المفاضلة بين التسبيح وما جاء معه، وبين ركعتي الضحى:

س/ جاء في الحديث الصحيح:" يصبح على كل سلامى صدقة: فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة، ويحزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" رواه مسلم.
السؤال: الركعتان ليستا بأصل أنما الأصل ما ذكر غي البداية من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل...الخ.
فأيهما أفضل صلاة ركعتين أو التسبيح لو استغرق عدد المفاصل لان الركعتين بدل عنها؟
ج/حياكم الله أخي الفاضل..
هنا الحديث الشريف:"يصبح على كل سلامى صدقة..الحديث" الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه لا يفاضل فيه النبي عليه الصلاة والسلام بين التسبيح وما معه مع ركعتي الضحى، بل يذكر أن لقيام العبد بشكر المفاصل كل يوم طريقان:
الأول: عموم الأعمال الصالحة: التسبيح والتكبير والتحميد وما ذكر معه من أعمال أخرى كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدل بين اثنين وإعانة الرجل بحمل متاعه على دابته ونحوها.
الثاني: صلاة ركعتين في الضحى.
فهذه تجزئ وتلك تجزئ عن أداء الشكر لمفاصل البدن، فركعتا الضحى ليستا بدلا عما ذكر إذ لا يوجد هنا بدل ومبدل بل موجود طريقان لأداء الشكر، فلعظم مصلحة صلاة الضحى أجزأت عن كل هذه الأعمال الكبيرة المتنوعة الواسعة.
لكن ما ذكر من غير الركعتين فيه ما يدخل بالركعتين وهو الذكر، وفيه ما لا يدخل، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدل بين اثنين وحمل المتاع ونحوها من الأعمال المتعدية.
فالتسبيح والتهليل والتكبير مما هو موجود في الصلاة فالصلاة تقوم به، قال ابن حجر في الفتح:"والذي يظهر: أن المراد أن صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف وما ذكر معه، وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة".
فركعتا الضحى أفضل من مجرد التسبيح والتحميد والتكبير؛ لأن التسبيح والتحميد موجود في الصلاة ويستطيع إطالته والإكثار منه، هذا وجه، ووجه آخر: أن الصلاة تجمع بين الشكر البدني والقولي لتأديتها بكل مفاصل البدن، وهذا أبلغ من مجرد الشكر القولي الذي لا يتحرك به إلا اللسان الذي لا عمل به يخص المفاصل.
أما ما لا يدخل في الصلاة من المنافع المتعدية: كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدل بين اثنين وحمل المتاع وما في معناها من الفضائل المتعدية كلها، فالأصل أن يجمع العبد بين ركعتي الضحى وما لا تقوم الركعتان به عند وجود موجبه كالأمر بالمعروف والعدل بين اثنين وحمل المتاع ونحوها ليحقق كمال الشكر، وإن كانت صلاة ركعتين تجزيان في تحقيق أصل الشكر، لكن لا تجزيان في تحقيق كماله فإن لفظ الإجزاء الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام:"ويجزئ" أنها الحد الأدنى، لاكماله، فتبقى تلك المصالح المتعدية معطلة إذ الصلاة لا تغني عنهما ولا تقوم مقامهما لتفاوت المصالح بينهما.
فإذا لم يستطع الجمع: فينظر في قاعدة المفاضلة، وهي الأصلح: فقد تكون الصلاة أصلح لقلبه وأقوى شكرا عند حضور قلبه فيها فيقدمها، خاصة إذا كان الأمر والنهي مصلحتهما صغيرة، أو قام غيره بهما، أما إذا عظمت مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو تأكدتا بحقه عن غيره، وكذا غيره من المصالح المتعدية: كالعدل بين اثنين أو بين جماعات، أو تعليم العلم النافع لجماعات محتاجة أو الفتوى لهم، أو مساعدة الضعفاء والفقراء، وغيرها من المصالح الكبيرة، فقد يكون ألزم وأولى، وقد تتسع المصلحة الكبيرة الواحدة لأداء الشكر عن المفاصل كلها، كما اتسعت ركعتا الضحى عن شكر السلامى كلها، لعظم مصلحتهما، فكذا غيرها مما تعظم مصلحته من الأعمال المتعدية: كعلم متأكد، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر لازم، أو إصلاح أو قيام على مريض أو حفظ أعراض ودين أو غيرها من المصالح المتعدية الكثيرة الكبيرة.
وعلى هذا يحمل ـ والله أعلم ـ تركه عليه الصلاة والسلام أحيانا صلاة الضحى لهذا الاعتبار لانشغاله بأمور كبيرة من مصالح الأمة المتعدية: من الدعوة والتعليم والإصلاح والجهاد وإعداد العدة للأعداء والاستشارة، بما هو أفضل من صلاة الضحى، فضاق عليه الجمع بينها، فقدم ما مصلحته أعظم لأن به يؤدي شكر يومه عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.
…..
مدونة
سليمان بن محمد النجران

---

hglthqgm fdk hgjsfdp ,lh [hx luiK ,fdk v;ujd hgqpn: