التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا
..القصيدة العصماء لعلي بن ابي طالب*
بقلم : الرهيب
الرهيب
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: كن مع الله يكن معك (آخر رد :الرهيب)       :: علامات تدلّ أنك قد تحتاج لمراجعة نفسك: (آخر رد :الرهيب)       :: ✍ خواطر جميله (آخر رد :الرهيب)       :: إلى رحمة الله " عالية بنت علي بن نصيب القرني" والصلاة عليها عصر الغد في جامع ابن القيم بالروابي والدفن بمقبرة القرينية بالخمره (آخر رد :الرهيب)       :: ..القصيدة العصماء لعلي بن ابي طالب* (آخر رد :الرهيب)       :: التسمم الغذائي (آخر رد :الرهيب)       :: 📚 رحيق القراءه (آخر رد :الرهيب)       :: ❖ فضفضة حافظ ..💜☁️ (آخر رد :الرهيب)       :: ضبط الانوثة (آخر رد :الرهيب)       :: تهنئة …للإستاذ الدكتور " محمد حامد البحيري" بمناسبة تعيينه وكيلاً للشؤون الإدارية في جامعة الملك خالد (آخر رد :الرهيب)       :: اجرى الأستاذ " محمد احمد محمد بركات الـ سعيد " عملية جراحية بمستشفى الباحة (آخر رد :الرهيب)       :: صالح بن احمد محمد ال شايقه البحيري القرني يغادر المستشفى ولله الحمد (آخر رد :الرهيب)      



المواضيع الاسلامية يحتوي هذا القسم على مواضيع تهتم بالامور الشرعيه و الدينية على مذهب أهل السنه و الجماعة

الإهداءات

إضافة رد

 
LinkBack أدوات الموضوع

قديم 10-15-2010, 10:39 AM   #49
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

آداب الحج.....

تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن للحج آداباً عظيمة، وأخلاقاً قويمة، يحسن بالحاج أن يقف عليها، ويجمل به أن يأخذ بها؛ ليكون حجه كاملاً ومبروراً، وسعيه مقبولاً ومشكروًا.
من تلك الآداب والأخلاق ما يلي:
1- الاستشارة والاستخارة:
فيستحب للحاج أن يستشير من يثق بدينه، وخبرته وعلمه في حجه هذا، كما يستحب له أن يستخير الله –عز وجل- في حجه.
وهذه الاستخارة وتلك الاستشارة لا تعود إلى الحج نفسه، فالحج خير.
وإنما تعود إلى ملائمة الوقت، و تعود إلى المصلحة، وحال الشخص، وتعود إلى الرفق، والزاد.

2- إخلاص النية لله- تعالى-:
فلا يقصد في حجه رياء ولا سمعة، ولا ليقال: حج فلان، ولا ليطلق عليه لقب الحاج..
وإنما يحج محبة لله، ورغبة في ثوابه، وخشية من عقابه، وطلباً لرفع الدرجات، وحط السيئات؛ فالإخلاص عليه مدار العمل.
قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) "البينة: 5".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) "متفق عليه".

3- المبادرة إلى كتابة الوصية: ذلك أنه مقدم على الحج، ومتعرض لمصاعب الطريق؛ فحرِيّ به أن يكتب وصيته، وبيان ما له وما عليه، وجدير به أنْ يوصي أهله وأصحابه قبل سفره بتقوى الله عز وجل.
4- المبادرة إلى التوبة النصوح: وهي التوبة الناصحة الخالصة التي تأتي على جميع الذنوب؛ فحري بالحاج أن يبادر إلى تلك التوبة، وأن يتحلل من المظالم؛ فذلك أرجى لقبول حجه، ورفعة درجاته، ومغفرة سيئاته، بل وتبديلها حسنات.
5- التفقه في أحكام الحج: ولو على سبيل الإجمال؛ فإن لم يستطع فليأخذ معه من الكتب أو الأشرطة ما يفيده في معرفة أحكام الحج، وأن يسأل عما يشكل عليه.
6- الحرص على اصطحاب الرفقة الطيبة: التي تعينه على الخير إذا تذكر، وتذكره بالخير إذا نسي، والتي يستفيد من جراء صحبتها العلم النافع، والخلق الفاضل.
7- تأمير الأمير: فإذا كان الحجاج جماعة فعليهم أن يؤمروا أميراً، وأن يكون ذا خبرة وسداد رأي، وعليهم أن يلزموا طاعته في غير معصية الله، وليحذروا من الاختلاف عليه كما عليه أن يرفق بهم، وأن يستشيرهم.
8- حسن العشرة للأصحاب:
ومن ذلك أن يقوم الإنسان على خدمتهم بلا منة ولا تباطؤ، وأن يشكرهم إذا قاموا بالخدمة، وأن يتحمل ما يصدر من الرفقة من جفاء وغلظة ونحو ذلك، وأن يرى الحاج أن لأصحابه عليه حقاً، ولا يرى لنفسه عليهم حقاً؛ فذلك من كريم الخلال ومن حميد الخصال، وما ترفع به الدرجات، وتحط السيئات.
*
ومن حسن العشرة: أن يبتعد الحاج عن مشاجرة الأصحاب، ومخاصمتهم، فإن حصل شيء من ذلك فليبادر إلى الاعتذار، وإذا تعذر الاجتماع فالأولى أن يفترقا؛ لتسلم القلوب، ويتمكن كل واحد منهما من أداء مناسكه دونما تشوش أو قلق، وبعد ذلك ربما تهدأ العاصفة، ويحصل الائتلاف.
*
ومن حسن العشرة: أن يحرص الحاج على ملاطفة أصحابه، وإدخال السرور عليهم خصوصاً الضعفة والنساء.
* ومن الآداب مع الأصحاب: أن يحرص الحاج على الالتزام بالمواعيد، وأن يتطلف بالاعتذار إن حصل خطأ أو تأخير، أو خلل، وأن يتحمل ما يصدر منهم من عتاب إذا هم عاتبوا، وأن يتقبل العذر من غيره إذا هم أخطؤوا بتأخر أو خلل؛ فذلك دليل سمو النفس، وبعد الهمة، وحسن المعاشرة؛ فالعاقل اللبيب الكريم هو من يتحمل أذى الناس، ولا يحملهم أذاه.
9- تخير النفقة الطيبة: فيختار الحاج النفقة الطيبة من المال الحلال، حتى يقبل حجه ودعاؤه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) "رواه مسلم".
10- لزوم السكينة، واستعمال الرفق: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع) "رواه البخاري ومسلم".
11- الحرص على راحة الحاج، والحذر من أذيتهم:
فعلى الحاج أن يحرص كل الحرص على راحة إخوانه الحجاج، وأن يبتعد عن كل مافيه أذى لهم، من رفع للصوت، أو إطلاق للأبواق بلا داع، أو أن يزاحمهم، أو يضيق عليهم، أو أن يؤذيهم بالتدخين أو نحو ذلك.
* ومما يجمل به -أيضاً- أن يحب لإخوانه الحجاج ما يحب لنفسه، وأن يكره لهم ما يكرهه لنفسه، فيتحمل أذاهم، ويصبر على بعض ما يصدر منهم من زحام، أو تصرفات مقصودة أو غير مقصودة؛ فالإنسان الكريم يصبر على أذى ضيوفه حرصاً على إكرامهم؛ فكيف بضيوف ربه؟ إن أكرمهم أولى ثم أولى، وإنه لدليل على إجلال الله، وتوقيره، وإنه لدليل على كمال العقل، ومتانة الدين؛ لأنه لا أحسن من درء الإساءة بالإحسان.
12- حفظ اللسان:
وذلك بتجنب فضول الكلام، و سيئه، والبعد عن الغيبة والنميمة، والسخرية بالناس، وبالحذر من كثرة المزاح أو الإسفاف فيه، وبصيانة اللسان من السب والشتم.
ومن ذلك: أن يحذر الحاج من المماحكة، وكثرة المماسكة، وأن يحذر من المخاصمة والجدال إلا إذا كان جدالاً لإحقاق الحق، وإبطال الباطل بالتي هي أحسن.

13- غض البصر:
لأن الحاج يعرض له ما يعرض من الفتن، فمن النساء من تخرج سافرة عن وجهها، ويديها وقدميها وربما أكثر من ذلك؛ فعلى الحاج أن يغض بصره، وأن يحتسب ذلك عند الله –عز وجل-.
* وبذلك يسلم قلبه من التشوش، ويسلم حجه من النقص، ويحفظ على نفسه دينه، ويبتعد عن الفتن والبلايا، ويحضُّ على ثمرات غض البصر المتنوعة، والتي منها الفراسة الصادقة، والحلاوة التي يجدها في قلبه، إلى غير ذلك من ثمرات غض البصر العديدة.
14- لزوم النساء الستر والعفاف: فعليهن ذلك وعليهن الحذر من مخالطة الرجال وفتنتهم، وعليهن الحذر من التبرج والسفور، والسفر بلا محرم.
15- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله: كل ذلك حسب القدرة، والاستطاعة مع لزوم الرفق، واللين، والحكمة، والموعظة الحسنة، والرحمة بالمدعوين والتطلف بهم، والصبر على بعض ما يصدر منهم.
16- إعانة الحجاج : وذلك بقدر المستطاع، كأن يرشد ضالهم، ويعلم جاهلهم، ونحو ذلك من الإعانات المتعددة.
17- الاستكثار من النفقة: ليواسي المحتاجين، ويرفد إخوانه إذا احتاجوا، ليبادر إلى إعانتهم إذا شعر بأنهم في حاجة ولو لم يطلبوا.
18- استشعار عظمة الزمان والمكان:
فذلك يبعث الحاج لأداء نسكه بخضوع لله، وإجلاله له – عز وجل-: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) "الحج: 32".
ثم إن ذلك يصبره على بعض ما يلقاه من نصب، أو تعب، أو أذى.
فعلى الحاج أن يغتنم وقته بما يقربه إلى الله -عز وجل- من ذكر، أو دعاء، أو قراءة للقرآن، وذلك في أي مكان من تلك البقاع المباركة؛ فذلك سبب لانشراح صدره، ومضاعفة أجره، وإمداده بالقوة والطاقة، وشهود تلك الأماكن له يوم القيامة.

19- استحضار انقضاء أيام الحج: فهي قليلة معدودة، وسرعان ما تنقضي، فإذا استحضر الحاج ذلك كان دافعاً له إلى اغتنامها، والبعد عما يفسد حجه، أو ينقص أجره.
20- المحافظة على أداء الفرائض: وذلك بالحرص على أداء الصلوات المكتوبة مع الجماعة، وأن يحذر كل الحذر من تأخيرها عن وقتها.
21- البعد عن اجهاد النفس فيما لا يعني:
فذلك سبب لأن يتوفر الإنسان على النشاط، ويتقوى على أداء المناسك بيسر وسهولة.
* أما إذا أجهد نفسه بلا داع وفيما لا يعني كان ذلك مدعاة لتعبه، ومرضه، وتكاسله عن أداء النسك على الوجه الذي ينبغي.

22- ألا يكون هم الحاج أن يقضي نسكه: بل عليه أن يستشعر عظمة ما يقوم به، وأن يكون قلبه منطوياً على تعظيم أمر الله، وأن يحرص على أن يتلذذ بما يقوم به؛ فذلك من أعظم ما يعينه على انشراح صدره، وإتيانه بالنسك على الوجه الأكمل.
* ختامًا:
فليحرص الحاج على كل ما يقربه إلى ربه، وعلى كل ما يعينه على أداء نسكه، وليحذر كل الحذر من كل ما يفسد عليه حجه، أو ينقص أجره من قول أو عمل.
تقبل الله من المسلمين حجهم، وأعانهم على أداء مناسكهم، وأصلح ذات بينهم، وجمع على الحق كلمتهم، ونصرهم على عدوه وعدوهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المصدر شبكة الإسلام اليوم


من آداب الحج



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:43 AM   #50
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

قبيل الرحيل من أرض الحجيج..
تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك



المقدمة
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) [آل عمران : 102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) [النساء : 1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) [الأحزاب : 70 ، 71]. أما بعد:-

فإن من فضل الله و منّته على عباده أن جعل لهم في أيام الدهر نفحات يتعرضون لها ويتاجرون فيها مع الله ويفيض عليهم ربهم من فضله و عظيم جوده و كرمه وبره وإحسانه فيحصل لهم من الأجر الجزيل و الخير العميم ما لا يحصيه إلا هو سبحانه فطوبى ثم طوبى لمن تعرض لهذه النفحات و تلك الهبات فعن محمد بن مسلمة مرفوعاً : ( إن في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً ) روى الطبراني صحيح الجامع

ومن تلكم النفحات الربانية و المنح الإلهية رحلة الحج التي كثرت فضائلها و من تلك الفضائل على سبيل الذكر لا الحصر :
أن الحج والعمرة سبب لمغفرة الذنوب و زوال الفقر:
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) رواه أحمد والترمذي و ابن خزيمة وصححه الألباني
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله بها لك حسنة، ويمحو عنك بها سيئة وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك) رواه عبد الرزاق في المصنف الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع .

أن للحاج دعوة مستجابة :
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: ( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) رواه ابن ماجه و ابن حبان و حسنه الألباني
أن الحاج في ضمان الله حفظه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازياً في سبيل الله، ورجل خرج حاجاً) رواه أبو نعيم في الحلية و صححه الألباني في صحيح الجامع رحمه الله .
أن الحج جهاد :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد . قال : ( لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري
وبعد ذكر هذه الفضائل العظيمة ندرك أن رحلة بهذه الفضائل تحتاج إلى الوقوف والتأمل و الحرص على استغلال جميع أوقاتها بما يقرب إلى الله عز وجل ومن هنا كانت هذه الكلمات التي بين يديك تذكرة لمن وفقه الله لهذه الرحلة و أوشك على الرحيل من أرض الحجيج علّه أن يستفيد منها وعلّها أن تساعده في استغلال الأنفاس الأخيرة لرحلة الحج فالأعمال بالخواتيم فرب مشمّر يزداد حرصاً و رب مقصر يتدارك ما فات و الله المسؤول أن يتقبل هذا العمل و يجعله خالصاً لوجهه الكريم هو حسبي و نعم الوكيل .


محبكم :
شائع محمد الغبيشي
sh_mh@hotmail.com

قف قليلاً قبل الرحيل من أرض الحجيج
لقد مر الحاج برحلة إيمانية خلال الأيام الماضية ولد فيها من جديد فعاد كيوم ولدته أمه ونقيت فيها نفسه من الخبث و غفرت ذنوبه و زيدت حسناته و أفيض عليه وابل الرحمة والمغفرة إن شاء الله وهاهو بعد هذا كله أوشك على الرحيل فما الذي ينبغي عليه في ختام هذه الرحلة المباركة .

هناك أمور ينبغي أن يحرص عليها الحاج في نهاية هذه الرحلة الإيمانية وهي :

أولاً / التوبة و الاستغفار:
قال الله تعالى: ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(البقرة:199) قال الشوكاني : (وإنما أمروا بالاستغفار لأنهم في مساقط الرحمة ومواطن القبول ومظنات الإجابة)
قال السعدي رحمه الله :[ والمقصود من هذه الإفاضة كان معروفاً عندهم وهو رمي الجمار و ذبح الهدايا والطواف و السعي والمبيت بمنى ليالي التشريق وتكميل باقي المناسك 0ولما كانت هذه الإفاضة يقصد بها ما ذكر و المذكورات آخر المناسك أمر تعالى عند الفراغ منها باستغفاره و الإكثار من ذكره فالاستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها وذكر الله شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة وهكذا ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير و يشكره على التوفيق لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة و منّ بها على ربه و جعلت له محلاً و منزلةً رفيعة فهذا حقيق بالمقت و رد الفعل كما أن الأول حقيق بالقبول و التوفيق لأعمال الخير]
وقال رحمه الله في تفسيره لآخر سورة المزمل عند قوله تعالى:
(وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
: [ وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة و الخير فائدة كبيرة ، و ذلك أن العبد ما يخلو من التقصير فيما أمر به ، إما أن لا يفعله أصلاً أو يفعله على وجه ناقص ، فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار فإن العبد يذنب آناء الليل و النهار ، فمتى لم يتغمده الله برحمته و مغفرته ، فإنه هالك .
قالت عائشة رضي الله عنها : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : عجباً لمن يهلك ومعه النجاة قيل له و ما هي ؟ قال : التوبة و الاستغفار .
و قال قتادة رحمه الله : إن هذا القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم ؛ فأما داؤكم فالذنوب ، و أما دواؤكم فالاستغفار .
قال الحسن رحمه الله : أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقاتكم وفي أسواقكم ومجالسكم أينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة .
قال ميمون بن مهران : لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات و من عداهما فخاسر .
قال القرطبي رحمه الله قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار و يثبت معناه في الجنان و ليس التلفظ بمجرد اللسان فمن استغفر بلسانه و قلبه مصر على معصية فاستغفاره يحتاج إلى استغفار .
فينبغي للحاج في ختام حجه أن يلهج لله بالاستغفار يستشعر التقصير في حق الله عز و جل و يعلم أن من فضل الله عليه أن يوفقه للمداومة على الاستغفار .

ثانياً : الإكثار من ذكر الله عز وجل :
قال تعالى : ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب )
سورة البقرة .
قال ابن كثير رحمه الله : يأمر تعالى بذكره و الإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها واختلفوا في معنى
(كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ)
فقال عطاء و الضحاك و الربيع بن أنس رحمهم الله : كقول الصبي أبه أمّه يعني كما يلبث الصبي يذكر أبيه و أمه فكذلك أنتم فالهجوا بذكر الله بعد قضاء المناسك .
وقال ابن عباس رضي الله عنه : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول كان أبي يطعم ويحمل الحمالات و يحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله على محمد صلى الله عليه و سلم
( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا )
والمقصود منه الحث على الذكر لله عز وجل .
والحج إنما فرض لإقامة ذكر الله عز وجل فعن عائشة رضي الله عنها ـ مرفوعاً : (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة و رمي الجمار لإقامة ذكر الله). رواه الترمذي و الحاكم و صححه ووافقه الذهبي و حسنه الأرناؤوط في جامع الأصول .
و آخر أيام الحج أيام ذكر لله عز وجل ففي حديث نُبَيشَة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( أيام التشريق أيام أكل و شرب و ذكر لله ) صحيح مسلم .
قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على الآية السابقة : [ ففيه الأمر بالذكر بالكثرة و الشدة لشدة حاجة العبد إليه و عدم استغنائه عنه طرفة عين ، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له ، و كان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله ، فالموفق من استغل هذه الأيام القلائل للإكثار من ذكر الله عز وجل فأشغل نفسه بالتكبير و التهليل و التحميد لله عز وجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة ما أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بشر ) قيل يا رسول الله بالجنة قال : ( نعم ) رواه الطبراني و حسنه الألباني

ثالثاً : الشكر لله :
ينبغي للحاج أن يستشعر نعمة الله عليه في توفيقه للحج و تيسره له وهدايته لأداء المناسك فإنها من أعظم النعم التي يشكر عليها المولى عز و جل فما أعظم منه و جوده و كرمه آمن خوف و أطعم من جوع وكسا من عري أصح البدن و تابع المنن و صدق حين قال (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53) و حين قال و هو أحسن القائلين : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
(النحل:18) من أجل نعمه حلمه مع جهلنا وعفوه رغم عصياننا ستر القبيح و أظهر الجميل وغفر الذنب الجليل وعمّنا بفضله و إحسانه .

فينبغي للعبد أن يقابل هذا الفضل و العطاء بالشكر والثناء خاصة إذا وفق الله العبد لنعمة دينية تكون سبباً للفوز في الدنيا و الآخرة فكيف إذا علمنا أنه يضاعف بالشكر المنن و العطايا
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
(ابراهيم:7)
قال علي بن أبي طالب : إذا و صلت إليكم أطراف النعم فلا تنفِّروا أقصاها بقلة الشكر .
و قال الحسن البصري : إن الله لينعم بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً .
وقال ابن عقيل : النعم أضياف و قِرَاها الشكر .
وقال عمر بن عبد العزيز : قيدوا نعم الله بشكر الله .
وقال أبو سليمان الداراني : استجلب زيادة النعم بالشكر و استدم النعم بخوف زوالها .
وقال بعض السلف : قد أصبح بنا من نعم الله تعالى مالا نحصيه مع كثرة ما نعصيه فلا ندري أيهما نشكر : أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر .
قال السعدي رحمه الله :[ واعلم أن من تفكَّر في كثرة نعم الله و تفطَّن لآلاء الله الظاهرة و الباطنة و أنه لا وسيلة إليها إلا محض فضل الله و إحسانه و أن جنساً من نعم الله لا يقدر العبد على إحصائه و تعداده فضلاً عن جميع الأجناس فضلاً عن شكرها فإنه يضطر إلى الاعتراف التام بالنعم وكثرة الثناء على الله ]
ولذا كان من دعاء النبي : ( اللهم اجعلني لك شكَّاراً لك ذكَّاراً الهم اجعلني اُعظم شٌكرك و اُكثر ذكرك و أتَّبع نصحك و أحفظ وصيتك ) رواه أبو داود و صححه الألباني .
و أوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال : (لا يدعنَّ أن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك ) رواه الترمذي و الحاكم و صححه و وافقه الذهبي و قال أحمد شاكر : إسناده صحيح
والشكر هو :
ظهور أثر النعم الإلهية على العبد في قلبه إيماناً وفي لسانه حمداً وثناءً وفي جوارحه عبادة وطاعة .
قال ابن القيم رحمه الله : الشكر هو أثر نعمة الله على لسان عبده : ثناءً واعترافاً و على قلبه شهوداً و محبةً و على جوارحه انقياداً و طاعةً .
والعبد مهما شكر الله و كرر الثناء عليه فهو عاجز عن شكر نعم الله عليه فكيف يوفيه الثناء والشكر و شكر العبد و ثناءه نعمة تحتاج إلى شكر و لذا فقد أعترف أعظم الشاكرين بالعجز عن شكر نعم الله فقال صلى الله عليه و سلم : ( لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) رواه مسلم

رابعاً : حسن الظن بالله عز و جل و الرجاء في مغفرته:
ينبغي للعبد إذا استفرغ جهده و بذل طاقته في عبادة الله عز وجل و إتباع هدي النبي صلى الله عليه و سلم أن يٌعظم الرجاء في مغفرة الله و عفوه و فيض كرمه و جوده و إحسانه ونواله فهو سبحانه عند ظن عبده به ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل : ( أنا عند ظن عبيدي بي فليظن بي ما شاء .. ) رواه أحمد والدارمي
و يقول سبحانه : ( يا بن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي …) وقال صلى الله عليه و سلم ( لا يموتن أحدكم إلا و هو يحسن بالله الظن ) .
وقد كان للسلف الصالح أحوال من الرجاء في مغفرة الله، فكان أبو عبيدة الخواص يقول في الموقف: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه، وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب قد كبرت فأعتقني. قال ابن المبارك جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهملان، فالتفت إلي فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.
وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً يعني سدس درهم، أكان يردهم؟ قالوا: لا قال: واللهِ لَلْمَغْفِرَةُ عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق .
وقف عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال اللهم إنك قلت و قولك الحق :
( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فإن كنت من المحسنين فارحمني و إن لم أكن من المحسنين فقد قلت : ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيم) فارحمني و إن لم أكن من المؤمنين فأنت أهل التقوى و أهل المغفرة فاغفر لي و إن لم أكن مستحقاً بشيء من ذلك فأنا صاحب مصيبة و قد قلت (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فارحمني .
خامساً : الخوف من عدم القبول :
لقد كان الصالحون يشغلهم أمر قبول العمل فما أن يفرغ أحدهم من عمل الطاعة أو يوشك على الفراغ منها إلا و وقع عليه هم قبولها من عدمه فقد كانوا يهتمون في إتمام العمل و إكماله و إتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله يخافون من رده قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون60) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله قول الله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )
أهو الذي يزني و يشرب الخمر و يسرق ؟ قال : ( لا يا ابنة الصديق و لكنه الرجل يصوم و يصلي و يتصدق و يخاف ألا يقبل منه) روه الترمذي
قال الحسن : عملوا و الله بالطاعات واجتهدوا فيها و خافوا أن ترد عليهم إن المؤمن جمع إحسانا و خشية و المنافق جمع إساءة و أمنا .
و قال رحمه الله : المؤمن يعمل بالطاعات و هو مشفق وجل خائف و الفاجر يعمل بالمعاصي و هو آمن .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كانوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز و جل يقول:
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
(المائدة:الآية27) .
و قال عبد العزيز بن أبي رواد : أدركتهم يجتهدون في العمل فإذا فعلوه و قع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا ؟ .
فينبغي لك أخي الحاج و أنت في نهاية رحلتك الإيمانية أن تجمع إلى حسن ظنك بالله عز و جل الخوف من عدم القبول فتجمع بين الخوف و الرجاء و تظهر من الافتقار و الحاجة و الرغبة إلى الله عز و جل ما يبلغك حاجتك .

سادساً: الافتقار إلى الله عز وجل :
قال الله تعالى ( يا أيها الناس أنتم القراء إلى الله و الله هو الغني الحميد )
قال السعدي رحمه الله : [ يخاطب الله جميع الناس و يخبرهم بحالهم و وصفهم و أنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه :
فقراء في إيجادهم فلولا إيجاده إياهم لم يوجدوا .
فقراء في إعدادهم بالقوى و الأعضاء و الجوارح التي لولا إعداده إياهم بها لما استعدوا لأي عمل كان .
فقراء في إمدادهم بالأقوات و الأرزاق و النعم الظاهرة و الباطنة فلولا فضله وإحسانه و تيسره الأمور لما حصل لهم من الرزق و النِّعم شيء .
فقراء في صرف النقم عنهم و دفع المكاره وإزالة الكروب و الشدائد فلولا دفعه عنهم و تفريجه لكرباتهم و إزالته لعسرهم لاستمرت عليهم المكاره و الشدائد .
فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية و أجناس التدبير .
فقراء إليه في تألههم له و حبهم له و تعبدهم و إخلاصهم العبادة له تعالى فلو لم يوفقهم لذالك لهلكوا و فسدة أرواحهم و قلوبهم و أحوالهم .
فقراء إليه في تعليمهم ما لا يعلمون و عملهم بما يصلحهم فلولا تعليمه لم يتعلموا و لولا توفيقه لم يصلحوا .
فهم فقراء بالذات إليه بكل معنى و بكل اعتبار سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أو لم يشعروا و لكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه و دنياه و يتضرع له و يسأله ألا يكله إلى نفسه طرفت عين و أن يعينه على جميع أموره و يستصحب هذا في كل وقت ، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه و إلهه الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها . تيسر الكريم الرحمن صـ687ـ
فحري بك أخي الحاج أن تظهر حاجتك إلى التذلل لله و الفقر إليه سبحانه فجموع الحجيج مفتقرة إلى الله مفتقرة إلى فضله و إنعامه فما بهم من صحة و عافية و سعة في الرزق فمنه وحده فهم مفتقرون إليه في دوامها و مزيدها و مفتقرون إلى ما هو أعظم من ذلك من عفوه و مغفرته وبره وإحسانه
قال ابن القيم رحمه الله : ( الفقر الحقيقي : دوام الافتقار إلى الله في كل حال وأن يشهد العبد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه ) .
ولتعلم أخي الحاج أن الافتقار إلى الله عز وجل و إظهار الحاجة إليه و الذل بين يديه من أقرب الطرق الموصلة إليه سبحانه قال ابن القيم رحمه الله : (واقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والإفلاس المحض دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع وشملته الكسرة من كل جهاته وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل وكمال فاقته وفقره إليه وان في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى وانه ان تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر إلا ان يعود إلى الله تعالى عليه ويتداركه برحمته

و قال أيضاً رحمه الله : ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره وكان يقول كثيرا : ما لي شيء ولا مني شيء ولا في شيء وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :

أنا المكدى وابن المكدى *** وهكذا كان أبي وجدي
وكان إذا أثنى عليه في وجهه يقول : والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلاما جيدا .
وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه :



أنا الفقير إلى رب البريات *** أنا المُسيّكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي *** والخير إن يأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة *** ولا عن النفس لي دفع المضرات
ولا ظهير له كي يستعين به *** كما يكون لأرباب الولايات
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا *** كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم *** وكلهم عنده عبد له آتى
فمن بغى مطلبا من غير خالقه *** فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملء الكون أجمعه *** ما كان منه وما من بعد يأتي
وقال بعض السلف: صفة الأولياء ثلاثة: الثقة بالله في كل شيء والفقر إليه في كل شيء والرجوع إليه من كل شيء.
فما أجمل أخي الحاج أن تختم حجك بالدخول على الله من باب الفقر فتغنى بفقرك إليه و تعز بذلك بين يديه قال سهل التستري رحمه الله : ليس بين العبد و بين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار .
قال ابن القيم : ( ولما كان الفقر إلى الله سبحانه هو عين الغنى به فأفقر الناس إلى الله أغناهم به وأذلهم له وأعزهم وأضعفهم بين يديه أقواهم وأجهلهم عند نفسه أعلمهم بالله وأمقتهم لنفسه أقربهم إلى مرضاة الله )
و هكذا كان حال النبي صلى الله عليه و سلم يظهر الحاجة و الفقر و المسكنة لله عز وجل في جميع أحوال و قد ظهر ذلك بجلاء في رحلة حجه صلى الله عليه و سلم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( رأيت رسول الله صلى اله عليه و سلم يدعو بعرفة يده إلى صدره كاستطعام المسكين ) رواه البيهقي في السنن الكبرى

سابعاًً: إتباع الحسنة الحسنة :
من الأمور المهمة المداومة على الطاعة إتباع الحسنة بأخرى فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة قال أحد الصالحين : كان الصديقون يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس يشير إلى أنهم لا يرضون كل يوم إلا بالزيادة من عمل الخير .
وما أقبح السيئة بعد الحسنة قال بعض السلف : من علامة حب الله و رضاه عن الحاج أو المعتمر أن يواصل له الطاعة بالطاعة و من علامة عدم قبول الطاعة أن تُتبع بالسيئة .

ثامناً : استشعار المعاني و الحكم التي استفادها من رحلة الحج :
الحج رحلة إيمانية عظيمة تحمل من الحكم و الأسرار و الدروس والعبر و المعني و العضات الشيء الكثير ولذا ينبغي للحاج أن يستشعر معاني الحج و يرتسمها في حياته ومن هذه الدروس :
1/ أن يستشعر الحاج أنه قد عاهد الله بقوله [ لبيك اللهم لبيك ] ألا يعبد إلا الله و لا يشرك به شيئاً ويؤدي الواجبات التي أمر الله بها و ينتهي عن كل ما نهاه الله عنه ويحذر من النكوص بعد الاستقامة ومن الحور بعد الكور ما أجمل أن يجل الحاج حجه انطلاقة للطاعة على الدوام و يعقد العزم على ألا يعود إلى المعصية بعد أن لبى نداء ربه فقد قال ( لبيك ) لبيك يا ربي فقد أُبت إليك و انطرحت بين يديك أنا بك و إليك لبيك يا ربي فلن أعود إلى المعصية بعد إذ هديت .
2/ أن يدرك الحاج أهمية التوحيد و ذلك من خلال الأعمال و الأذكار التي يقوم بها خلال رحلة الحج فهو يلهج بتوحيد الله عز وجل من أول منسكه إلى نهايته لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك .
3/ أن يربي نفسه على متابعة هدي النبي صلى الله عليه و سلم في جميع شؤون الحياة فإن متابعة الحاج لهدي النبي صلى الله عليه و سلم في مناسك الحج استجابة لقوله صلى الله عليه و سلم : ( خذوا عني مناسككم ) تربية للحاج أن يلتزم هدي النبي صلى اله عليه و سلم في جميع ما يأتي و ما يذر فعليك أخي الحاج أن تجعل ذلك بداية الانطلاقة للتأسي بالنبي صلى الله علي و سلم و قد قال الله تعلى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر …)
4/ أن يستشعر معنى الأخوة الإسلامية من خلال لقاءه بإخوانه المسلمين من شتى بقاع الأرض و من كل قطر و مصر و إظهار المحبة لهم و العطف عليهم و اشعارهم أن وشيجة الدين هي أقوى الوشائج و الصلات

إنْ كِيْدَ مُطَّرَفُ الإخـاء فإننا *** نغدو ونسري في إخاءٍ تالد
أو يفترق ماء الغمـام فماؤنا *** عذبٌ تحدّر من غمام واحد
أو يختلف نسـب يؤلف بيننا *** ديـن أقمناه مقـام الوالـد
5/ أن يدك الحاج أن الحج شعار الوحدة فإن الحج جعل الناس سواسية في لباسهم وأعمالهم وشعائرهم وقبلتهم وأماكنهم، فلا فضل لأحد على أحد: الملك والمملوك الغني والفقير الوجيه والحقير في ميزان واحد الخ.
فالناس سواسية في الحقوق والواجبات، وهم سواسية في هذا البيت لا فضل للساكن فيه على الباد والمسافر فهم كلهم متساوون في البيت الحرام لا فرق بين الألوان والجنسيات وليس لأحد أن يفرق بينهم.
وحدة في المشاعر ووحدة في الشعائر، وحدة في الهدف، وحدة في العمل، وحدة في القول "الناس من آدم، وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى"
أكثر من مليوني مسلم يقفون كلهم في موقف واحد، وبلباس واحد، لهدف واحد، وتحت شعار واحد، يدعون ربا واحدا، ويتبعون نبيا واحدا.. وأي وحدة أعظم من هذه
(1)

و ينبغي للحاج أن يدرك أن الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الوحدة خاصة في هذه الأزمان التي تكالبت فيها أمم الكفر على حرب الإسلام و المسلمين والسعي الحثيث إلى زيادة تفكيكه ولنتذكر أننا أمة واحدة قال الله تعالى: ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون ) .

6/ مخالفة المشركين و البراءة منهم فالحج فرص لتأصيل عقيدة الولاء و البراء في النفوس .
7/ ترويض النفس على الصبر و تحمل المشاق
8/ تدريب النفوس على أنواع مختلفة من الطاعات و تربية النفس عليها لتصبح لها سجية بعد ذلك .
9/ التربية على التواصي بالحق و التواصي بالصبر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .
10/ الثقة بنصر الله للإسلام والمسلمين و أنه مهما طال ليل الكفر و الباطل فإن فلق الصبح أوشك على الانبلاج وما تجمع العدد الغفير من المسلمين في أيام الحج من كل فج عميق إلا بشارة بفجر جديد قريب لعز الإسلام والمسلمين فعندما يرى الحاج وفد الحجيج حتى من البلاد التي تشن الحرب على الإسلام و المسلمين تزداد ثقته ويقوى يقينه بنصر الله للإسلام و المسلمين و أن المستقبل لهذا الدين . قال عز وجل: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [سورة التوبة] فإظهار دين الله أمر تكفل به الله سبحانه . وقال سبحانه : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
[سورة النور] فهذا هو عهد الله .
وقال:
{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }
[سورة الحج] .
وقال:
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
} [سورة الروم]
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا...] رواه مسلم أبوداود والترمذي وابن ماجه وأحمد
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ] رواه أحمد
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ] رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الترمذي وصححه الألباني
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ] رواه أحمد وابنه عبد الله في زوائده والحاكم وقال: صحيحه ووافقه الذهبي وصححه الألباني
فهذه النصوص تؤكد رجوع الإسلام إلى مركز الريادة، وموضع القيادة، ومقام
السيادة من شرق الدنيا إلى غربها؛ لتتحقق إرادة الله التي اقتضاها لهذه الأمة الإسلامية منذ الأزل 0 وهي بشائر لنصرة الإسلام وتمكينه والتاريخ يشهد بذلك، والواقع المعاصر يتفجر عن ينابيع الهداية و الصلاح في شتى بقاع الأرض معلناً أن المستقبل للإسلام

11/ ومن دروس الحج أن الإنسان بإمكانه أن يخالف و يمتنع عما تعود عليه من العادات السيئة فها هو الحاج يخالف أموراً كثيرة كان قد اعتاد عليها في حياته اليومية فهاهو يترك اللباس و يكتفي بالإزار و الرداء و يمتنع عن الطيب و حلق الشعر و قص الأظفار و غيرها من المحظورات طاعة لله عز وجل وذلك دليل على أن المسلم يستطيع أن يغير من حاله و أنه لن يستسلم لأسر العادة .
12/ أن الحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة من الحلم و العفو و الصفح و الإيثار و الرحمة و التعاون و الإحسان و البذل ….
13/
أن يدرك أهمية الدعوة إلى الله عز و جل فإن الحاج عندما يخالط الحجاج من شتى بقاع و يرى ما هم عليه من الجهل بالدين و الحاجة إلى أساسياته فإن
ذلك يذكره بواجبه في الدعوة إلى الله و يدفعه إلى القيام به .
و جمع الحجيج و هم مقبلون على الله مابين داع و مستغفر وركع و ساجد و متضرع علم علّم اليقين أن ذلك لم يحصل إلا بالدعوة إلى الله عز وجل فيدعوه ذلك إلى المساهمة في الدعوة إلى الله .

14/
أن يربي الحاج النفس على الانضباط :
قال الشيخ محمد الدويش في محاضرته [ لبيك اللهم لبيك ] : إنك حين تتأمل المناسك ترى فيها دقة عجيبة, فأنت ترى المسلم يقف عند هذا المكان من حدود عرفة ,فلو وقف هنا كان داخل عرفة ,ولو تأخر متراً واحداً كان خارج عرفة, ولو وقف هنا نائماً أو صامتا لصح حجه, ولو وقف هناك وصار يدعو ويتضرع لم يصح حجه, ما الفرق بين هذا المكان وذاك؟ تراه يرمي الجمرة الأولى قبل الثانية, وبعدها العقبة، ولو رمى تلك قبل هذه لم تصح ,تراه يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة ولو عكس لم يصح له الأمر، هذا اليوم يقف في عرفة ، وفي الليل يبيت في مزدلفة، وفي أيام التشريق يكون في منى لو رمى قبل الزوال بدقائق لكان رميه غير صحيح وكانت عبادته غير صحيحة ,ولو رمى بعد الزوال لكان موافقاً للسنة,وهكذا في دفعه من عرفة وفي سائر المناسك تراها منضبطة بمكان أو وقت أو زمان أو هيئة معينة وهذا كله يربي في المسلم أن يكون منضبطاً في أوقاته وفي مواعيده .

تاسعاً َ: الدعاء:
ينبغي للحاج و هو في آخر أيام الحج أن يلهج إلى الله عز وجل بالدعاء فقد قال تعالى (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ))
[غافر:60] عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( أَفْضَلُ الْعِبَادة الْدُعَاءُ ) رواه الحاكم وهو حديثٌ حسن.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا سَأَلَ أَحَدكم فَلْيُكْثِر، فإنّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ)) رواه ابن حبّان بسند صحيح.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ) صحيح سنن الترمذي
و عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة( اللَّهُ أَكْثَرُ)) صحيح سنن الترمذي
وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ) صحيح سنن الترمذي

فعليك أخي الحاج أن تكثر من الدعاء في ختام هذا المسك العظيم ولتكثر من قول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار لقوله تعالى :
{ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا و ماله في الإخرة من خلاق * و منهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب }

قال ابن كثير رحمه الله جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا و الآخرة و صرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية و دار رحبة و زوجة حسنه و رزق واسع و علم نافع و عمل صالح و مركب هين و ثناء جميل ... إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين و لا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا و أما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك رضوان الله و دخول الجنة و توابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات و تيسير الحساب و غير ذلك من أمور الآخرة الصالحة و أما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم و الآثام و ترك الشبهات و الحرام و قد وردت السنة الترغيب في هذا الدعاء فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار) رواه البخاري
و سأل قتادة أنساً أي دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي صلى الله عليه و سلم قال يقول : ( اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار) رواه الإمام احمد .
و كان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها و إذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيها . رواه مسلم
و أن يكثر من سؤال الله عز وجل أن يتقبل الله منه حجه و أن يلهج إلى الله عز وجل أن يثبته على الهداية و الطاعة حتى يلقاه و يستعيذ بالله من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور و الضلال بعد الهدى و يكثر من قول: ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) و من قول ( يا ولي الإسلام وأهله ثبتني عليه حتى ألقاك ) ومن قول ( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ) رواه مسلم
و من قول : (اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ) صحيح سنن أبي داود .

عاشراً : التأدب بآداب العودة من السفر:
ينبغي للحاج وهو في آخر أيام الحج أن يتعرف على آداب العودة من السفر كما في السنة النبوية ومنها:
1/
التعجل في العودة وعدم إطالة المكوث لغير حاجة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه و شرابه فإذا قضى نهمه فليعجل إلى أهله )
2/
أن يقرأ دعاء السفر و يزيد في آخره( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون)
3/
التكبير على كل شرف من الأرض لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : ( لا إله إلا الله لا شريك له له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده و نصر جنده و هزم الأحزاب و حده ) رواه البخاري و مسلم
4/
يسن للعائد من السفر إذا رأى بلدته أن يسرع بدابته أو سيارته لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أنه كان إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته و إن كانت دآبة حركها ) رواه البخاري
ويستحب له إذا رأى بلدته من بعيد أن يقول : ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون )ويكرر ذلك لما جاء عن أنس بن مالك قال: [ أقبلنا مع النبي صلى الله سلم أنا وأبو طلحة و صفية رديفته على ناقته حتى إذا كنا بظهر المدينة قال نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة] رواه مسلم
5/
ألا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة و ذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ) رواه البخاري
و هذا النهي لا يشمل من أخبر أهله بوصوله و أنه يقدم وقت كذا .
6/
يستحب إذا قدم من سفره أن يتلقى بالولدان من أهل بيته وذلك لما جاء من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال:[ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقى بنا قال :فتلقى بي و بالحسن أو الحسين رضي الله عنهما قال فحمل أحدهما بين يديه و الآخر خلفه حتى دخل المدينة ] رواه مسلم
7/
يستحب في حق من يستقبل المسافر أن يعانقه لما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: ( كانوا إذا تلاقوا تصافحوا و إذا قدموا من سفر تعانقوا ) رواه الطبراني في الأوسط وقال المنذري والهيثمي رجاله رجال الصحيح
8/
يستحب لمن قدم من سفر أن يتجه إلى المسجد قبل أن يذهب إلى بيته فيصلي فيه ركعتين لما صح من حديث كعب بن مالك ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ) متفق عليه
9/
يشرع لمن دخل على أهله قادما من سفر أن يقول : ( توباً توباً لربنا أوباً لا يغادر حوباً ) رواه ابن السني و صححه الألباني
10/
الهدية من المسافر : الهدية أمر مشروع بين المسلمين وهي وسيلة من وسائل الود والتصافي وطريقة من طرق الإكرام و التفضل تدخل السرور على
الزوجة و تبهج قلب الأم و تكسب رضى الأب و تطيب نفوس الأبناء و البنات و تدخل عليهم من الفرحة و البهجة و السرور ما لا يعلمه إلا الله و لهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( تهادوا تحابوا و تذهب الشحناء ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد 0وحسنه ابن حجر
وقد قال أبوالعتاهيه :
هدايا الناس بعضهم لبعض *** تولد في قلوبهم الوصالا
وتزرع في القلوب هدى ووداً *** وتكسوهم إذا حضروا جمالاً
و قال آخر :
إن الهدية حلوة *** كالسحر تجتذب القلوبا
تدني البغيض من الهوى *** حتى تصيره قريبا
و تعيد مضطغن العداوة *** بعد نفرته حبيبا

ومن المعلوم أن الأهل و الأولاد يرتقبون من أبيهم و قريبهم إذا قدم من سفر أن يقدم لهم شيئاً من الهدايا و لهذا ورد في المثل : إذا قدمت من سفر فأهد لأهلك و لو حجرا .
وقد ذكر أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدم لهم شيئاً فغضب واحد منهم و أنشد شعراً فقال :-
كأن الحجبج اليوم لم يقربوا منى *** ولم يحملوا منها سواكاً و لا نعلاً
أتونا فما جادوا بعود أراكة *** ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلاً .
فجميل بك أخي الحاج في ختام رحلتك الميمونة و سفرك المبارك أن تحمل إلى أهلك و أقاربك بعض الهدايا التي تدخل عليهم السرور و تزيد من فرحهم بقدومك و قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : ( و أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم … )


خاتمة
ختاماً أخي الحاج اعلم أن الأعمال بالخواتيم و أن من أحسن فيما بقي غفر له ما سلف و احذر أن تعود إلى المعصية بعد أن تذوقت لذة الطاعة و لا ترجع إلى ارتضاع ثدي الهوى بعد الفطام فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ( إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم و يغفر لكم ..)
ودونك ما سطرته في الصفحات السابقة عله أن يسهم في توفيقك لحسن الختام و هو جهد المذنب المقصر العبد الفقير و تنسانا من دعوة صالحة أسال الله العلي العظيم أن يختم لي و لك بالخاتمة الحسنة .
اللهم يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك فيه الهم ثبت قلوبنا على طاعتك يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا عليه حتى نلقاك و صلى الله و سلم على نبينا محمد .


(1) مقال د .يحيى اليحيى : آثار الحج ومقاصده بين الواقع والمطلوب




صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:46 AM   #51
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

الصبر والإحتساب...

تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك

أخي الحاج الكريم : تذكَّر قوله عليه الصلاة والسلام عن الحج والعمرة بأنهما " جهـــاد لا قتال فيه " وأن الحج مدرسة للأخلاق ، وتهذيب للنفوس ، وسمو بها إلى أعلى المقامات ، وهو اختبار عمليٌّ للصبر والأخلاق ، فلربما مرضت أو تعبت أثناء تنقلك بين المشاعر ، أو ربما فقدت شيئاً عزيزاً عليك ، أو سمعت خبراً مزعجاً ، أو ربما أحسنت فأُسيء إليك ، أو أصابك الهم والحزن ، أو ربما ضاع مالك أو سُرِق - بإهمال منك أو من غير إهمال - لذا عليك أن تعلم بأن هذا كله ابتلاء من الله تعالى ليمتحن صبرك وثباتك وصدقك أو لحكمة أخرى أرادها الله سبحانه ؛ لذا أوصيك هنا بوصايا :

أولاً : الصبر ! الصبر ! الصبر ! وأكثر من قول " قدَّر الله وما شاء فعل " واحذر من أن تقول : لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن أكثر من الاسترجاع وتذكر قول الله عز وجل " ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئِك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئِك هم المهتدون " سورة البقرة .

ثانياً : اعلم " إن لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه " ..

ثالثاً : أَحسن الظن بالله عز وجل ، وأنه سيعوضك خيراً كثيراً ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه أنه تعالى قال " أنا عند ظن عبدي بي ما شاء " . ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له " أخرجه مسلم .

وفي الختام أوصيك أخي الحاج أن تحمل معك خريطة لموقع المخيم ورقم الهاتف أو شريطاً يوضع في معصمك تبين فيها المعلومات الواضحة والكاملة عنك ..

ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال وندعوه عز وجل بدعوة أبينا إبراهيم وابنه إسماعيل " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " ..

هذا وإني أذكرك أخي الحبيب بقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم ..


المرجع: كتاب المنهاج في يوميات الحاج
للمؤلف خالد بن عبد الله بن ناصر




الصبر والإحتساب في الحج



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:48 AM   #52
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

معاني العقيدة من خلال فريضة الحج..
تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والـســـلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ـ نبينا محمد ـ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: ففي الحج معان عظيمة، وحكم بالغة، ومنافع كثيرة، كـمـا قال سبحانه: ((ليشهدوا منافع لهم))[الحج: 28]، وفي هـذه الصفـحـات نورد جمـلـة مـن معاني العقيدة ومسائل أصول الدين من خلال هذه الفريضة:

أولاً:التسليم والانقياد لشرع الله تعالى:

كم نحتاج ـ أخي القارئ ـ إلى ترويض عقولنا ونـفـــوسـنـا كي تنقاد لشرع الله (تعالى) بكل تسليم وخضوع ، كما قال (سبحانه): ((فلا وربك لا يؤمـنـون حتى يحكموك فـيـمـا شـجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))[النساء: 65].
فالحج خير مثال لتحقيق هذا التسليم ، فإنّ تنقل الحجاج بـيـن المـشاعر ، وطوافهم حول البيت العتيق ، وتقبيلهم للحجر الأسود ، ورمي الجمار... وغيره كـثـيـر: كل ذلك أمثلة حية لتحقيق هذا الانقياد لشرع الله (تعالى) ، وقبول حكم الله (عز وجل) بـكـل انـشـــراح صدر ، وطمأنينة قلب.
لـقــد دعا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل (عليهما الصلاة والسلام) فقالا: ((ربنا واجعلنا مـسلمين لـك ومــن ذريـتـنــا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))[البقرة: 128].
لقد دعوا لنفسيهما ، وذريتهما بالإســـــلام ، الأذي حقـيقـته خضوع القلب وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح.
ورضـي اللـه عـن الفـاروق عمـر إذ يقـول عن الحجـر الأسود: »إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك«
(1).
يقول الحافظ ابن حجر: » وفي قول عمر هذا التسليم للشارع فـي أمور الدين ، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها ، وهو قاعدة عظيمة في اتباع الـنـبــي -صلى الله عليه وسلم- فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه« (2).
ويقــول قوام السنة إسماعيل الأصفهاني (رحمه الله): »ومن مذهب أهل السنة: أن كل ما سمـعـه المرء من الآثار
(3) مما لم يبلغه عقله ، فعليه التسليم والتصديق والتفويض والرضا ، لا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه« (4).
ويقول ابن القيم (رحمه الله): »إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم، وعـــــدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع ، ولهذا لم يحك الله (سبـحـانـه) عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء ، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما، ونـهـاهـــا عنه، وبلغها عن ربها، بل انقادتْ، وسلمتْ، وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، ومــــا خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها بسبب عدم معرفته ، وقد كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولاً ومعارف وعلوماً لا تسأل نبيها لِمَ أمر الله بذلك؟ ولِمَ نـهـى عـــــــن ذلك؟ ولِمَ فعل ذلك؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام« (5).

