.
(وعلى ربهم يتوكلون)
فهي صفة لازمة ولا غنى عنها للجماعة المؤمنة، التي ستعترضها أزمات وعقبات، وستعصف بها مكائد ومؤامرات، وستبتلى في الغالي والنفيس، في المال والأهل، وفي النفس والجسد. هذا التوكل يصاحب المؤمن في كل حال، فيثبت قدميه، ويربط على قلبه، ويجمع عليه فكره.
وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز بمواقف مدهشة، تجلى فيها التوكل في أسمى صوره. تأمل موقف يونس عليه السلام، وهو يجد نفسه فجأة في بطن حوت، في أعماق البحر. حوت تبلغ وجبته أحيانا طنا أو عدة أطنان، فجسم إنسان كأنه لقمة واحدة. فإذا بهذا العبد الصالح يناجي ربه مطمئنا به، متوكلا عليه (لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين). وتأتيه الإجابة ناجزة وافية (فاستجبنا له ونجيناه من الغم)، ثم تتحول لقانون عام ينطبق على كل أهل
الإيمان فقال تعالى (وكذلك ننجى المؤمنين).
وموسى عليه السلام يخرج بالطائفة المؤمنة ويرى البحر أمامه، وفرعون خلفه بجنوده وعتاده وغطرسته وبطشه وتاريخه الدموي. الأمل صفر، هكذا في ظاهر الأمر، حتى صرخ أصحاب موسى (إنا لمدركون)، فيعاجلهم عليه السلام بنفس مطمئنة متوكلة على خالقها (كلا .. إن معى ربى سيهدين).
وها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمتثلون الأمر بالخروج للقاء المشركين في "حمراء الأسد"، وذلك في وقت عصيب وليلة حزينة إثر رجوعهم من غزوة أحد وقد قتل منهم سبعون وجرح مثلهم، وأخذ المنافقون والمشركون يخوفونهم من الإقدام على القتال وهم في تلك الحال من الضعف والجراحات والإنهاك، فقالوا كلمة التوكل والثقة في الله (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).
...
lk wthj Hig hgYdlhk lil hgY]lhk