلاة جامعة)، ثم أخبر الناس عن عزمه في غزو العراق. ولما ولي عمر الخلافة استشار وجوه الصحابة في عطائه من بيت مال المسلمين، فقال له عثمان: كل واطعم

وعندما أرسل أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر أن يقدم إلى بيت المقدس ليفتحه، فاستشار عمر الناس، فأشار عثمان بأن لا يركب إليهم ليكون أحقر لهم، وأرغم لأنوفهم، وقال لعمر: فأنت إن أقمت ولم تسر إليهم رأوا أنك بأمرهم مستخف ولقتالهم مستعد، فلم يلبثوا إلى السير حتى ينزلوا على الصغار ويعطوا الجزية. وأشار علي بالمسير، فهوى عمر ما قال علي ليكون أخف وطأة على المسلمين في حصارهم

لقد كانت مكانة عثمان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كمكانة الوزير من الخليفة، وإن شئت فقل: هي مكانة عمر من أبي بكر في خلافته. وقد صنع الله لأبي بكر بوزارة عمر لخلافته ما يصنعه لخير أهله، وصنع لعمر بوزارة عثمان لخلافته ما يصنعه لخير أهله، فقد كان أبو بكر الصديق أرحم الناس بالناس، وكان عمر أشدهم في الحق، فمزج الله رحمة الصديق بشدة عمر، فكانت منها خلافة الصدق وسياسة العدل، وقوم الحزم. وكان عثمان رضي الله عنه أشبه بالصديق في رحمته، وكان عمر على سننه في شدته، فلما تولى بعد أبي بكر جعل الله له في وزارة عثمان لخلافته عوضًا من رحمة الصديق ورفقه، فكان منهما تلك الأمثال المضروبة في أنظمة الحكم وسياسة الأمة أحكم سياسة وأعدلها.
وقد عرف الناس هذه المكانة لعثمان في خلافة عمر، فهو الذي أشار على عمر بفكرة الديوان وكتابة التاريخ، كما جاء في بعض الروايات.

1- الديوان:
لما اتسعت الفتوحات وكثرت الأموال جمع عمر بن الخطاب ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستشيرهم في هذا المال، فقال عثمان: أرى مالا كثيرا يسع الناس، وإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ منهم ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فأقر عمر رأي عثمان، وانتهى بهم ذلك إلى تدوين الدواوين

2- التاريخ:
جاء في بعض الروايات أن الذي أشار على عمر بجعل السنة الهجرية تبدأ بالمحرم هو عثمان، وذلك أنهم لما اتفقوا بعد مشاورات على جعل مبدأ التاريخ الإسلامي من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها فرقت بين الحق والباطل، تعددت الآراء في أي الأشهر يجعل بداية للسنة، فقال عثمان: أرخوا من المحرم أول السنة، وهو شهر حرام، وأول الشهور في العدة، وهو منصرف الناس من الحج، فرضي عمر ومن شهده من أصحابه رأي عثمان واستقر عليه الأمر، وأصبح مبدأ تاريخ الإسلام

3- أرض الخراج:
كان عثمان بن عفان ممن أيدوا رأي عمر بن الخطاب في عدم تقسيم أرض الفتوح على الفاتحين وإبقائها فيئًا للمسلمين وللذرية من بعدهم

4- حجه مع أمهات المؤمنين:
لما استخلف عمر بن الخطاب سنة ثلاث عشرة بعث تلك السنة على الحج عبد الرحمن بن عوف، فحج بالناس، وحج مع عمر أيضا آخر حجة حجها عمر سنة ثلاث وعشرين، وأذن عمر تلك السنة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، فحُملن في الهوادج، وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، فكان عثمان يسير على راحلته أمامهن فلا يدع أحدا يدنو منهن، وينزلن مع عمر كل منزل، فكان عثمان وعبد الرحمن ينزلان بهن في الشعاب وينزلان هما في أذل الشعب، فلا يتركان أحدا يمر عليهن .