ثانياً:إقامة التوحيد:
إن هذه الشعيرة العظيمة قائمة على تجـريـــد الـتـوحـيــــــد لله وحده لا شريك له؛ قال (سبحانه): ((وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شـيـئـا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود))[الحج: 26].
وحذر (سبحانه) من الشرك ونجاسته ، فقال (عز وجل): ((فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور * حنفاء لله غير مشركين به)) [الحج: 3031].
بل من أجل تحقيق التوحيد لله وحده ، والكفر بالطاغوت ، شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية قائلاً: » لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك«.
ومن أجل تحقيق التوحيد شُرع للحاج أن يقرأ في ركعتي الطواف ـ بعد الفاتحة ـ بسورتي الإخلاص (قل هو الله أحد) ، و(قل يا أيها الكافرون) ، كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- .
كما شَرعَ الله (تعالى) التهليل عند صعود الصفا والمروة ، فيستحب لـلـحـــــاج والمعتمر أن يستقـبل القبلة ـ عند صعوده الصفا والمروة ـ ويحمد الله ويكبره ويقول: »لا إلــــه إلا الله، والله أكـبـر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحي ويمـيـت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده«.
ومن أجل تحقيق التوحيد أيضاً كان خير دعاء يوم عرفة أن يقال: »لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحي ويميت ، وهو على كل شيء قدير«.
وفي مناسك الحج وشعائره تربيةٌ للأمة على إفراد الله (سبحانه) بالدعاء والسـؤال والطلب ، والرغبة إليه ، والاعتماد عليه ، والاستغناء عن الناس ، والتعفف عن سؤالهم، والافتقار إليهم؛ فالدعاء مشروع في الطواف والسعي ، وأثناء الوقوف بعرفة ، وعند المشعر الحرام ، وفي مزدلفة، كما يشرع الدعاء وإطالته بعد الفراغ من رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق.

ثالثاً:تعظيم شعائر الله (تعالى) وحرماته:

قال الله (تعالى) ـ بعد أن ذكر أحكاماً عن الحج ـ: ((ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه))[الحج: 30].
والحرمات الـمـقـصودة هاهنا أعمال الحج المشار إليها في قوله (تعالى): ((ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم))[الحج: 29]
(6).
وقـال (سـبـحـانـه): ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)) [الحج: 32]، فتعظيم مناسك الحج عموماً من تقوى القلوب
(7).
وتعظيم شعائر الله (تعالى) يكون بإجلالها بالقلب ومحبتها ، وتكميل العبودية فيها؛ يقول ابن القيم (رحمه الله): »وروح العبادة هو الإجلال والمحبة ، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت«
(8).
ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: »لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة [يعني: الكعبة] حق تعظيمها ، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا«
(9).

رابعاً:محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
إن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أجل أعمال القلوب ، وأفضل شعب الإيمان، ومحبة الرسول صتوجب متابعته والتزام هديه ، وإن التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسـلم- أثـنـــاء القـيـام بمناسك الحج سبب في نيل محبته ، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: »خذوا عني مـنـاسـكـكم« ، وفي اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- تحقيق لمحبة الله (تعالـى)؛ كما قال (سبحانه): ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله))[ آل عمران: 31].

خامساً:تحقيق الولاء بين المؤمنين والبراءة من المشركين:

كم هو محزن حقاً تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً.. وتمزقهم إلى دول متعددة ومتناحرة.. وقد غلبتْ عليهم الـنـعــــرات الجاهلية المختلفة ، وإن فريضة الحج أعظم علاج لهذا التفرق والتشرذم ، فالحج يجمع الشمل ، وينمي الولاء والحب والنصرة بين المؤمنين ، وإذا كان المسلمون يجمعهم مصدر واحد في التلقي ـ الكتاب والسنة ـ وقبلتهم واحدة ، فهم في الحج يزدادون صلة واقتراباً، حيث يجمعهم لباس واحد، ومكان واحد، وزمان واحد، ويؤدون ـ جميعاً ـ مناسك واحدة.
كما أن فـي الـحــــج أنواعاً من صور الولاء للمؤمنين: حيث الحج مدرسة لتعليم السخاء والإنفاق ، وبذل الـمعروف أياً كان ، سواء أكان تعليم جاهل ، أو هداية تائه ، أو إطعام جائع ، أو إرواء غليل ، أو مساعدة ملهوف.
وفي المقابل: ففي الحج ترسيخ لعقيدة البراء من المشركين ومخالفتهم؛
يقول ابن القيم:
» استقرت الشريعة على قصد مخالفة المشركين لا سيما في المناسك« (10).
لقد لبى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد ، خلافاً للمشركين في تلبيتهم الشركية ، وأفاض من عرفات مخـالـفـاً لقريش حيث كانوا يفيضون من طرف الحرم ، كما أفاض من عرفات بعد غروب الشمس مخالفاً أهل الشرك الذين يدفعون قبل غروبها.
ولما كان أهل الشرك يدفـعـــــون من المشعر الحرام (مزدلفة) بعد طلوع الشمس ، فخالفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فدفع قبل أن تطلع الشمس.
وأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- عـوائــد الجاهلية ورسومها كما في خطبته في حجة الوداع، حيث قال: »كل شيء من أمر الجاهـلـيـــــة تحت قدمي موضوع«
(11)؛ يقول ابن تيمية: »وهذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات ، مثل: دعواهم يا لفلان ، ويا لفلان ، ومثل أعيادهم ، وغير ذلك من أمورهم« (12).

سادساً: تذكر اليوم الآخر واستحضاره:
فإن الحاج إذا فارق وطنه وتحمل عـنــاء السفر: فعليه أن يتذكر خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة وأهوالها.
وإذا لبس المحرم ملابس الإحرام: فعليه أن يتذكر لبس كفنه ، وأنه سيلقى ربه على زي مخالف لزي أهل الدنيا.
وإذا وقـف بـعـرفـة: فـلـيـتـذكـر مـا يشاهده من ازدحام الخلق وارتفاع أصواتهم واختلاف لغاتهم، موقف القيامة واجتماع الأمـم في ذلك الموطن
(13) ؛
قــال ابن الـقـيـم: فـلـلـه ذاك الموقف الأعظم الذي... كموقف يوم العرض ، بل ذاك أعظم
نسأل الله (تعالى) أن يتقبل منا ومن المسلمين صالح الأعمال ، وبالله التوفيق.

===============

الهوامش :
(1) أخرجه البخاري ، كتاب الحج ، باب تقبيل الحجر.
(2) فتح الباري ، جـ3ص463.
(3) أي: الآثار الصحيحة.
(4) الحجةفي بيان المحجة ، جـ2 ص435.
(5) الصواعق المرسلة ، م4 ، ص1560 ، 1561.
(6) انظر: تفسير ابن عطية ، جـ4 ص120.
(7) انظر: تفسير الطبري ، جـ17 ص157.
(8) مدارج السالكين ، جـ1 ص495.
(9) أخرجه ابن ماجة: كتاب المناسك ، باب فضل مكة ، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن؛ انظر: فتح الباري ، جـ3 ص449.
(10) تهذيب سنن أبي داود ، جـ3 ص309.
(11) أخرجه مسلم ، كتاب الحج ، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ح/147.
(12) اقتضاء الصراط المستقيم ، جـ1 ص301.
(13) انظر: مختصر منهاج القاصدين ، ص48.


المصدر مجلة البيان - العدد 88 ذو الحجة 1415 هـ


معاني العقيدة من خلال فريضة الحج

د. عبد العزيز آل عبد اللطيف



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:52 AM   #53
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

حتى يكون حجاً مبروراً بإذن الله...
تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك


رتب الله (تعالى) أجراً عظيماً على الحج المبرور، دل عليه رسوله بقوله: (..والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)(1).
والحج المبرور: ما توسع فيه العبد بأعمال الخير، إذ معاني البر تعود إلى معنيين (2):
1- الإحسان إلى الناس وصلتهم، وضــده العقوق، وفي الحديث: (البر: حسن الخلق)(3)، وفي المسند عن جابر مرفوعاً: (قالوا: ومــا بر الحج يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام)(4).
2- التوسع في الطاعات وخصال التقوى، وضـــده الإثم؛ ومنه قوله (تعالى): ((أََتَاًمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أََنفُسَكُمْ))[البقرة: 44]، قال الـقرطـبي: (الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي: أنه الحج الذي وفيت أحكامه، ووقـــــع موقعاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل)(5).
وعلى ذلك: فليس كل من حج البيت كان حجه مبروراً، بل الأمر كما قال ابن عمر (رضي الله عـنهـما) لمجاهد حين قال: (ما أكثر الحاج) قال: (ما أقلهم، ولكن قل: ما أكثر الركب)
(6).
ومن أجل تفــــاوت الناس في الحج، فسأحاول في هذه السطور ذكر أبرز الأمور التي تعين الحاج، ليكون حجه مبروراً بإذن الله، ومن ذلك:
أولاً: الإخلاص والمتابعة:
لا صحة ولا قبول للأعمال إلا بـما يلي:
1-
الإخلاص لله (تـعـالى) وإرادة وجهه وحده، قال الله (تعالى) في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشــــرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)(7)، وقد كان يحذر من ضد ذلك، فـيـدعـــو مـسـتـعـيـنـاً بربه قائلاً: (اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة)(8).
2- متابعة العبد للنبي -صلى الله عليه وسلم- في كافة أعماله، قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (9)؛ ولذا: كان يقول في الحج: (لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعـلـي لا أحج بـعـد حجتي هذه)(10)، ولقد استوعب الصحابة (رضي الله عنهم) ذلك الأمر، فقال الفاروق حين قبّل الحجر: (أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استلمك ما استلمتك، فاستلمه)(11).
ثانياً: الاستعداد للحج:
تهيئة العبد نفسه واستعداده للحج من أهم الأمور التي تعينه على أداء النسك على الوجه المشروع، وتجعل حجه مبروراً، ولعل أبرز الجوانب التي ينبغي أن يستعد بها المرء للحج ما يلي:
1-
إصلاح العبد ما بينه وبين الله (تعالى) بالتوبة النصوح بشروطها المعروفة.
2-
الاستعانة بالله (تعالى) وطلب توفيقه، وإظهار الافتقار إليه، والخوف منه، والرجاء فيه، إذ إنه مع أهمية الاستعداد المادي للحج إلا أنه لا يجوز للمرء الركون إلى الوسائل المادية وحدها.
3-
تحلل العبد من الحقوق والودائع التي لديه، وقضاء الديون أو استئذان من عُرِف عنه من أصحابها حرص وشدة طلب.
4-
كتابة العبد لوصيته؛ إذ السفر مظنة تعرض الإنسان للخطر.
5-
إعداد العبد النفقة الكافية لمن يعول إلى وقت رجوعه، ووصيته لهم خيراً، واستخلاف من يقوم بشؤونهم، وذلك حتى يكون همّه متجهاً لأداء النسك.
6-
اختيار الراحلة المناسبة، وانتخاب النفقة الطيبة الحلال، لأن النفقة الحرام من موانع الإجابة، عند الطبراني مرفوعاً: (إذا خرج الرجل حاجّاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه من السماء: لبيك وسعديك؛ زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناٍد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور)(12).
ونحن الآن في زمن تفشت فيه المكاسب الحرام إلا من رحم الله، وكثرت فيه الأموال المشبوهة، فليتق كلّ عبد ربه، وليتذكر قوله: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)
(13).
ويستحب للعبد الإكثار من التزود بالنفقة الحلال على وجه يمكنه معه من التوسع في الزاد دون الحاجة إلى الناس، والرفق بالضعفاء.
7- اختيار الرفقة الصالحة التي تعينه إذا ضعف، وتذكره إذا نسي، وتعلمه إذا جهل، وتأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر. وليحذر العبد من صحبة صنفين:
الصحبة الفاسدة التي تقود إلى المعصية وتعين على الباطل.
صحبة البطالين الذين يقضون أوقاتهم فيما لا يعود عليهم بالنفع في الآخرة.
8-
التفقه في أحكام النسك وآدابه، والتعرف على أحكام السفر، من حيث: القصر، والجمع، والتيمم، والمسح على الخفين... إلخ؛ قال : (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)(14).
ومما يعين العبد على ذلك: التزود بما يحتاج إليه من كتب أهل العلم وأشرطتهم، ومصاحبة أهل العلم بالمناسك، وأهل المعرفة بأماكن وأوقات الشعائر.
ثالثاً: استشعار حقيقة الحج وغاياته:
إدراك العبد لحقيقة الحج، والحكم والأسرار التي شرعت الشعائر من أجلها يهيئه ليكون حجه مبروراً؛ إذ القيام بذلك بمثابة الخشوع في الصلاة، فمن كان فيها أكثر خشوعاً كانت صلاته أكثر قبولاً، وكذلك الحج: كلما استوعب المرء حقيقة الحج، وروحه، والحكم والغايات التي شرع من أجلها، واتخذ ذلك وسيلة لتصحيح عقيدته وسلوكه.. كلما كان حجه أكثر قبولاً وأعظم أجراً واستفادة، ولن يتمكن أحد من ذلك ما لم يقم بتهيئة نفسه، ويستغرق في التأمل والبحث عن أسرار الحج وحكمه، أما من لم يكن كذلك، فيخشى أن يكون عمله مزيجاً من السياحة والمتاعب لا غير.
ولعل من أبرز الحكم والغايات التي ينبغي أن يستشعرها الحاج ما يلي:
1-
تحقيق التقوى:
الغاية من الحج تحقيق التقوى، ولذا: نجد ارتباط التقوى بالحج في آيات الحج بشكل واضح جلي، قال (تعالى): ((وَأََتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ..وَاتَّقُوا اللَّهَ..))[البقرة: 196] ((وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى..)) [البقرة: 197].
2-
تأصيل قضية التوحيد في النفوس وتأكيدها:
يرتكز الحج على تجريد النية لله (تعالى) وإرادته بالعمل دون سواه، قال (تعالى) ((وَأََتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة: 196]، وقال (عز وجل) في ثنايا آيات الحج: ((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30( حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ..)) [الحج: 30، 31]: وفي التلبية (وهي شعار الحج) جاء إفراد الله بالنسك صريحاً: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)(15)، كما أن الحج يرتكز على توحيد المتابعة للرسول وعدم الوقوع في شرك الطاعة، إذ لا مجال للتنسك في الشعيرة بالأهواء والعوائد، بل لا بد من التأسي به والأخذ عنه.
3- تعظيم شعائر الله وحرماته:
من أبرز غايات الحج وحكمه تربية العبد على استحسان شعائر الله وحرماته، وإجلالها ومحبتها، والتحرج من المساس بها أو هتكها، قال الله (تعالى) في ثنايا آيات الحج: ((ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ)) [الحج: 32]..
4-
التربية على الأخلاق الحسنة والخلال الحميدة، ومن ذلك:
(أ) العفة:
قال الله (تعالى): ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ..)) [البقرة: 197] والرفث: هو الجماع ودواعيه من القول والفعل.
(ب) كظم الغيظ وترك الجدال والمخاصمة:
قال الله (عز وجل): ((ولا جِدَالَ فِي الحَجِ)) [البقرة: 197]، قال عطاء: (والجدال: أن تجادل صاحبك حتى تغضبه ويغضبك، والأظهر أن المراد بنفي الجدال في الآية: (نفي جنس) مراد به المبالغة في النهي عن الجدال المذموم فقط، وهو النزاع والمخاصمة في غير فائدة شرعية.
(ج) الرفق واللين والسكينة:
قال عندما سمع زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل في الدفع من مزدلفة: (أيها الناس: عليكم بالسكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع (يعني الإسراع))(16).
(د) إنكار الذات والاندماج في المجموع: في الحج ينكر العبد ذاته ويتجرد عما يستطيع أن يخص نفسه به، ويندمج مع إخوانه الحجيج في اللباس والهتاف والتنقل والعمل.
(هـ) التربية على تحمل تبعة الخطأ:
ويظهر ذلك جليًّا في الفدية الواجبة على من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام عمداً، وعلى من أخطأ الوقوف بعرفات، أو دفع إلى مزدلفة قبل غروب الشمس...إلخ.
(و) التربية على التواضع:
ويظهر ذلك جليّاً في الوحدة بين جميع الحجيج في الشعائر والمشاعر، وإلغاء أثر الفوارق المادية بينهم من لغة ودم ومال...إلخ، وقد كان من خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: (يا أيها الناس: ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى)(17).
(ز) التربية على الصبر بأنواعه: حيث يلجم العبد نفسه عن الشهوات بترك محظورات الإحرام، ويمنعها عن بعض المباحات (في غير الإحرام)، ويعرضها للضنك والتعب في سبيل امتثال أوامر الله بأداء النسك وإتمامه؛ فيكون ذلك دافعاً إلى ترك المعاصي، وامتثال الطاعات، وتحمل الأذى في سبيل ذلك بعد الحج.
(ح) البذل والسخاء:
وهذا واضح في تحمل العبد لنفقات الحج.
5-
التذكير باليوم الآخر:
يُذكّر الحج العبد باليوم الآخر وما فيه من مواقف وأهوال بشكل واضح جلي، ومن ذلك:
*
خروجه من بلده ومفارقته لأهله: يذكره بمفارقته لهم حال خروجه من الدنيا إلى الآخرة.
*
التجرد من المخيط والخروج من الزينة: يذكره بالكفن وخروج العباد من قبورهم يوم القيامة حفاة عراة غرلاً.
*
الترحال والتعب: يذكرانه بالضيق والضنك في عرصات القيامة، حتى إن من العباد من يلجمه العرق يومئذ إلجاماً.
6-
التربية على الاستسلام والخضوع لله (تعالى):
يتربى العبد في الحج على الاستسلام والانقياد والخضوع والطاعة المطلقة لله رب العالمين، سواء في أعمال الحج نفسها، من: التجرد من المخيط، والخروج من الزينة، والطواف، والسعي، والوقوف، والرمي، والمبيت، والحلق (أو التقصير (ونحو ذلك من الأمور التي قد لا تكون جلية المعنى، بل قد تكون إلى الأمر المجرد الذي ليس فيه لنفس العبد حظ ورغبة ظاهرة، أو فيما تحمله تلك الأعمال في طياتها من ذكريات قديمة من عهد إبراهيم (عليه السلام)، وما تلاه من استسلام وخضوع وإيثار لمحاب الله (تعالى) ومرضاته على شهوات النفس وأهوائها.
7-
تعميق الأخوة الإيمانية، والوحدة الإسلامية:
يجتمع الحجاج على اختلاف بينهم في اللسان والألوان والأوطان والأعراق في مكان واحد، وزمان واحد، بمظهر واحد، وهتاف واحد، لهدف واحد، هو: الإيمان بالله (تعالى)، والامتثال لأمره، والاجتناب لمعصيته، فتتعمق بذلك المحبة بينهم، فيكون ذلك دافعاً لهم إلى التعارف، والتعاون، والتفكير، والتناصح، وتبادل الخبرات والتجارب، ومشجعاً لهم للقيام بأمر هذا الدين الذي جمعهم، والعمل على الرفع من شأنه.
8-
ربط الحجيج بأسلافهم:
تحمل أعمال الحج في طياتها ذكريات قديمة: من هجرة إبراهيم (عليه السلام) وزوجه وابنه الرضيع إلى الحجاز، وقصته حين أُمر بذبح ابنه، وبنائه للبيت، وأذانه في الناس بالحج حتى مبعث نبينا (محمد)، والتذكير بحجة الوداع معه حيث حج معه ما يربو على مئة ألف صحابي، وقال لهم: (خذوا عني مناسككم)، ثم توالت العصور الإسلامية إلى وقتنا الحاضر حيث تربو أعداد الحجيج على أكثر من ألفي ألف من المسلمين؛ مما يجعل الحاج يتذكر تلك القرون ممن شهد أرض المشاعر قبله، ويتأمل الصراع العقدي الذي جرى بين الموحدين والمشركين فيها، وما بذله الموحدون من تضحية بالأنفس ومتع الحياة من أهل ومال وجاه، وما قام به المشركون من عناد وبغي ودفاع عن مصالح أنفسهم وشهواتها؛ ليدرك أسباب هلاك من هلك ونجاة من نجا، فيحرص على الأخذ بأسباب النجاة، ويعد نفسه امتداداً للناجين من الأنبياء والصالحين، ويحذر من أسباب الهلاك، ويعد نفسه عدوًّا للمجرمين، ويستيقن أن العاقبة للمتقين، ويرى بمضي من حج من تلك الأقوام إلى ربهم أن مصير الجميع واحد، وأنهم كما رحلوا فسيرحل هو، فيعتصم لكي ينجو ويسلم بين يدي الله بالتقوى.
9-
الإكثار من ذكر الله (تعالى):
المتأمل في شعائر الحج من تلبية وتكبير وتهليل ودعاء... إلخ، وفي نصوص الوحيين التي تتحدث عنه، يجد أن الإكثار من ذكر الله (تعالى) من أبرز حكم الحج وغاياته، ولعل من تلك النصوص قوله (تعالى): ((فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ)) [البقرة: 198] وقوله : (إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار: لإقامة ذكر الله في الأرض)(18).
10- التعود على النظام والتربية على الانضباط:
في الحج قيود وحدود والتزام وهيئات لا يجوز للحاج الإخلال بها، تعوده حب النظام والمحافظة عليه، وتربيه على الانضباط بامتثال الأمر وترك النهي، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جلية.
11-
منافع أخرى:
ومنافع أخرى دنيوية وأخروية، فردية وجماعية، تجل عن الحصر، يدل عليها تنكير المنافع وإبهامها في قوله (عز وجل): ((لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)) [الحج: 28] نسأل الله (تعالى) أن يهيء لنا من أمرنا رشداً وأن يكتب لنا منها أوفر الحظ والنصيب.
رابعاً: الحذر من مقارفة المعاصي والوقوع في الأخطاء:
لا يحصل للعبد بر الحج إلا بمجانبة المعاصي والحذر منها، ومع أن مقارفة الذنوب والمعاصي مَنْهِيّ عنها في كل وقت، إلا أن الله (تعالى) أمر مَن حج بتركها، فقال (عز وجل): ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِ)) [البقرة: 197] وذلك لشرف الزمان وعظمة المكان، قال (تعالى): ((وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)) [الحج: 25] فكيف يكون جزاء من فعل وقارف؟!.
والمتأمل في واقع الناس في الحج يجد الكثير من المنكرات والأخطاء الناتجة عن: ضعف الخوف من الله، وعدم مراعاة حرمة الزمان والمكان، الناتجة عن الجهل بالشرع واتباع الأعراف والعوائد، ولعل من أبرز ما يتفشى في الحج من المنكرات والأخطاء: ارتكاب محظورات الإحرام عمداً بغير عذر وأذية المسلمين بالقول والفعل، وترك التناصح والأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وتأخير الصلاة عن وقتها، والغيبة، والنميمة، واللغو، والجدال، وقيل وقال، والإسراف أو التقتير في النفقة، والعبث بالأطعمة، وسوء الخلق، والتهاون في الذنوب: كإطــلاق النظــر، والاستمـاع إلى ما لا يحل، ومزاحمة النساء للرجال، وكشفهن لما لا يجوز كشفه، والتعجل أو التأخر عند أداء المناسك في الأوقات الشرعية المحددة لها، وعدم مراعاة حدود الأمكنة التي لا يجزئ أداء أعمال الحج خارجها...إلخ.
فما أغبن من بذل نفسه وماله وبدل حاله وجماله فيرجع بالمحرمات وغضب الرحمن، قال الشاعر:
يحج لكيما يغفر الله ذنبه ويرجع وقد حطت عليه ذنوب
خامساً: الاجتهاد في الطاعة واستغلال الوقت:
وردت في ثنايا آيات الحج إشارات تحث العبد على الاستكثار من الطاعات وقت أداء النسك، ومن ذلك قوله (عز وجل): ((وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) [البقرة: 197] ولعل من أهم الطاعات التي ينبغي أن يستكثر منها العبد ويشغل بها وقته أثناء النسك:
1- أعمال القلوب:
من: إخلاص، ومحبة، وتوكل، وخوف، ورجاء، وتعظيم، وخضوع، وإظهار افتقار، وصدق في الطلب والمسألة، وتوبة، وإنابة، وصبر، ورضا وطمأنينة...ونحـو ذلك من أهم ما ينبغي أن ينشغل به العبد في حجه، إذ مدار الإسلام عليها، قال ابن القيم: (ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب وأنها لا تنفع بدونها)(19).
2- قراءة القرآن والذكر والاستغفار: وقد أمر الله الحجيج بالذكر والاستغفار في ثنايا آيات الحج، وقال حاثًّا على التلبية والذكر: (ما أهل مهل ولا كبر مكبر قط إلا بُشّر)(20) وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: (أي الحاج أفضل؟ قال: أكثرهم لله ذكراً)(21).
3- بذل المعروف: قال ابن رجب: (ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج: ما وصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا جُرَيّ الهجيمي فـقـال: (لا تـحـقــــرن مـن المـعروف شيئاً ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تعطي صلة الحبـل، ولو أن تعـطـي شِـسْـع الـنـعل، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه مـنـطـلــق، ولو أن تلقى أخاك المسلم فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوَحشان في الأرض)(22) وفي الحديث الآخر: قيل: يا رسول الله، من أحب الناس إلى الله؟ قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس).
4- الدعوة إلى الله (عز وجل):
ينتشر الجهل بين الحـجـيـج، وتنتشر بدع ومنكرات وأخطاء كثيرة في الحج، مما يوجب على العلماء والدعاة القيام بما يجب عليهم من إرشاد، ونصح، وتوجيه، وأمــر بمعروف، ونهي عن منكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، قال شجــاع بن الوليد: (كنت أحج مع سفيان، فما يكاد لسانه يفتر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذاهباً وراجعاً)(23).
5- الدعاء والمسألة:
الـحـج من مواسم المسألة والدعاء العظيمة التي ينبغي استغلالها والتضرع بـيـــن يدي الله فيها، قال: (خير الدعاء دعاء عرفة)(24) وقال : (الحجاج والعمار وفد الله، دعـــاهـــم فأجابوه وسألوه فأعطاهم)(25).
سادساً: الاستقامة.. الاستقامة:
ودليل الحج المبرور استقامة المسلم بعد الحج، ولزومه الطاعة وتركه للمعصية، قال الحسن البصري: (الحج المبرور: أن يرجع زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخـــرة، ويشهد لذلك قوله (تعالى): ((وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)) [محمد: 17]).
فلتحذر أخي من أن تهدم ما بنيت، وتشتت ما جمعت، وتبدد ما حـَصّلت، فتنتكس بعد الاهتداء، وترتكس بعد النقاء.
وتذكر أن الحج يهدم ما قبله من ذنوب، وأنك بحجك ترجع كيوم ولدتك أمك، فإياك أن تقابل الله بعد هذه النعمة بالمعصية، و افتح صفحة جديدة من حياتك مــع الله (عز وجل) ملؤها الطاعة، وعنوانها الاستقامة.. والله يتولاني وإياك.
==============

الهوامش:
1- البخاري مع الفتح، ح/1773.
2- انظر: لطائف المعارف، ص410.
3- مسلم، ح/2553.
4- انظر: الفتح، جـ4 ص446.
5- فتح الباري، جـ3 ص446.
6- مصنف عبدالرزاق، ح/8836، وانظر: أنوار الحج للقاري ص55.
7- مسلم، ح/2985.
8- ابن ماجة، ح/2890، وانظر: صحيح سنن ابن ماجة ح/1718.
9- مسلم، ح/1718.
10- مسلم، ح/1297.
11- البخاري مع الفتح، ح/1610.
12- المعجم الأوسط للطبراني، ح/5224، وجاء في مجمع الزوائد: (وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف) (جـ10 ص 292).
13- مسلم، جـ2ص703.
14- البخاري مع الفتح، ح/71.
15- البخاري مع الفتح، ح/1549.
16- البخاري، ح/1671.
17- انظر: لطائف المعارف، ص411.
18- الترمذي، ح/902.
19- بدائع الفوائد، جـ3 ص330.
20- المعجم الأوسط للطبراني، ح/7775، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، ح/5569.
21- المسند، جـ3 ص438، وهو ضعيف.
22- لطائف المعارف، ص411.
23- سير أعلام النبلاء، جـ 7 ص259.
24- الترمذي: ح/3585، وانظر: صحيح سنن الترمذي، ح/837، والجواب الكافي، ص101.
25- انظر: صحيح الجامع، ح/3173، وقال الألباني: حسن..


المصدر مجلة البيان - العدد 99 ذو القعدة 1416 هـ


حتى يكون حجنا مبرورا



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:55 AM   #54
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

وقفات ومسائل حول يوم عرفة..

تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
يوم عرفة من الأيام الفاضلة، تجاب فيه الدعوات، وتقال العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره. وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
ويوم كهذا حري بك أن تتعرف على فضائله، وما ميزه الله به على غيره من الأيام، وتعرف كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟
نسأل الله أن يعتق رقابنا من النار في هذا اليوم العظيم.

من فضائل يوم عرفة :

(1) إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}المائدة3
قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

(2) قال صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب ) "رواه أهل السّنن"
وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (نزلت –أي آية (اليوم أكملت)- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد).

(3) إنه يوم أقسم الله به :
والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى : {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }البروج3.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة ، والشاهد : يوم الجمعة) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }الفجر3.
قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.

(4) أن صيامه يكفر سنتين:
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم.

وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "انه مستحب استحبابا شديدا " .

وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه .

(5) أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم.
فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }
{أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ } (الأعراف: 172 ، 173) رواه أحمد وصححه الألباني.

فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق !

(6) أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف:
ففي صحيح مسلم عن عائشة _رضي الله عنها_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).

قال ابنُ عبدُ البر : وهذا يدلُ على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران والله أعلم أهـ .

وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني.
وسُئل فضيلة الشيخ بن عثيمين ( رحمه الله ) : لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟ والله عز وجل يقول: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ؟
فاجاب فضيلته عن اسباب إجابة الدعاء وموانع الدعاء ، فقال : " هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من أسباب الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيماً في أهله، وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو سواء كان أشعث أغبر أم مترفاً، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول: " أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق" هـ .
وذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : فقال : ( الشُّعْث‏:‏ هو اغبرار الرأس‏,‏ والغَبَرُ‏:‏ هو التراب، والغُبْرة‏:‏ لونه) فإنه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه، لكن ليس هذا الذى في قلوبهم هو الذى يدنو إلى السماء الدنيا، ويباهي الملائكة بالحجيج‏ )هـ

فعلى المسلم أن يحرصَ على العمل الصالح لا سيما في هذا اليوم العظيم من ذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ وصلاةٍ وصدقةٍ لعله أن يحظى من الله تعالى بالمغفرة والعتق من النار .

فقد ذكر ابنُ رجب - رحمه الله – في اللطائف : أن العتقَ من النار عام لجميع المسلمين .

وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه: (زاد المعاد في هدي خير العباد ) ج1 فقال :
"أنه في يوم عرفة يدنو الرّبُّ تبارك وتعالى عشيةَ مِن أهل الموقف، ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول‏:‏ ‏(‏مَا أَرَادَ هؤُلاءِ، أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم‏)‏ وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم تعالى نوعين من القُرب، أحدهما‏:‏ قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني‏:‏ قربه الخاص من أهل عرفة، ومباهاتُه بهم ملائكته، فتستشعِرُ قلوبُ أهل الإِيمان بهذه الأمور، فتزداد قوة إلى قوتها، وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاء لفضل ربها وكرمه، فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها‏ " هــ .
وذكر السعدي رحمه الله في تفسيره للآية الكريمة : " وليال عشر " من سورة الفجر فقال :
"في أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة ، لأن يقسم الله بها‏ "هـ .
قال اللّه تعالى‏:‏ ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ )الحج28‏.‏ الآية‏.‏
قال ابن عباس والشافعي والجمهور‏:‏ هي أيامُ العشر‏.‏
وقال النووي رحمه الله في كتابه (الاذكار ) : ( واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره،ويُستحب من ذلك في يوم عرفة اكثر من باقي العشر ) هـ
أما من لم يتيسر له الحج فهو كما قال أحد السلف: " من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ، من لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه من حبل الوريد".

وينبغي أن نحافظ على الأسباب التي نرجى بها العتق والمغفرة ومنها:

* حفظ جوارحه عن المحرمات في ذلك اليوم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ) : ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له ( رواه أحمد.

* الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل ...) رواه مسلم.

* الإكثار من الدعاء بالمغفرة والعتق في هذا اليوم، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي وحسنه الألباني.
قال ابنُ عبد البر : وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره ، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره ، ... وفي الحديث أيضاً دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب ، وفيه أيضاً أن ( أفضل الذكر لا إله إلا الله .. ) أهـ.

قال الخطابي: (معناه : أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله (عز وجل)، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله (سبحانه وتعالى)، ويقدمه أمام مسألته، فسمي الثناء دعاء...)

فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدى في عدائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويلح في الدعاء، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء، وإذا صام هذا اليوم ودعا عند الإفطار فما أقرب الإجابة ، وما أحرى القبول ! فإن دعاء الصائم مستجاب .
وذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله .. ( في مناسك الحج والعمرة ) فقال : " وليتجنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة، ففي ‏(‏صحيح مسلم‏)‏ من حديث أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا‏.‏‏.‏‏.‏ الحديث) . وفيه ‏(‏ثم ذكر الرجل يطيل السفرَ أشعثَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء‏:‏ يا رب يا رب ومطعمهُ حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام فأنى يُستجاب لذلك‏) .
فقد استبعد النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ إجابة من يتغذى بالحرام ويلبس الحرام مع توفر أسباب القَبول في حَقه وذلك لأنه يتغذى بالحرام‏ " هــ

* ولنحذر من الذنوب التي تمنع المغفرة في هذا اليوم، كالإصرار على الكبائر والاختيال والكذب والنميمة والغيبة وغيرها، إذ كيف تطمع في العتق من النار وأنت مصر على الكبائر والذنوب؟! وكيف ترجو المغفرة وأنت تبارز الله بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟!