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:56 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 19


قصة مبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخلافة


استمر اهتمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بوحدة الأمة الإسلامية ومستقبلها حتى اللحظات الأخيرة من حياته. وقد استطاع أن يبتكر طريقة جديدة لم يسبق إليها في اختيار الخليفة الجديد. وذلك عن طريق جعل الشورى في عدد محصور، وقد حصر ذلك في ستة من الصحابة كلهم يصلحون لتولي الأمر ولو أنهم يتفاوتون. وحدد لهم طريقة الأختيار ومدته، وعدد الأصوات الكافية لأختيار الخليفة وحدد الحكم في المجلس، والمرجح إن تعادلت الأصوات، وأمر مجموعة من الجنود لمراقبة سير الأختيار في المجلس، وعقاب من يخالف أمر الجماعة، ومنع الفوضى بحيث لا يسمحون لأحد يدخل أو يسمع ما يدور في المجلس.

تضمن المجلس ستة أشخاص، وهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله رضوان الله عليهم. حيث أمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا وفيهم ابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحضر معهم مشيرا فقط وليس له من الأمر شيء، ويصلي بالناس أثناء التشاور صهيب الرومي رضي الله عنه. وقال له: “أنت أمير الصلاة في هذه الأيام الثلاثة”؛ حتى لا يولي إمامةَ الصلاة أحدا من الستة فيصبح هذا ترشيحاً من عمر بن الخطاب رضي الله عنه له بالخلافة.

وأمر المقداد بن الأسود وأبا طلحة الأنصاري رضي الله عنهما أن يرقبا سير الأختيار ، وقد حدد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفترة بثلاثة أيام، فقال لهم: “لا يأتي اليوم الرابع إلا وعليكم أمير”. وكان قد أوصى عبد الله بن عمر رضي الله عنه بأن يحضر معهم في المجلس وأن ليس له من الأمر شيء، ولكن قال لهم: “فإن رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف”، ووصف عبد الرحمن بن عوف بأنه مسدد رشيد. فقال عنه: “ونعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف، مسدد رشيد، له من الله حافظ، فاسمعوا منه”.

طلب عمر بن الخطاب أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنهما وقال له: “يا أبا طلحة، إن الله أعز الإسلام بكم، فاختر خمسين رجلا من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم”، واختاروا المقداد وقال للمقداد بن الأسود رضي الله عنه: “إذا وضعتموني في حفرتي، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم”، وكانت من فوائد قصة الشورى، جواز تولية المفضول مع وجود الأفضل، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل الشورى في ستة أشخاص مع علمه أن بعضهم كان أفضل من بعض. عرف عمر رضي الله عنه أن الشورى لن تكون بين الستة فقط، وإنما ستكون في أخذ رأي الناس في المدينة فيمن يتولى الخلافة؛ حيث جعل لهم أمد ثلاثة أيام فيمكنهم من المشاورة والمناظرة لتقع ولاية من يتولى بعده عن اتفاق. وقد أناط عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأهل الشورى وحدهم اختيار الخليفة من بينهم.

بعد الانتهاء من دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذهب رهط الشورى وأعضاء مجلس الدولة الأعلى إلى الاجتماع في بيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، وقيل إنهم اجتمعوا في بيت فاطمة بنت قيس الفهرية أخت الضحاك بن قيس رضي الله عنهما والله تعالى أعلم، ليقضوا في الأمر، وقد تكلم القوم وبسطوا آراءهم واهتدوا إلى كلمة سواء رضيها الخاصة والكافة من المسلمين.

عندما اجتمع أهل الشورى قال لهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: “اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم”، فقال الزبير رضي الله عنه: “جعلت أمري إلى علي”، وقال طلحة رضي الله عنه: “جعلت أمري إلى عثمان”، وقال سعد رضي الله عنه: “جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف”، وأصبح المرشحون الثلاثة علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم، فقال عبد الرحمن رضي الله عنه: “أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه” فأسكت الشيخين، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: “أفتجعلونه إليَّ والله على أن لا آلو عن أفضلكما”، قالا: “نعم”.

بدأ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مشاوراته فور انتهاء اجتماع المرشحين الستة صباح يوم الأحد، واستمرت مشاوراته ثلاثة أيام كاملة، حتى فجر يوم الأربعاء الرابع من محرم وهو موعد انتهاء المهلة التي حددها لهم عمر رضي الله هنه، وبدأ عبد الرحمن بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقال له: “إن لم أبايعك فأشر عليَّ، فمن ترشح للخلافة؟ قال علي: عثمان بن عفان”، وذهب عبد الرحمن إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما وقال له: “إن لم أبايعك، فمن ترشح للخلافة؟ فقال عثمان: علي بن أبي طالب”.

ذهب ابن عوف رضي الله عنه بعد ذلك إلى الصحابة الآخرين واستشارهم رضوان الله عليهم. وكان يشاور كل من يلقاه في المدينة من كبار الصحابة وأشرافهم، ومن أمراء الأجناد، ومن يأتي للمدينة، وشملت مشاورته النساء في خدورهن، وقد أبدين رأيهن، كما شملت الصبيان والعبيد في المدينة، وكانت نتيجة مشاورات عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنَّ معظم المسلمين كانوا يشيرون بعثمان بن عفان رضي الله عنه، ومنهم من كان يشير بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه

في منتصف ليلة الأربعاء، ذهب عبد الرحمن بن عوف إلى بيت ابن أخته المسور بن مخرمة رضي الله عنهما، فطرق البيت، فوجد المسور نائما، فضرب الباب حتى استيقظ فقال: “أراك نائما فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له، فشاورهما ثم دعاني فقال: ادع لي علياً فدعوته فناجاه حتى ابهارَّ الليل ، ثم قال: ادع لي عثمان فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح”.
ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل وأخذ عليه العهد والميثاق لئن ولاه ليعدلن ولئن ولي عليه ليسمعن وليطيعن ،فقال كل واحد منهما نعم
ثم قال لهما قد سألت الناس عنكما فلم أجد أحدا يعدل بكما أحدا
ثم خرج بهما إلى المسجد
بعد صلاة صبح يوم البيعة، كان صهيب الرومي الإمام إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وقد أن اعتم بالعمامة التي عممه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.ونادى الصلاة جامعة فأمتلى المسجد بالناس وتراصوا حتى أنه لم يبقى لعثمان موضع يجلس فيه إلا في أخريات الناس وكان قد اجتمع رجال الشورى عند المنبر، أرسل إلى المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد منهم معاوية أمير الشام، وعمير بن سعد أمير حمص، وعمرو بن العاص أمير مصر، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر بن الخطاب رضوان الله عليهم وصاحبوه إلى المدينة.
ثم صعد عبدالرحمن بن عوف المنبر ثم تكلم فقال : أيها الناس أني قد سألتكم سرا وجهرا ،فرادى وجماعات فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين أما علي وأما عثمان ،،فقم ألي باعلي فقام علي إليه ووقف تحت المنبر فأخذ عبدالرحمن بيد علي وقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر ؟
فقال علي ( اللهم على جهدي من ذلك وطاقتي) فأرسل يده
ثم قال عبدالرحمن قم ألي ياعثمان ،،فأخذ بيده فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر ؟
قال عثمان :( اللهم نعم )
قال : فرفع رأسه آلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال :( اللهم أسمع وأشهد ،اللهم أني قد خلعت مافي رقبتي من ذلك في رقبة عثمان
قال : وأزدحم الناس يبايعون عثمان تحت المنبر ،فقعد عبدالرحمن مقعد النبي صلى الله عليه وسلم وأجلس عثمان تحته لى الدرجة الثانية وجاء الناس يبايعونه وبايعه علي بن أبي طالب أولا .
وقد تمت مبايعته في شهر محرم سنة 24 هجرية

و جاء في رواية البخاري: “فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلى كل حاضر من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان، فقال عبد الرحمن مخاطباً عثمان: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده”، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون. وجاء في رواية أن علي بن أبي طالب هو أول من بايع بعد عبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم جميعاً.