* ومن آداب الدعاء في هذا اليوم أن يقف المسلم مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، متضرعاً إلى ربه معترفاً بتقصيره في حقه، عازماً على التوبة الصادقة.

من أحوال السلف بعرفة

أما عن أحوال السلف الصالح بعرفة فقد كانت تتنوع : فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي.

وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!.

ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء: قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.

العبد بين حالين :

إذا ظهر لك حال السلف الصالح في هذا اليوم، فاعلم أنه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حالهم.

والخوف الصادق: هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله تعالى، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط.

والرجاء المحمود : هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راج لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راج لمغفرته وعفوه.

قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة218

فينبغي عليك أخي أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء؛ فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه.

هنيئاً لمن وقف بعرفة

فهنيئاً لك اخي المسلم ، يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجارون الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص الله من التوبة وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أعسر الأوزار فكه وأطلقه وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: ما أراد هؤلاء؟ لقد قطعنا عند وصولهم الحرمان، وأعطاهم نهاية سؤالهم الرحمن.



بعض الفتاوي حول صوم يوم عرفة ( اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)

س : (4052) صيام يوم قبل يوم عرفة
هل نستطيع أن نصوم هنا يومين لأجل صوم يوم عرفة؛ لأننا هنا نسمع في الراديو أن يوم عرفة غداً يوافق ذلك عندنا الثامن من شهر ذي الحجة؟

الحمد لله ، يوم عرفة هو اليوم الذي يقف الناس فيه بعرفة، وصومه مشروع لغير من تلبس بالحج، فإذا أردت أن تصوم فإنك تصوم هذا اليوم، وإن صمت يوماً قبله فلا بأس، وإن صمت الأيام التسعة من أول ذي الحجة فحسن؛ لأنها أيام شريفة يستحب صومها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ?: "ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر" قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

س (6655) : حكم صيام يوم الجمعة إن وافق يوم عرفة
الحمد لله ، يشرع صوم يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة ولو بدون صوم يوم قبله؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ? من الحث على صومه وبيان فضله وعظيم ثوابه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ?: "يوم عرفة يكفر سنتين: ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية" رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وهذا الحديث مخصص لعموم حديث: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا من يصوم يوماً قبله أو بعده"، رواه البخاري ومسلم. فيكون عموم النهي محمولاً على ما إذا أفرده المسلم بالصوم؛ لكونه يوم جمعة، أما من صامه لأمر آخر رغب فيه الشرع وحث عليه فليس بممنوع، بل مشروع ولو أفرده بالصوم، لكن إن صام يوماً قبله كان أولى لما فيه من الاحتياط بالعمل بالحديثين، ولزيادة الأجر. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

س: (11747) حكم صوم يوم عرفة إن صادف يوم السبت
الحمد لله ، يجوز صيام يوم عرفة مستقلاً سواء وافق يوم السبت أو غيره من أيام الأسبوع لأنه لا فرق بينها؛ لأن صوم يوم عرفة سنة مستقلة وحديث النهي عن يوم السبت ضعيف لاضطرابه ومخالفته للأحاديث الصحيحة.وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

س: (2187) ما حكم من صام يوم عرفة بقصد التطوع وعليه أيام من رمضان؟
الحمد لله ، من صام يوم عرفة بقصد التطوع وعليه أيام من رمضان فصيامه صحيح، والمشروع له أن لا يؤخر القضاء؛ لأن نفسه بيد الله ولا يدري متى يأتيه الأجل، ولو صام يوم عرفة عن بعض أيام رمضان لكان أولى من صيامه تطوعاً؛ لأن الفرض مقدم على النافلة، وهو أولى بالعناية. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

س: (7890) حكم ما إذا صادف يوم عرفة يوم جمعة
يقول بعض الناس: إن يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة كهذا العام يكون كمن أدى سبع حجات. هل هناك دليل من السنة في ذلك؟
الحمد لله ، ليس في ذلك دليل صحيح، وقد زعم بعض الناس: أنها تعدل سبعين حجة، أو اثنتين وسبعين حجة، وليس بصحيح أيضاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

الدال على الخير كفاعله .. وجزاكم الله خيراً ..




وقفات ومسائل حول يوم عرفة

داعية



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 10:59 AM   #55
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

فضل يوم عرفة وحال السلف فيه.....

تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
فيوم عرفة من الأيام الفاضلة، تجاب فيه الدعوات، وتقال العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره. وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
ويوم كهذا –أخي الحاج- حري بك أن تتعرف على فضائله، وما ميزه الله به على غيره من الأيام، وتعرف كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه؟
نسأل الله أن يعتق رقابنا من النار في هذا اليوم العظيم.
فضائل يوم عرفة
1-إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آيه؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) "المائدة: 3" قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

2-
قال صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) "رواه أهل السّنن". وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (نزلت –أي آية (اليوم أكملت)- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد).

3-
إنه يوم أقسم الله به:
والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: (وشاهد ومشهود) "البروج: 3"، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة..) "رواه الترمذي وحسنه الألباني".
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: (والشفع والوتر) "الفجر: 3" قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.

4-
أن صيامه يكفر سنتين:
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) "رواه مسلم".
وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

5-
أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم.
فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) "الأعراف: 172، 173" "رواه أحمد وصححه الألباني"
فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق !

6-
أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف:
ففي صحيح مسلم عن عائشة _رضي الله عنها_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني".

وينبغي على الحاج أن يحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة ومنها:

* حفظ جوارحه عن المحرمات في ذلك اليوم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له) "رواه أحمد.

*
الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل… ) "رواه مسلم"

*
الإكثار من الدعاء بالمعفرة والعتق في هذا اليوم، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) "رواه الترمذي وحسنه الألباني".
فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدى في عدائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويلح في الدعاء، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء.

*
ولتحذر _أخي الحاج _من الذنوب التي تمنع المغفرة في هذا اليوم، كالإصرار على الكبائر والاختيال والكذب والنميمة والغيبة وغيرها، إذ كيف تطمع في العتق من النار وأنت مصر على الكبائر والذنوب؟! وكيف ترجو المغفرة وأنت تبارز الله بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟!

* ومن آداب الدعاء في هذا اليوم أن يقف الحاج مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، متضرعاً إلى ربه معترفاً بتقصيره في حقه، عازماً على التوبة الصادقة.

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة
قال ابن القيم _رحمه الله _ :
لما طلعت شمس يوم التاسع سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفة، وكان معه أصحابه ، منهم الملبي ومنهم المكبر، وهو يسمع ذلك ولا ينكر على هؤلاء ولا على هؤلاء، فنزل بنمرة حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عرنة، فخطب الناس وهو على راحلته خطبة عظيمة قرر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها.
وخطب صلى الله عليه وسلم خطبة واحدة، لم تكن خطبتين، فلمّا أتمها أمر بلالاً فأذن، ثم أقام الصلاة، فصلى الظهر ركعتين أسرّ فيهما بالقراءة، ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضاً ومعه أهل مكة وصلوا بصلاته قصراً وجمعاً بلا ريب، ولم يأمرهم بالإتمام، ولا بترك الجمع.
فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف، فوقف في ذيل الجبل عند الصخرات، واستقبل القبلة، وجعل جل المشاة بين يديه، وكان على بعيره، فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس، وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عرنة، وأخبر أن عرفة لا تختص بموقفه ذلك، بل قال: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف).
وأرسل إلى الناس أن يكونوا على مشاعرهم ويقفوا بها، فإنها من إرث أبيهم إبراهيم، وهنالك أقبل ناس على أهل نجد، فسألوه عن الحج فقال: (الحج عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه). وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره، وأخبرهم أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
فلما غربت الشمس، واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض إلى عرفة، وأردف أسامة بن زيد خلفه، وأفاض بالسكينة، وضم إليه زمام ناقته، حتى إنّ رأسها ليصيب طرف رحله وهو يقول: (يا أيها الناس، عليكم السكينة، فإن البر ليس بالإيضاع) أي: ليس بالإسراع.
وكان صلى الله عليه وسلم يلبي في مسيره ذلك، ولم يقطع التلبية، فلما كان في أثناء الطريق نزل صلوات الله وسلامه عليه فبال، وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة: الصلاة يا رسول الله، فقال: (الصلاة- أو المصلى- أمامك).
ثم سار حتى أتى المزدلفة، فتوضأ وضوء الصلاة، ثم أمر بالأذان فأذن المؤذن، ثم قام فصلى المغرب قبل حط الرحال وتبريك الجمال، فلما حطوا رحالهم أمر فاقيمت الصلاة، ثم صلى عشاء الآخرة بإقامة بلا أذان، ولم يصل بينهما شيئاً ثم نام حتى أصبح، ولم يحي تلك الليلة، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء.


من أحوال السلف بعرفة
أما عن أحوال السلف الصالح بعرفة فقد كانت تتنوع :
فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي. وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!.
ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء: قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.


العبد بين حالين
إذا ظهر لك _أخي الحاج_ حال السلف الصالح في هذا اليوم، فاعلم أنه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حالهم.
والخوف الصادق: هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله تعالى، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
والرجاء المحمود: هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راج لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راج لمغفرته وعفوه.
قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) "البقرة: 218".
فينبغي عليك أخي الحاج أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء؛ فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه.


هنيئاً لمن وقف بعرفة
فهنيئاً لك أخي الحاج، يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجارون الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص الله من التوبة وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أعسر الأوزار فكه وأطلقه وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: ما أراد هؤلاء؟ لقد قطعنا عند وصولهم الحرمان، وأعطاهم نهاية سؤالهم الرحمن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



المصدر شبكة الإسلام اليوم


فضل يوم عرفة وحال السلف فيه

............................................. ............................................. .................................
رسالة الى أهل عرفة ومزدلفة ومنى....


تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك


الحمد لله الذي أعان على العبادة ويسر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن نعم الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وأعظم النعم وأجلها نعمة الإسلام التي أكرمنا الله بها، فله الحمد والشكر على منه وفضله (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين).
فكم على وجه الأرض مِن كافر حرم نعمة الإسلام؟ وكم من حسيب ووجيه؟ وكم من تاجر ورئيس أغلق دونه الباب؟ فلك الحمد –ربنا- كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
ثم من نعمة الله عليك -أيها الحاج- أن أظلك برحمته ويسر لك سبل الحج، فلم يمنعك مرض، أو قلة مال، أو خوف طريق أو غيرها من التأخر عن أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الذي بشر النبي صلى الله عليه وسلم من أداه بقوله: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) "متفق عليه".
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) "رواه مسلم". فالحج ركن من أركان الإسلام، والحج أعظم الأعمال بعد الإيمان والجهاد، وهو من أفضل القربات ويهدم ما قبله.
وأبشر بيوم تقال فيه العثرة، وتغفر فيه الزلة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة) "رواه مسلم".
فهنيئاً لك هذا الخير العظيم، وهذه النفحات الإيمانية التي تغسل أدران المعاصي والذنوب. وأوصيك بتقوى الله والإخلاص في العمل، والبعد عن الرياء والعجب، وعليك بالإنابة والإخبات والذل لربك عز وجل، وأحمده على نعمة أداء هذا الركن العظيم.

وإليك وقفات يسيرة ، لا تغبْ عن بالك:
أولاً:
تذكر أنك في أيّام عظيمة وهي أيام عشر ذي الحجة، قال صلى الله عليه وسلم: (ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر)، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: (ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) "رواه البخاري".
وسئل ابن تيمية – رحمه الله – عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان أيهما افضل؟
فأجاب: (أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة).
قال ابن حجر –رحمه الله- في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره).
ثانياً:
أنت في بلد الله الحرام مكة. وهو بلد تضاعف فيه الحسنات وكذلك السيئات يعظم إثمها، وقد توعد الله عز وجل من يرد فيه الفساد بعذاب اليم، وقال تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم).
قال ابن كثير رحمه الله: (أي يهم بأمر فظيع من المعاصي الكبار). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبغض الناس إلى الله ثلاثة)، وذكر منهم: (ملحد في الحرم) "رواه البخاري" قال في فتح الباري: (وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: (لو أن رجلاً هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقة الله عذاباً أليماً)، هذا فيمن هَمّ فكيف بمن عمل!
وأحرص -أيها المسلم- على تعظيم الله إنه جل وعلا يقول: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
ثالثاً:
في هذا الموسم والمكان فرصة للتوبة إلى الله عز وجل، ومحاسبة النفس على تقصيرها، وخطمها بخطام العودة والإكثار من دموع الندم والتوبة، ويكفي ما امتلأت به الصحائف من الذنوب والآثام، ويكفي ما مضى من العمر، وفيه ما فيه من تفريط وغفلة.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد) قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم ميعادكم وعرضـكم على ربكم).
قال مالك بن دينار –رحمه لله-: (رحم الله عبداً قال لنفسـه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله، تعالى، فكان لها قائداً).
رابعاً:
لقد تركت أهلك وديارك وأموالك وأولادك راغباً فيما عند الله عز وجل، فلا تضيع هذه الأوقات الثمينة، وفرّغ نفسك من لقاء الناس وكثرة الحديث، وتفرغ لأمر آخرتك، واستشعر هول المطلع وعظمة الجبار.
خامساً:
لابد أن يكون الصبر لك شعاراً ودثاراً فتجمل به واحرص عليه، فأنت في عبادة عظيمة تصاحبها مشقة السفر ووعثائه، وقلة الزاد وضيق المركب، وكثرة الزحام وطول الطريق، فلا تتأفف ولا تتذمر، ولا تدافع من حولك، وعليك بالرفق والسكينة.
عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل فقال: (أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع- يعني الإسراع) "متفق عليه".
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (أيها الناس السكينة، السكينة) "رواه مسلم".
ومن خطبة لعمر بن عبدالعزيز –رحمه الله- بعرفات أنه قال: (ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له).
سادساً:
تذكر أيها -الأخ المسلم- أن الله عز وجل حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً، وحرم إيذاء المؤمنين والمؤمنات. فاحذر أن يزل لسانك بكلمة جارحة أو يدك بدفع أحد الحجاج، أو بالاستعلاء والتكبّر عليهم وازدرائهم.
وابتعد عن الرفث والفسوق في الحج. قال تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) قال ابن سعدي – رحمه الله-.
الرفث: هو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصاً عند النساء بحضرتهن.
الفسوق: هو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام.
الجدال: هو المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة.
المقصود من الحج: الذل والإنكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مفارقة السيئات، فإنه بذلك يكون مبروراً، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء، وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنه يغلظ المنع عنها في الحج.
سابعاً:
وأنت في هذه الايام المباركة.. استشعر أن الوقت محدود سريع الانقضاء، فانزع إلى خير الصحب ، وأفضل المرافقين، وابحث عن أحرصهم على تكبيرة الإحرام وأداء النوافل وقراءة القرآن، واجعله لك معيناً ومساعداً، وليكن هو رفيق الرحلة الذي يعينك ويشد من أزرك على الطاعة والعبادة.
ثامناً:
الدعاء.. الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) "رواه أبو داود". فاحرص أخي الكريم على الدعاء وأكثر منه بقلب حاضر ورجاء في الإجابة، فإن الله جواد كريم، وقد اجتمع لك المكان الطاهر والزمان الفاضل وأنت حاج مسافر.. فتحرَّ فتح الأبواب ، وأكثر من الدعاء لخاصة نفسك ولوالديك وذريتك وادع الله عز وجل لأن يجعلك من المقبولين، واجعل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم نصيباً من الدعاء.. بأن يصلح أحوالهم وأن يهديهم سواء السبيل.
تاسعاً:
في هذا المجتمع يكثر اختلاء الرجال بالنساء وعلى كل مسلم ومسلمة أن يحرص على البعد عن المزاحمة مع غضّ البصر. قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)، وقال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن).
قال ابن كثير – رحمه الله-: (وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم لما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً).
والنبي صلى الله عليه وسلم يذكر علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- وهو من هو في الورع والتقى، فيقول صلى الله عليه وسلم: (يا علي، إن لك كنزاً في الجنة فلا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) "رواه أحمد".
وهذا ابن سيرين –رحمه الله- يقول: (إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها..) فاستحضر -يا من أنت في بلد الله الحرام- عظيم الذنب وقرب الرحيل، وتذكر يوماً تتطاير فيه الصحف، وتشيب فيه الولدان.
هذا وقد فتح الله لك أبواباً كثيرة للخير ومنها:
1-
الحرص على أداء الصلاة في وقتها، وعود نفسك أن تأتي مع الأذان فأنت في إجازة تامة من أعمال الدنيا، و متفرغ للطاعة والعبادة، وأعظمها بعد الشهادتين أداء الصلاة.
قال صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لا يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه) "متفق عليه".
2-
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلة عظيمة في الإسلام، وعده بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، وقدمه الله -عز وجل- على الإيمان في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)، وقدمه الله -عز وجل- في سورة التوبة على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)، وفي هذا التقديم بيان لشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعظم منزلته وخطر تركه. ودرجات تغيير المنكر ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) "رواه مسلم".
ومجالات الأمر بالمعروف كثيرة في موسم الحج منها: إقامة الصفوف حال الصلاة، وتنبيه الغافل، وتعليم الجاهل، وإبعاد النساء عن الرجال، والأمر بالحجاب والتحذير من السفور. والمسلمة تعلم النساء كيفية الصلاة الصحيحة وأحكام الطهارة، وتحذرهن من البدع والشرك، وتأمرهن بالحجاب، وغيـر ذلك.
3-
الدعوة إلى الله -عز وجل- باب عظيم من أبواب الخير قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً) "رواه مسلم".
ويتم ذلك بتعليم الجاهل، والغافل، وتوزيع الكتب الشرعية والأشرطة الإسلامية، والدلالة على مكان الدروس والمحاضرات وغيرها كثير.
وأهيب بالإخوة الذين لديهم علم شرعي، أو ملكات أدبية المشاركة في أنشطة المخيمات، فكم اهتدى في هذه الرحلة من شخص، كما أن المشاركة تجعل الإخوة الحجاج أكثر قرباً وترابطاً، وإبعاداً لهم عن القيل والقال.
4-
من أعمال الحج التي كانت معروفة قديماً إطعام الطعام خاصة في أوقات الزحام، وفي الإطعام أجر عظيم. قال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام سواء أكان ذلك بإشباع جائع أو إطعام آخر صالح قال صلى الله عليه وسلم: (أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة) "رواه الترمذي".
5-
استثمر الوقت في أنواع العبادة والطاعة، وأيام الحج أيام قلائل فلا تضيعها في القيل والقال والغمز واللمز ومراقبة الناس، وانتقاد الأكل والشرب والمخيم والمكيفات، بل اسمُ بنفسك عن أمور الدنيا.
6-
بادر بإعانة المسنين ومساعدتهم؛ فإن في ذلك احترامًا وتوقيرًا لذي الشيبة ومن الرحمة بهم.
7-
توزيع الماء البارد: (السُّـقيا) حيث كثرة الزحام والعطش قال صلى الله عليه وسلم: (.. ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم) "رواه الترمذي بسند حسن".
8-
الصدقة بالمال: فإن الإنفاق من أعظم القربات وأجل الطاعات، والآيات والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة جداً، ومن بين هذا الجمع المبارك الفقير وأصحاب الحاجات، ففي إعطائهم سد لجوعتهم وتفريج لكربتهم وإغناءٌ لهم عن السؤال،حتى وإن كانت بالقليل من المال، قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، فأقرضِ الله -عز وجل- وهو غني عنك ليضاعف لك الأجر والمثوبة (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة).
قال ابن القيم – رحمه الله-: (فإن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ولو كانت من فاجر، أو ظالم، بل من كافر، فإن الله يدفع بها أنواعاً من البلاء).
9-
إشاعة السلام: في هذا التجمع الكبير وفي وسط الزحام المتتابع والحر الشديد، تكون الابتسامة طريق مودة ورحمة، ورفع للمعاناة وإظهار للترابط والتواد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) "رواه مسلم".
10-
البشاشة والتبسم: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) "رواه مسلم".
وقال عبدالله بن الحارث: (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) "رواه أحمد". ولا تكثر من الضحك والمزاح فإنها أيام عبادة وجد لا هزل وضحك.
11-
تفريج الكرب: في السفر يحصل بعض المتاعب والمصاعب وفي إعانة المسلمين وتفريج كربهم خير عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة) "متفق عليه". ومن صور تفريج الكرب إرشاد التائهين وإيصال المنقطعين، وإعانة المحتاجين.
12-
التضحية والإيثار: لقد كان من سمات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم التضحية والإيثار وتقديم إخوانهم المسلمين على أنفسهم في المأكل والمشرب، وتحمل الجهد والعناء عنهم.
13-
حسن الصحبة: للصحبة آداب يحسن بك معرفتها، فأنت في سفر، والسفر يسفر عن أخلاق الرجال.
واحذر كثرة السؤال والتدقيق والتحدث في كل شيء، قال صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه) "رواه الترمذي".
14-
الاستئذان عند الدخول والخروج: عند الرغبة في الذهاب للحرم، أو رمي الجمرات أو غيرها، لابد من إعلام المسؤول ليعرف وجهة كل فرد حتى يسهل ترتيب العمل، كما وأن ذلك أدعى لعدم التفرق والضياع.
15-
اجعل لك في هذه الأيام المباركة جدولاً لحفظ سورة من كتاب الله عز وجل ولتكن: سورة البقرة، أو الكهف، أو سورة النور مثلاً، واستعن بالله وسوف يفتح الله على قلبك.
16-
حافظ على قدر المستطاع على نظافة المكان الذي تنزل فيه، والطريق الذي تسير فيه، ومن أوجه الصدقة إزالة الأذى عن الطريق.
17-
من آداب السفر الشرعية اتخاذ أمير في السفر قال صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) "رواه أبو داود". وهذا أدعى للاتفاق والبعد عن كثرة الآراء وتعددها.

أخي الكريم:
-
احذر العُجب والمباهاة بعملك، فإن الله -عز وجل- هو الذي وفقك وأعانك، وهو الذي هداك، فلا تعجب بعملك فإنه قليل في جنب الله عز وجل، بل استشعر عظمة خالقك وسعة مغفرته، وادعه عز وجل أن لا يكلك إلى عملك، ولا إلى نفسك طرفة عين.
-
تجنب أن تسود عملك الصالح بالمن والأذى، ولا تردد أقوال بعض الجهلة "تعبنا"، "الزحام كثير"، "والحر شديد" و"خسرت كذا…" واصبر واحتسب فالعبادة فيها مشقة وطول طريق واجتماع كبير، تحدث خلاله أمور على غير ما اعتدت عليه في بلدك.
-
تأمل غربتك في مكة وهن أيام قلائل، ووسائل الاتصال متاحة! فكيف هي حالك في غربة القبر ووحشته؟!
واعلم.. أنك تموت وحدك وتحاسب وحدك وتبعث وحدك، فاستعدّ لهذا اليوم وما بعده.
-
أكثر من الدعاء أن يتقبل الله حجك وأن يكتب لك أجرك وأن يثبتك على دينه حتى تلقاه .
الحال بعد العودة:ها أنت قد حججت إلى بيت الله الحرام، وأكرمك الله عز وجل بأداء هذه الشعيرة العظيمة، فادعُ الله عز وجل أن تكون قد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، وأبشرك بحديث الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: (ما أهل –يعني لبّى- مُهِلّ ولا كبّر مكبّر قط إلا بشر بالجنة) "صحيح الجامع الصغير 5445".
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ترفع إبل الحاج رجلاً ولا تضع يداً إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة) "صحيح الجامع الصغير: 5472).
وها قد عادت صحائفك بيضاً، فماذا الحال بعد هذا العفو والعتق؟! هل تعيد السيرة الأولى من كثرة الذنوب والآثام؟ أم تسارع إلى ملء الصحف بالطاعات وكثرة العبادة ؟!
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلها صواباً خالصة لوجهه الكريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


المصدر شبكة الإسلام اليوم


رسالة إلى أهل عرفة ومزدلفة ومنى



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-15-2010, 11:03 AM   #56
 
الصورة الرمزية صمتي مهابه
 

صمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهرصمتي مهابه له مستقبل باهر
افتراضي رد: (الحــــج) وكل مايتعلق... بالحج...

الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة...


تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك

الحمد لله اللطيف الخبير، العلي الكبير، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:
فهنيئاً لكم حجاج بيت الله عزمكم وقصدكم.. هنيئاً لكم استجابتكم لأمر ربكم حين قال: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) "الحج: 27".
أمـــــــا والذي حج المحبون بيته *** ولبــــــوا له عند المهل وأحرموا
وقـد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً *** لـــــعــزة من تعنو الوجوه وتسلم
يـــهــلون بالبطــــــحاء لبيك ربنا *** لك الــحمد والملك الذي أنت تعلم
دعــــاهم فلبوه رضـــــــا ومحـبة *** فلما دعـــــــوه كــــان أقرب منهم
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولــــــــــــم تثنهم لذاتهم والتنـــعم
الحج _أيها الأحبة_ الركن العظيم والفرض الجليل.. إنه أعظم القربات، وأفضل الطاعات..
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله)، قيل :ثم ماذا؟ قال: (جهاد في سبيل الله)، قيل : ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور) "متفق عليه".
وهو موسم الخيرات، وفرصة عظيمة لمحو الخطايا والسيئات.
فعن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد) "رواه أحمد والترمذي والنسائي".
وفي الصحيحين عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه).
وحين لامس الإسلام شغاف قلب عمرو بن العاص –رضي الله عنه- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبسط يمينك فلأبايعْك، فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه، فقبض عمرو يده، وقال عليه الصلاة والسلام: (مالك يا عمرو)، قال : أردت أن أشترط، قال صلى الله عليه وسلم: (أتشترط بماذا)، قال: أن يغفر لي، فقال عليه الصلاة والسلام: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله) "رواه مسلم".
وجاءت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،ألا نغزو ونجاهد معكم، فقال عليه الصلاة والسلام: (لكُنّ أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور)، قالت: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) "رواه البخاري".
وهو طريق يسير لرضا الرحمن، والفوز بالجنان. فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) "متفق عليه".
الله أكبر.. جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ينالها العبد بعد رحمة الله وتوفيقه متى ما وفق للبر في حجه.
أخي الحاج:
كأني بك وقد اشتاقت نفسك للمغفرة والرضوان.. وتاقت روحك لنعيم الجنان.. وكأني بك تتساءل عن السبيل للوصول إلى هذا الفضل المذكور، وتهفو نفسك للحج المبرور.. فتعال- يرعاك الله- لنتذكر شيئاً من صفات الحج المبرور وشروطه.. فمن صفات الحج المبرور:
تحقيق التوحيد
فتوحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة مقصد كل فريضة، وهدف كل عبادة.. قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) "البيّنة: 5".
وهو يتأكد في الحج خاصة ولذا كان شعار الحج "التلبية"، وهي إقرار بتوحيد الله لا شريك له، فعن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه قال: كان تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لكل والملك لا شريك لك) "متفق عليه".
فلا يدعو إلا الله، ولا يعتمد ويتوكل على غيره، ولا يصرف شيئًا من العبادات من ذبح ونذر ودعاء وجميع العبادات القلبية والقولية والعملية لأحد سواه، سواء أكان ملكاً مقرباً أم نبياً مرسلاً أم رجلاً صالحاً أم وثناً أم قبرأ أم غيرها.
فالله أغنى الشركاء عن العمل المشرك فيه، ولذا يقول سبحانه في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) "رواه مسلم".
فاحرص –سددك الله- على تنقية إيمانك من كل ما يشوبه، وليكن شعارك: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) "الأنعام: 162-163".
الإخلاص
فالإخلاص شرط أساس لقبول العمل، قال تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) "الملك: 2".
قال الفضيل بن عياض- رحمه الله- أي أخلصه وأصوبه.. فجاهد نفسك على إخلاص نيتك وعملك لله وحده، واحذر من أن يحبط عملك رياء أو سمعة، وراقب الله وحده، ولا تهتم بثناء ونظر من سواه، فقد روي ابن ماجة عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم أولا تساوي ثم قال: (اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة).
التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) "الأحزاب: 21".
فينبغي للحاج أن يحرص على صحة عمله، وذلك بأن يتعلم مناسك حجه وواجباته وسنته كما شرعها الله تعالى ورسوله، وليحرص على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أوامره ونواهيه وحركاته وسكناته فهو الأسوة والقدوة.
فعن جابر –رضي الله عنه- قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته ويقول: (لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) "رواه مسلم".
التوبة النصوح
فما أجمل أن يبدأ المسلم نسكه بتوبة نصوح، يبرهن بها على صدق نيته وقصده..
فاجعلها منطلقك إلى الحج، وأعلنها توبة نصوحاً لله تعالى من كل إفراط وتقصير.
فالله تعالى جواد كريم يفرح بتوبة عبده مع غناه عنه، وهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) "رواه مسلم".
فاعزم على التوبة والاستغفار، واجعلها توبة نصوحاً خالصة لله استجابة لأمره حين قال: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) "التحريم: 8".
النفقة الحلال
فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، فاحرص –وفقك الله- على تحري النفقة الطيبة.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس،إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملواصالحاً إني بما تعملون عليم)، وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب .ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك).
إقامة ذكر الله
فإن ذكر الله تعالى وتحميده وتسبيحه وإجلاله من مقاصد الحج الكبرى.
قال تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) "الحج: 27-28".
وقال تعالى: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم) "البقرة: 198".
وقال سبحانه: (واذكروا الله في أيام معدودات) "البقرة: 203".
فالواجب على الحاج ألاّ يفتأ لسانه عن ذكر الله تعالى والثناءعليه، فهي وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم لمن أراد الفوز والنجاة.. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله) "رواه احمد والترمذي وغيرهما"
الإلحاح على الله بالدعاء
فالدعاء باب عظيم من أبواب العبادة.
والله تعالى يحب من عباده دعاءه ورجاءه، ولذا قال سبحانه: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) "غافر: 60".
وقال سبحانه: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) "الفرقان: 77".
والحج من المواطن التي يرجى فيها إجابة الدعاء، فعن ابن عمر – رضي اله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وَفْدُ الله؛ دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) "رواه ابن ماجة".
فألِحّ على الله تعالى بالدعاء، لك ولأهلك ولأمتك، وتحرَّ أوقات الإجابة ومواطنه ، كعند الصفا والمروة ورمي الجمار وعند المشعر الحرام، وأجلها وأعظمها في يوم عرفة.
وما أدراك ما يوم عرفة.. يوم يتنزل الرحمن جل جلاله وتقدست أسماؤه فيباهي بأهل الموقف ملائكته.
فعن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يُعْتِقَ الله فيها عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟ "رواه مسلم"
وقال صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) "رواه الترمذي".
استغلال الأوقات والتزود من الصالحات
فساعات الحج محدودة وأيامه معدودة.
فاحرص على التزود فيها بالصالحات، واستغلالها فيما يرضي رب الأرض والسماوات..
كالذكر والدعاء وقراءة القرآن وحضور حلق الذكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وليكن لك نصيب وافر من الدعوة إلى الله تعالى بالكلمة الطيبة، والشريط والكتاب النافع، فقد قال جل من قائل: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) "فصلت: 33".
واحرصْ- وفقك الله على كل خير- على الإحسان إلى الحجاج ونفعهم والصبر على أذاهم، فهم وفد الله والإحسان إليهم سبيل ميسر للوصول إلى الحج المبرور، فعن جابر –رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة)، قالوا: يا نبي الله ما الحج المبرور؟ قال: (إطعام الطعام وإفشاء السلام) "رواه أحمد".
واعلمْ أن أكمل الطاعات وأجلها المحافظة على الفرائض التي افترضها الله على عباده كالصلاة والصيام والحج والبعد عن المحرمات..، وأن النوافل طريق لمحبة الله ورضاه، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه".
البعد عن الرفث والفسوق والجدال
قال الله تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله) "البقرة: 197".
وقال صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) "متفق عليه".
فأما الرفث فقد قال ابن عمر –رضي الله عنهما-: هو إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء، إذا ذكروا ذلك بأفواههم.. وقال عطاء بن أبي رباح: الرفث هو الجماع وما دونه من قول الفحش.
وأما الفسوق فقد روي عن ابن عباس –رضي الله عنهما- وغير واحد من السلف بأنه المعاصي بجميع أنواعها.
والجدال هو المِراء في غير الحق.
فالواجب على الحاج البعد عن ذلك كله، وترك المعاصي وتجنبها سواء أكانت غيبة أم نميمة أم كذبًا أم سبًا أم سماعًا محرمًا أم نظرة محرمة أم شرابًا محرمًا..
ومتى حرص الحاج على الطاعات وتجنب المنكرات؛ زاد إيمانه وتقاه، وامتثل أمر ربه الذي أمره بقوله: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقون يا أولي الألباب) "البقرة: 197".
حسن الخلق
فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس) "رواه مسلم".
وعند الترمذي وأبو داود وغيرهما عن أبي أمامة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه).
فاجتهد – حفظك الله- في ذلك، وتحلّ باللين والرفق والحلم والأناة، وكن طيب القول طلق الوجه، واصبر على ما يصيبك من أذى وتقصير طمعاً في رضوان الله وجناته.
العج والثج
فقد روى الترمذي وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي الحج أفضل؟ فقال: (العجُّ والثجُّ).
قال تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) "الحج: 37".
فهي من العبادات التي يحبها الله تعالى ويرضاها، وهي من شعائر الحج، فقد روى أحمد والنسائي وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (جاءني جبريل فقال: يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج).
وعن سهل بن سعد الساعدي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من ملبٍ يلبي إلا لبّى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وَهاهنا) "رواه الترمذي وابن ماجة".
تعظيم شعائر الله وإظهار الذل والافتقار إليه
فينبغي لك أن تستشعر أنك بإحرامك وتلبيتك ومبيتك بمنى وإفاضتك من عرفات ونفرتك من مزدلفة ورميك للجمار.. إنما تؤدي عبادات تتقرب بها إلى الله تعالى.. فعظمها في نفسك، وأحيها بالذكر والافتقار إلى الله.
كان أنس بن مالك –رضي الله عنه- إذا أحرم لم يتكلم في شيء من أمر الدنيا حتى يتحلل من إحرامه.
ولما أحرم الحسن بن علي –رضي الله عنه- واستوت به راحلته أصفر لونه وارتعد، ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: مالك؟ فقال أخشى أن يقول لي : لا لبيك ولا سَعْدَيْك!!
وأعلم –سددك الله- أن تعظيم شعائر الله دليل التقوى والصلاح، قال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) "الحج: 32".
أخي الحاج:
هذه جملة من صفات الحج المبرور، تأملها واجتهد في تحصيلها لعلك تفوز بثوابها.. فإذا ما قضيت نسكك، وتم لك حجك، فأكثر من ذكر الله واستغفاره والتوبة إليه، فهي وصية الله تعالى لك حيث قال: (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أوأشد ذكرا) "البقرة: 200".
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: (لا إله إلا الله وحده ،لا شريك له،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) "متفق عليه".
واعلم –تقبل الله منك- أن لصلاح العمل آيات ولقبوله علامات.. قال بعض السلف: علامة بر الحج ان يزداد بعده خيراً، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه.
وقال الحسن البصري –رحمه الله- :الحج المبرور أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة.
أخي الحاج..
تقبل الله حجك، ورفع في الجنان قدرك، وأعادك إلى أهلك سالماً معافًى من الذنوب كيوم ولدتك أمك.. آمين.