من هنا ومن هذه القصة ومن طريقة مبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه يمكننا استيعاب أهمية الشورى في أمور المسلمين بينهم، ومعرفة مدى ذكاء وفطنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي استحدث هذه الطريقة في اختيار الخليفة، فكم كنت عظيماً يا عمر أنت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم جميعاً. و أنَّ المقصد كان ابتغاء مرضاة الله عز وجل ليس طمعاً في منصب أو جاه، فلم يتأخر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المبايعة وكان أول من فعل ذلك بعد
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. فلم تأخذه الأنانية، وإنما وحدة المسلمين ومرضاة الله تعالى كانت هي المقصد من ذلك كله.
والمظنون بالصحابة خلاف مايتوهم كثير من الرافضة الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها وبين مستقيمها وسقيمها .

تابعونا

الرهيب 10-28-2023 02:56 PM

رد: 🪴 الخليفه الثاني : عمر بن الخطاب رضي الله عنه🪴
 
🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي اللّه عنهم🌏

🪴 الخليفة الثالث : عثمان بن عفان رضي الله عنه🪴

الحلقة 21

ب ـ كتابه إلى قادة الجنود:

وكان أول كتاب كتبه إلى قادة الأجناد في الأقاليم: أما بعد، فإنكم حماة المسلمين وذادتهم، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان على ملأ منا، ولا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل فيغيّر الله بكم، ويستبدل بكم غيركم، فانظروا كيف تكونون، فإني أنظر فيما ألزمني الله النظر فيه، والقيام عليه.

وفي هذا الكتاب لفت النظر إلى أن الأمور لن تتغير بتغير الخليفة؛ لأن الخلفاء ومن دونهم من الولاة يسيرون على خط واحد، وهو القيام بمهمة تطبيق الإسلام في واقع الحياة، وقوله: «وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان على ملأ منا» إشارة إلى أن حكم أولئك الخلفاء يقوم على الشورى، وذلك يترتب عليه أن

جميع القضايا المهمة تكون معلومة بتفاصيلها عند أهل الحل والعقد، فإذا ذهب الحاكم وخلفه حاكم اخر سار على المنهج نفسه لوضوح الهدف لدى الجميع، وقوله: «ولا تغيّروا فيغيّر الله بكم» وعيٌ لسنن الله تعالى في هذا الكون، فمعية الله جل وعلا لأوليائه بالتوفيق والحماية والنصر مشروطة بلزومهم شريعته، واستسلامهم لأمره، فإذا تغيّروا في ذلك غيّر الله ما بهم، واستبدل بهم غيرهم في الهيمنة والتمكين. (عثمان بن عفان، للصلابي ص 85)

ج ـ كتابه إلى عمّال الخراج:

وكان أول كتاب كتبه إلى عمال الخراج: أما بعد، فإن الله خلق الخلق بالحق فلا يقبل إلا الحق، خذوا الحق وأعطوا الحق به، والأمانة الأمانة قوموا عليها، ولا تكونوا أول من يُسلبها، فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم، والوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد، فإن الله خصم لمن ظلمهم. (تاريخ الطبري، 5 / 244).

خصّ في هذا الكتاب وزراء المال الذين يجبونه من أفراد الأمة لينفق في مصالحها العامة، فبيّن لهم أن الله لا يقبل إلا الحق، والحق قائم على الأمانة والوفاء، ثم ميّز صنفين من الرعية هما: اليتيم والمعاهد، فحضّ على التجافي عن ظلمها؛ لأن الله هو المتولي حمايتها، (عثمان بن عفان، للصلابي ص 86) ويذكرهم بأنهم إذا ظلموهم فإنهم معرضون لنقمة الله تعالى؛ لأنه خصم لمن ظلم هؤلاء المستضعفين، وفي هذا لفتة إلى جانب من جوانب عظمة الإسلام، حيث يدعو إلى
نصرة المظلومين وإن كانوا من الكفار المعاهدين. .

تابعونا


الساعة الآن 03:33 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75