المصدر شبكة الإسلام اليوم


الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة

د. محمد الركبان
............................................. ............................................. ..................................
من دروس الحج دروس عظيمة تعود آثارها على الفرد والأمة...


تحميل كتاب عن الحج......معلومات قيمه عن الحج.....تحميل محاضرة.... اهم المقالات الدينيه للحج...أمور مهمة للتحميل عن حج بيت الله...تحميل ...الحج....قراءة اهم المحاضرات...اجد المحاضرات الدينيه تهم الحجاج , حملات الحج , صور الحج ، وزارة الحج ، كيفية الحج ، مناسك الحج ، تعريف الحج ، فوائد الحج ، أركان الحج ، العمرة ، حج 2010 ، حج 1431 . حكمالحج، وقت أداءالحج، مواقيتالحج، خصائص الحرم ، خصائص البيت الحرام ، شروط وجوبالحج، أركانالحج، واجباتالحج، سنن وآداب تتعلق بالحج ، أنواع النسك


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيستفاد من الحج دروس عظيمة تعود آثارها على الفرد والأمة، وإليك أيها القارئ الكريم عرضاً مجملاً لبعض تلك الدروس خلال الأسطر التالية:
1- حصول التقوى :
والتقوى غاية الأمر، وجماع الخير، ووصية الله للأولين والآخرين، والحج فرصة عظمى للتزود من التقوى، قال تعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب) "البقرة: 197".
وقال عز وجل: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) "الحج: 32".
*
فأولو الألباب الذين خصهم الله بالنداء لتقواه ، يأخذون من الحج عبرة للتزود من التقوى، فينظرون إلى أصل التشريع الإلهي، ومكانته المهمة في الدين، ويعلمون أن صدق المحبة والعبودية لله لا يكون إلا بتقديم مراد الله على كل مراد.
*
فهذا إبراهيم الخليل – عليه السلام- ابتلاه الله عز وجل بذبح ابنه الوحيد إسماعيل، الذي ليس له سواه، والذي رزقه الله إياه عند كبر سنه؛ والذي هو أحب محبوب من محبوبات الدنيا.
*
وهذا الأمر من أعظم البلاء، وبه يتحقق الإيمان وتظهر حقيقة الامتحان؛ فالخليل أعطى المسلمين درساً عظيماً للصدق مع الله، وذلك بتقديم مراد الله على مراد النفس مهما غلا وعظم؛ فإنه عليه السلام – بادر إلى التنفيذ- مع شدة عاطفته، وعظيم رحمته ورقته وشفقته- فأفلح، ونجح، وتجاوز هذا البلاء، فرحمه الله، وشل حركة السكين عن حلق ابنه، بعد أن أهوى بها الخليل؛ ففداه الله بذبح عظيم، وجعلها سنة مؤكدة باقية في المسلمين إلى يوم القيامة؛ ليعاملوا الله – عز وجل- معاملة المحب لحبيبه ومعبوده، فيضحوا بمرادات نفوسهم ومحبوباتها في سبيل مراد الله ومحبوبه.
*
فإذا عرف الحجاج هذا المعنى، وأدركوا هذا السر العظيم الذي لأجله شرعت الهدي والأضاحي عادوا يحملون تلك المعاني العظيمة؟، التي تجعلهم لا يتوانون عن تنفيذ شيء من أوامر الله، فلا تمنعهم لذة النوم وشهوة الفراش عن المبادرة إلى القيام إلى صلاة الفجر.
*
ولا يمنعهم حب المال، والحرص على جمعه من ترك الغش، والغبن، والربا، والتطفيف، وإنفاق السلع بالأيمان الكاذبة.
*
ولا يمنعهم حب الشهوات والميل إلى النساء، والطمع في نيل اللّذة المحرمة من غض البصر، ولزوم العفة، وحفظ الفروج؛ إيثاراً لما يحبه الله على ما تحبه نفوسهم، وتنزع إليه طبائعهم، ورغبة في نيل رضا الله وعوضه في الدنيا والآخرة.
* ولا يمنعهم حب الدنيا عن الإنفاق في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
وعلى هذه النبذة اليسيرة من أعمال الحج فقس:
* وهكذا يستفيد أولو الألباب من هذا الدرس العظيم في الحج ما يتزودون به على التقوى.
2- اعتياد الذكر:
فالذكر مقصود العبادات الأعظم، والذكر يتجلى غاية التجلي في الحج، فما شرع الطواف بالبيع، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا رمي الجمار إلا لإقامة ذكر الله كما قال عليه الصلاة والسلام.
* فإذا أكثر الحاج من الذكر في تلك المواضع أنس بالذكر، واطمأنت نفسه به، وزاد قرباً من ربه، وكان داعياً لاعتياد الذكر، والإكثار منه بعد الحج.
3- اعتياد الدعاء:
فرحلة الحج من أولها إلى آخرها فرصة للدعاء والابتهال إلى الله –عز وجل- إذ يجتمع للحاج من دواعي الإجابة ما لا يجتمع لغيره من شرف الزمان، والمكان ولحال الداعي وتلبسه بتلك الشعيرة العظيمة، ولكثرة المواضع التي يشرع فيه الدعاء، وترجى الإجابة؛ فالطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، وعند المشعر الحرام، وبعد رمي الجمرة الصغرى، وبعد رمي الجمرة الوسطى، كل هذه المواضع مواضع دعاء، ومظان للإجابة.
وهذا يبعث المؤمن إلى كثرة الدعاء، وإلى اعتياده في سائر أيامه المستقبلة.

4- التعود على انتظار الفرج :
فإذا رأى الحاج جموع الحجيج المزدحمة عند الطواف، والسعي، وفي رمي الجمرات –ظن أن تلك الجموع لن تتفرق، وأنه لن يصل إلى مبتغاه من إكمال الطواف، أو السعي أو رمي الجمار، وربما أدركه الضجر، وبلغت به السآمة مبلغها، وربما أضمر في نفسه أنه لن يحج بعد عامه هذا.
وما هي إلا مدة يسيرة، ثم تنتقل الجموع، ويتيسر أداء المناسك.
*
وهذا درس عظيم، وسر بديع يتعلم منه الحاج عبودية انتظار الفرج، وهي من أجلّ العبوديات، وأفضل القربات؛ فلا ييأس بعد ذلك من روح الله، وقرب فرجه مهما احلولكت الظلمة، ومهما استبد الألم، ومهما عظم المصاب سواء في حاله أو في حال أمته، بل يكون محسناً ظنه بربه، منتظراً فرجه ولطفه، وقرب خيره- عز وجل- فيجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه، وراحته ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج معجل.
ولا بعد في خير وفي الله مطمع ولا يأس من روح وفي القلب إيمان

5- اكتساب الأخلاق الجميلة:
فالحج ميدان فسيح لمن اراد ذلك؛ فالحاج يتدرب عملياً على الحلم، والصبر، والمداراة، وكظم الغيظ من جرّاء ما يلقى الزحام، والتعب، والنصب سواء في الطريق إلى الحج، أو في الطواف، أو في السعي، أو في رمي الجمار، أو في غيرها من المناسك، فيتحمل الحاج ما يلقاه من ذلك؛ لعلمه بأن الحج أيام معدودة، ولخوفه من فساد حجه إذا هو أطلق لنفسه نوازع الشر، ولإدراكه بأن الحجاج ضيوف الرحمن؛ فإكرامهم، والصبر على ما يصدر من بعضهم دليل على إجلال الله –عز وجل-.
فإذا تحمل الحاج تلك المشاق في أيام الحج صار ذلك دافعاً لأن يتخلق بالأخلاق الجميلة بقية عمره.
*
ثم إن الحاج يتعلم الكرم، والبذل، والإيثار، والبر، والرحمة، وذلك من خلال ما يراه من المواقف النبيلة الرائعة التي تجسّد هذه المعاني؛ فهذا سخيّ يجود بالإنفاق على المساكين، وذاك كريم بخلقه يعفو عمّن أساء إليه، وأخطأ في حقه، وذاك رحيم يعطف على المساكين ويتطلف بهم، وذاك حليم يصبر على ما يلقاه من أذى، وذاك بر بوالده يحمله على عاتقه، وذاك يحوط أمه العجوز بلطفه ورعايته.
*
بل ويكتسب الأخلاق الجميلة إذا رأى من لا يدركون معنى الحج، ممن يغضبون لأدنى سبب، وتطيش أحلامهم عند أتفه الأمور.
فإذا رأى العاقل البصير سوء فعال هؤلاء انبعث إلى ترك الغضب، وتجافى عن مرذول الأخلاق.

6- تحقق الأخوة الإسلامية: فالقبلة واحدة والرب واحد، والمشاعر واحدة، واللباس واحد، والمناسك واحدة، والزمان واحد، فكل هذه الأمور تجتمع في الحج، وهي مدعاة للإحساس بوحدة الشعور، وموجبة للتآخي، والتعارف والتعاون على مصالح الدين والدنيا.
7- قيام عبودية المراقبة:
فالحاج يطوف بالبيت العتيق سبعاً ويسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ويرمي الجمار سبعاً، ويقف في عرفةفي وقت محدد، وينصرف منها في وقت محدد، ويبيت في المزدلفة في وقت محدد، وهكذا.
فلا تراه يزيد في الجمار أو ينقص، ولا تراه يفعل عملاً من أعمال الحج في غير وقته، ولا تراه يأتي محظوراً من محظورات الإحرام عالماً عامداًً.
لماذا؟ لأنه يخشى من فساد حجه، ولأنه يعلم بأن الله مطّلع عليه.
* وهذا درس عظيم يبعث المسلم إلى مراقبة الله –عز وجل- في شتى شؤونه وأعماله؛ فالمطلع على أعمال الحج مطلع على غيرها من الأعمال.
8- التعود على اغتنام الأوقات:
فالوقت رأس مال الإنسان، والوقت أجل ما يصان عن الإضاعة والإهمال.
وفي الحج يقوم الحاج بأعمال عظيمة، وفي أماكن مختلفة متباعدة مزدحمة، وفي أيام محدودة قد لا تتجاوز أربعة أيام.
*
وفي هذا دليل على أن في الإنسان طاقة هائلة مخزونة، لو استثارها لآتت أكلها ضعفين أو أكثر.
وهذا درس عظيم يبعث المسلم إلى أن يعتاد اغتنام الأوقات، وأن يحرص على ألا يضيع منها شيئا في غير فائدة.

9- انبعاث عبودية الشكر:
فالحاج يرى المرضى، والمعاقين، والعميان، ومقطعي الأطراف، وهو يتقلب في أثواب الصحة والعافية؛ فينبعث بذلك إلى شكر الله –عز وجل- على نعمة العافية.
*
ويرى ازدحام الحجيج، وافتراشهم الأرض، وربما لا يستطيع الحاج ان يجد مكاناً يجلس فيه، فيتذكر نعمة المساكن الفسيحة التي يسكن فيها، فينبعث إلى شكر الله على ذلك.
*
ويرى الفقراء والمعوزين الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم، فينبعث إلى شكر الله على نعمة المال والغنى .
*
ويرى نعمة ربه عليه أن يسر له الحج، الذي تتشوق إليه نفوس الكثيرين من المسلمين ولكنهم لا يستطيعون إليه سبيلاً؛ فيشكر الله –عز وجل- أن يسّر له الحج وأعانه على أداء مناسكه.
*
بل ويرى نعمة ربه عليه أن جعله من المسلمين، فينبعث إلى شكر نعمة الإسلام، ويعض عليها بالنواجذ، و يثني بالخناصر؛ لأن نعمة الإسلام لا تعدلها نعمة ألبتة.
وهكذا تقوم عبودية الشكر في الحج، فيكون الحاج من الشاكرين، وإذا كان كذلك درت نعمة وقرت؛ فالشكر قيد النعم الموجودة، وصد النعم المفقودة.

10- تذكر الآخرة: فإذا رأى الحاج ازدحام الناس، ورأى بعضهم يموج في بعض، وهم في صعيد واحد، وبلباس واحد، وقد حسروا عن رؤوسهم، وتجردوا من ثيابهم، ولبسوا الأردية والأزر، وتجردوا من ملذات الدنيا، ومتعها- تذكر يوم حشره على ربه؛ فيبعثه ذلك الاستعداد للآخرة، ويقوده إلى استصغار متاع الحياة الدنيا، ويرفعه على الاستغراق فيها، ويكبر بهمته عن جعلها قبلة يولي وجهه شطرها حيثما كان.
11- اعتياد مراغمة الشيطان:
فالشيطان عدو للإنسان مبين، ولقد حذرنا الله – تبارك وتعالى- من الشيطان وأمرنا بأن نتخذه عدواً، وبألا نتبع خطواته، فمراغمة الشيطان مرضاة للرب –جل وعلا-.
*
وهذا الأمر يتجلى في الحج، وأعظم ما يتجلى في رمي الجمار؛ فالحجاج لا يرمون الشيطان، وليس الشيطان بواقف لهم يرجمونه. وإنما يرجمون المواقف التي وقف فيها الشيطان لأبيهم إبراهيم، فرجمه الخليل –عليه السلام- فهم يرجمونه لا لمجرد التكرار، وإنما للانتفاع والاعتبار؛ فعليهم أن يتأملوا كيف عرف أبوهم إبراهيم الذي وقف له ليصده عن تنفيذ أمر ربه أنه شيطان؛ حيث تمثل له ثلاث مرات؛ ليثنيه عن ذبح ابنه، فرجمه إبراهيم ثلاث مرات كل مرة سبع حصيات، وقال له: ليس لك عندي إلا الرجم، فخنس وخسأ، وخاب ظنه، ونكص على عقبيه.
*
فأولو الألباب يعتبرون بهذا الجرم، ويأخذون منه دروساً وعبراً؛ إذ يعاملون كل شيطان من شياطين الجن والإنس ممن يريدون صرفهم عن طاعة ربهم بالرجم المعنوي الذي هو بغض مَنْ صدّ عن سبيل الله، وعصيانه، و مراغمته، والابتعاد عنه، والاستعاذة بالله منه.
فيعرفون أن كل من حاول صدهم عن طاعة ربهم، او فتنتهم في دينهم أنه شيطان مهما لبس من لبوس، ومهما أظهر من مودة وتصنع.
*
أيها الحاج الكريم! ما أكثر دروس الحج! وما أعظم بركاته! فليكن لك في ذلك أوفر الحظ والنصيب؛ لتفوز بسعادة الدارين، ولتكون من حزب الله المفلحين، ومن أوليائه المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


المصدر شبكة الإسلام اليوم


من دروس الحج



صمتي مهابه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التصويت لمسابقة اجمل خط باليد أوراق مبعثرة المسابقات و الالعاب 14 03-21-2012 02:57 PM
أسرار الكتابة باليد اليسرى ... سواليف عطر المواضيع العامة 5 02-12-2010 08:05 PM
إصابة مطــــر بالحد الجنـــــوبي محمــــد اخبار الحوادث والمرضى 23 01-09-2010 03:04 AM
تقويم العمود الفقري باليد يعالج آلام الظهر والصداع abuzeed العلوم الطبيعية 1 09-17-2009 04:30 AM
كل مايتعلق باختبار القدرات للصف الثالث الثانوي الوطــــــــــن مدرسة ثانوية سُهيل بن عمرو بالفائجه 0 11-10-2008 04:54 AM

Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap  دليل المنتديات


الساعة الآن 02:15 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75